<p>وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ ف ب)</p>
تقاريرTags: مصرالولايات المتحدة الأميركيةالجماعة الإسلامية في مصروزارة الخارجية الأميركيةالإرهاباغتيال الرئيس المصري محمد أنور الساداتأعلنت وزارة الخارجية الأميركية شطب الجماعة الإسلامية في مصر من لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وذلك بعد مرور ربع قرن من إدراجها على تلك اللائحة، وهو ما رحبت به قيادات الجماعة، وطالبت السلطات المصرية بأن تحذو حذوها، وذلك بعد عامين من قرار الحكومة المصرية وضعها على قائمة الكيانات الإرهابية المحظورة، وحل ذراعها السياسية، حزب البناء والتنمية، الذي تأسس بعد أحداث يناير (كانون الثاني) 2011.
وجاء القرار الذي أعلنته الخارجية الأميركية مفاجئاً لأوساط المهتمين بالجماعات المتطرفة، وذكرت واشنطن أن الجماعة الإسلامية و5 منظمات أجنبية شملها القرار، "ستظل مصنفة ككيانات إرهابية عالمية تصنيفاً خاصاً"، موضحة أن تحتفظ بتلك التصنيفات من أجل "دعم إجراءات إنفاذ القانون أو ضمان عدم الإفراج عن الأصول المجمّدة للأفراد الإرهابيين النشطين".
أسباب شطب الجماعة
وأوضحت الخارجية الأميركية أن أسباب قرارها شطب الجماعة الإسلامية من لائحة الإرهاب تتمثل في "عدم انخراطها في الإرهاب أو النشاط الإرهابي، وعدم احتفاظها بالقدرة والنية على القيام بذلك، وكذا الاعتراف بالنجاح الذي حققته كل من مصر ودول أخرى في نزع فتيل خطر الإرهاب من خلال هذه المجموعات".
وتأسست الجماعة الإسلامية في سبعينيات القرن الماضي، حيث شهدت فترة الثمانينيات وبعض سنوات التسعينيات صداماً شديداً مع الدولة، وكان أبرز عملياتها اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات خلال عرض عسكري عام 1981، لكن قيادات الجماعة في السجون قامت بما سمّته "المراجعات الفكرية" عام 1997، وهي مبادرة لوقف العنف أسفرت عن خروج عدد من أعضائها من السجون تدريجياً.
وعلى الرغم من عدم صدور موقف رسمي من جانب الحكومة المصرية تعليقاً على القرار الأميركي، تعرض قرار واشنطن بشطب الجماعة الإسلامية من لائحة الإرهاب إلى انتقادات واضحة في وسائل الإعلام المصرية.
وقال القيادي في الجماعة الإسلامية، عبود الزمر، في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر، إن "القرار الأميركي صحيح، ومنصف، وجاء متأخراً عن حكم المحكمة الأوروبية بنفس المضمون، وأيضاً متأخراً عن الواقع الذي يؤكد غلق الجماعة ملف الصراع المسلح الذي كان في حقيقته رد فعل لتجاوزات أنظمة سابقة مستبدة".
ودعا الزمر السلطات المصرية إلى تغيير موقفها، معتبراً أنه "بعد حكم المحكمة الأوروبية، والقرار الأميركي برفع الجماعة الإسلامية من على القوائم، أرى أن الأجهزة الأمنية المصرية على علم كامل بالتزام الجماعة بمبادرة وقف العنف، ودورها الإيجابي في رعاية مصلحة الوطن وأمنه القومي، وكل هذا يدعو إلى السماح بعودة نشاط الجماعة وحزبها في إطار القانون".
