Breaking News >> News >> Mangish


لا مكان للمقاومة


Link [2022-06-19 02:04:23]



تهشّمت حركة حماس على صخرة الاقتصاد الغزّاوى المريض، وانتهى المطاف بها أن تبيع الكهرباء بأسعار باهظة (نصف شيكل لكل كيلواط ساعة)، وحين وزعت عدداً من المولدات الكهربائية فى الأحياء المختلفة جبت على تشغيلها 4.5 شيكل للكيلواط ساعة، ووصلت أنبوبة الغاز المصرى إلى 20 شيكل، وتبيعها حماس بـ60 شيكل.

مؤخراً فرضت ضريبة بقيمة 1000% على السجائر، وأجبرت الخارجين من معبر رفح على دفع 3000 دولار، وهذا وفق ما ورد فى الموقع الإلكترونى لوحدة تنسيق الحكومة، كما طرحت «حملة» خاصة فقط 3000 دولار لترتيب الخروج السريع من المعبر! وهكذا رغم معدل الراتب الشهرى للغزاوى العادى الذى هو 580 دولاراً شهرياً، وإن تمكن من العبور إلى الجانب المصرى فإنه سيدفع 2.5 شيكل لعلبة السجائر فى حين العلبة تكلف 20 شيكل فى غزة وكل الباقى هو لحماس وللمهربين.

إن آليات الحركة الدعوية التى تعمل منذ عشرين سنة فى القطاع، لم تكف لتأسيس حكومة فلسطينية حقيقية، وما كان كافياً لأعمال الوعظ الدينى، الخطابات المسجدية، توزيع أموال الزكاة، وضع القنابل وإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، لتأسيس حكومة يجب أن تفى بالشروط الدولية.

ومع انهيار الأوضاع الاقتصادية برز عدد من الجماعات السلفية المتشددة، مثل: سيوف الحق، وسيوف الإسلام، وأنصار جند الله، وحزب الله الفلسطينى، وجيش الإسلام، وأخيراً داعش! وبعد سنين من مهاجمة حماس للسلطة الفلسطينية بحجة تعاونها مع إسرائيل، اضطرت أن تستعمل القوة للجم إطلاق الصواريخ من المنظمات الجهادية، فيما اتهمها هؤلاء بالتعاون مع الاحتلال، وفر بعضهم منها لداعش والقاعدة، بل وانضم عدد من كتائب القسام للسلفية الجهادية دون أن يشعر بهم أحد، مستفيدين من رواتبهم التى تدفعها المنظمة.

إن الخلل بين الشعارات القديمة (الخلافة والشريعة وتحرير الأرض من النهر للبحر) وبين الواقع دفع الكثيرين من الشباب المنخرط داخل صفوف الحركة، أن يسقطوا القناع تدريجياً عن حماس ويتركوها سراً، لقد رأوا القيادات الذين كانوا يرفضون الاعتراف بإسرائيل يتفاوضون معها من تحت المائدة عبر وسائط سرية كشفتها إسرائيل وأزاحت ورقة التوت عن سوآتهم، ثم اتصالات بالجانب الأمريكى وعشرات المرات تطلب حماس هدنة طويلة الأمد وحدوداً مؤقتة ودولة فلسطينية فى غزة، وما زالت تدرس عرض تسليم السلاح مقابل مطار وميناء، ولولا وجود حركات راديكالية أخرى فى غزة تحمل السلاح وترفض التفاوض مع إسرائيل، كانت حسمت موقفها من قضية الوطن والمقاومة، بعد أن تمتعت بلعبة السياسة وذاقت لذة السلطة، وسكنت القصور وجابت شوارع غزة بالسيارات الفارهة والحراس المدججين.

إن أخطر معضلة هى الأجندة السرية داخل حماس، ولعنة التقية، وبرامجها المعلنة التى لا تعبر بالضرورة عن نواياها الحقيقية، وهذا ينطبق على إعلانها القبول بالتداول السلمى للسلطة، وبشرعية صناديق الاقتراع، وحماية الحريات العامة، وإذ بها تقتل من يعترض من أعضائها، مرة من خلال محاكمة وإعلان توصلهما لأدلة تشير إلى الاتصال بالعدو الصهيونى، أو غيرها من الحجج، مثل محمود اشتيوى، القائد الميدانى البارز فى «حماس»، بسبب صراع نفوذ القوى فى قيادة الحركة.

إن التیار المعتدل داخل حماس والمقربین منها باتوا مهمشین بینما یمسك التیار الأیدیولوجى المتشدد المتعانق مع قیادة كتائب عز الدین القسام، الجناح المسلّح فى حماس، بزمام الأمور فى غزة ویدیر المرحلة الحالیة، وهم من حولوا غزة إلى سجن كبیر وقدموا نموذجاً «طالبانیاً» فى الحكم بمنطق أمنى وأیدیولوجى یسمح فقط بما تؤمن به وما یسیر فى اتجاه مواقفها وسیاساتها.

* نقلا عن ” الوطن”

 

الكاتب ماهر فرغلي

عنوان المقال

لا مكان للمقاومة

نقلا عن العربية نت



Most Read

2024-09-20 08:27:50