وتوضح تقى النجار، الباحثة في شؤون الحركات المتطرفة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أن وزارة الخارجية الأميركية استندت إلى أن مراجعتها لتصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية يأتي مرة كل خمس سنوات من أجل الوقوف على استمرار الظروف المرتبطة بالتصنيف من عدمها، وذلك طبقاً لقانون "الهجرة والجنسية الأميركي"، غير أن القانون ذاته "حدد ثلاث حالات محتملة لإلغاء تصنيف التنظيمات الإرهابية أجنبية، يتعلق أولها بتغيير ظروف التصنيف بشكل يستدعى إلغاء التصنيف. وينصرف ثانيها إلى حاجة الأمن القومي الأميركي لإلغاء التصنيف، وثالثها إلى رؤية وزير الخارجية الأميركي حول استمرار التصنيف من دعمه. في ضوء تلك المعطيات، يمكن القول إن قرار إلغاء التصنيف يخضع لجملة من الاعتبارات السياسية والسلطات التقديرية، ولا يسند إلى معايير موضوعية".
وترى النجار أن قناعات الإدارة الأميركية تمثل رقماً مهماً في فهم الملابسات والدوافع المتعلقة بقرار إلغاء التصنيف، "فبتتبع تاريخ الإدارات الأميركية الديمقراطية نجد أنها تتبنى نظرية دمج يؤدي إلى اعتدال، والتي تعني أن دمج النظم المتشددة والتنظيمات الراديكالية في النظام الدولي سيحوّلهم إلى أنظمة وجماعات معتدلة تؤمن بالديمقراطية. وقد مُنيت هذه النظرية بفشل ذريع عند محاولة تطبيقها في مصر، في ضوء استمرار الإخوان في تبني العنف كإطار حاكم لنشاطهم".
وأوضحت الباحثة أن القرار ربما يتعلق بأهداف غير معلنة، حيث "لا يمكن استبعاد وجود عدد من الأهداف غير المعلنة خلف قرار إلغاء التصنيف، لا سيما أن قانون الهجرة والجنسية الأميركي حدد ثلاث حالات أساسية لإلغاء التصنيف، التي تخضع جميعها لسلطات تقديرية، وأبعاد غير موضوعية، كما جرت الإشارة سابقاً، بالتالي قد يأتي هذا القرار في إطار تحقيق أجندة خافية لواشنطن".
تداعيات القرار
ورحبت قيادات الجماعة الإسلامية بالقرار الأميركي، وطالبت السلطات المصرية بمراجعة قراراتها بوضع الجماعة وقيادتها على لائحة الإرهاب. واتخذت الحكومة المصرية موقفاً متشدداً من الجماعة بعد إطاحة جماعة الإخوان من السلطة عام 2013، حيث رفضت الجماعة الإسلامية إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان.
قرار الخارجية الأميركية شمل منظمة إيتا الباسكية الانفصالية، وطائفة أوم شنريكيو اليابانية، وحركة كاخ اليهودية المتطرفة، ومجلس شورى المجاهدين في محيط القدس، والجماعة الإسلامية في مصر.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المنحل والقيادي بالجماعة الإسلامية، طارق الزمر، على "تويتر"، إن القرار الأميركي بشطب الجماعة من لائحة الإرهاب يعد "ثمرة من ثمار المراجعات التي نبذت العنف منذ 1997، وأثبتت مصداقية الجماعة"، مستنكراً الهجوم الإعلامي المصري على القرار الأميركي.
وتعتقد النجار أن القرار الأميركي "قد يُسهم في تقويض جهود مكافحة الإرهاب، لا سيما أنه يتزامن مع سياق دولي وإقليمي شديد الاضطراب، حيث انشغال القوى الكبرى بتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية من جهة، ومحاولتهم البحث عن حلول للتكيف مع الأزمة الاقتصادية من جهة أخرى، إضافة إلى أنه يؤدي إلى اهتزاز صورة واشنطن".
وأضافت، "القرار يثير جملة من المآخذ حول سياسة واشنطن لمكافحة الإرهاب، فعلى الرغم من تأكيدها اتباع سياسات من شأنها مكافحة الظاهرة الإرهابية، فإن هناك عدداً من القرارات التي مثلت تناقضاً لهذه السياسات، يأتي على رأسها الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وما ترتب عليه من سقوط الدولة الأفغانية في يد حركة طالبان، ناهيك بالقرار الأميركي المتعلق بإلغاء تصنيف جماعة الحوثيين كتنظيم إرهابي، وأخيراً رفع عدد من التنظيمات الإرهابية المتورطة في أعمال دموية من قائمة الإرهاب الأميركية، بالتالي تمثل تلك القرارات اهتزازاً لصورة واشنطن بوصفها الفاعل الرئيس الدولي المنوط به مكافحة الإرهاب، إذ إن إمعان النظر فيها يحمل عديداً من التساؤلات حول جدية واشنطن في اتباع سياسة ذات فاعلية في تقويض نفوذ التنظيمات الإرهابية".
حرية الحركة
الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، يرى أن قرار الإدارة الأميركية بشطب عدد من التنظيمات المتطرفة من قوائم الإرهاب السوداء، يرفع عنها كثير من الإجراءات والعقوبات المتعلقة بتجميد الأموال، أو المنع من دخول الأراضي الأميركية، أو وضعهم على قوائم الترقب والوصول، أو التعامل مع المؤسسات الأميركية في أي بقعة جغرافية من العالم.
وأوضح فاروق، أن قرار شطب الجماعة الإسلامية من القائمة السوداء، "يتيح للعناصر الهاربة في الخارج والمطلوبة من جانب السلطات المصرية تلقى الدعم والتمويل، ويمنح حرية الحركة المطلقة دون ملاحقة، في ظل هروب عدد كبير من قياداتها المؤثرين إلى الخارج، أمثال أسامة رشدي، وعاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، ومحمد شوقي الإسلامبولي، وغيرهم، فضلاً عن عدم معاقبة أي شخص أو هيئة تدعمها مالياً أو حركياً سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
وأكد فاروق، أن الجماعة الإسلامية خرجت بهذا القرار من دائرة المراجعة الإجرائية التي تجري كل 5 سنوات للتنظيمات المتطرفة والمتورطة في أعمال عنف من قبل الإدارة الأميركية، على اعتبار أن نشطها متوقف، على الرغم من ارتباط الجماعة الإسلامية بتنظيم القاعدة لفترات طويلة، بخاصة المرحلة التي وجد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في السودان، ومشاركتها في عمليات عنف مسلح جرى تمويلها من جهات خارجية، بحسب فاروق.
وأشار فاروق إلى أن الجماعة الإسلامية، عقب سقوط نظام مبارك، هاجم كثير من قياداتها نظام الرئيس مبارك، ما يؤكد أن المراجعات الفكرية "تمت تحت ضغوط جهاز أمن الدولة حينها، وأنهم وافقوا عليها من أجل الخروج من جدران السجون، وأنهم خضعوا لقاعدة فقهية تسمى (فقه الأسير)، وتعني أن ما صدر داخل السجون لا يعبر عن الجماعة وتوجهاتها".
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية إن توقف الجماعة الإسلامية عن ممارسة العنف، "لا يعني أنها تراجعت عن أفكارها المتطرفة التي كفّرت من خلالها رموز الدولة وقياداتها، لا سيما أن عددا من عناصرها عملوا كسماسرة لتجنيد الشباب والدفع بهما لمعسكرات القتال في سوريا والعراق وليبيا، فضلاً عن مشاركة عدد من أعضائها في بعض الكيانات المسلحة، مثل رفاعي طه مسؤول الجناح المسلح ومحمد عباس، وغيرهما".
subtitle: يرى مراقبون أن القرار خضع لاعتبارات سياسية خاصة بالولايات المتحدة ولا يستند إلى معايير موضوعيةبهاء الدين عيادpublication date: الخميس, مايو 26, 2022 - 19:002024-11-05 22:43:16