<p>الرئيس الجزائري تبون يتوسط الوفد المرافق للدبيبة (الإذاعة الجزائرية)</p>
العالم العربيTags: الجزائرليبياباشاغاالدبيبةيبدو أن الأزمة الليبية عادت إلى المربع الأول وعاد معها الانقسام والاختلاف بين مختلف الأطراف المعنية، وفي حين سارت دول مع رئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين أخيراً من طرف برلمان الشرق، أعلنت أخرى دعمها لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ومنها الجزائر.
تساؤلات بعد قرار
ويتساءل متابعون حول أسباب تمسك الجزائر بعبدالحميد الدبيبة الذي التقى الرئيس عبدالمجيد تبون وعدداً من المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم رئيس الحكومة أيمن بن عبدالرحمن الذي كان في استقباله بمطار الجزائر الدولي، وهي الزيارة التي طرحت كثيراً من الأسئلة بشأن توقيتها والوفد الذي رافق رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
وقررت الجزائر الاستمرار في الاعتراف بحكومة عبدالحميد الدبيبة مقابل تجاهل نظيرتها المعينة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وأوضح الرئيس عبدالمجيد تبون في مقابلة دورية مع وسائل إعلام محلية "أن الجزائر تدعم الشرعية الدولية في ليبيا من خلال حكومة الدبيبة، وأن استبدالها يكون عبر انتخابات تفرز مجلساً نيابياً جديداً يعين حكومة جديدة"، وشدد، "نحن لن ندخل بمسار التفرقة في ليبيا، لقد تم تعيين حكومة جديدة من طرف مجلس وطني، والحكومة التي لديها شرعية دولية هي حكومة الدبيبة، ونحن ندعم الشرعية الدولية، ولن يكون شيء آخر من غير هذه الشرعية الدولية"، وأضاف أن "الموقف الجزائري هذه الأيام في شأن الأزمة الليبية يكاد يكون مخالفاً لمواقف بعض الدول، لقد كنا نسير في موقف واحد لكن تم تعيين حكومة أخرى تقررت من قبل مجلس النواب".
وأدت الحكومة الجديدة اليمين القانونية بقيادة رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا أمام مجلس النواب في الأول من مارس (آذار) الماضي، وهو الذي منحها الثقة ضمن خريطة طريق أقرها في فبراير (شباط) وعدل بموجبها الإعلان الدستوري، ولم تدخل عاصمة البلاد حيث تسيطر حكومة الوحدة الوطنية وترفض التسليم إلا عقب إجراء الانتخابات.
مبررات
وترى جهات أن الجزائر لها مبررات أخرى في دعمها لحكومة الدبيبة، وهي توتر علاقتها بالسلطات شرق ليبيا بخاصة قائد الجيش الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذي يدعم حكومة باشاغا التي جاءت بعد مصالحة بينهما تم الإعلان عنها خلال الزيارة التي قام بها باشاغا إلى بنغازي في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وكان الرئيس تبون أبدى معارضة بلاده لسيطرة الجيش بقيادة حفتر على طرابلس، وقال في تصريحات صحافية خلال يونيو (حزيران) الماضي، إن بلاده كانت مستعدة للتدخل بصفة أو بأخرى في ليبيا لوقف تقدم قوات خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس، وأبرز أن المقصود بـ " طرابلس خط أحمر هو أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وأفريقية يحتلها المرتزقة"، مضيفاً أنه "حينما قلنا خطا أحمر، حقيقة كان كذلك، فوصلت الرسالة ولم يتم احتلال طرابلس".
سببان والشرعية الدولية
ويرجع الباحث في العلاقات الدولية عدنان محتالي في تصريح مقتضب إلى "اندبندنت عربية" دعم الجزائر لحكومة عبدالحميد الدبيبة إلى سببين، يتمثل الأول في التزام الجزائر بالشرعية الدولية، وبما أن حكومة الدبيبة هي المعترف بها لدى الأمم المتحدة فإن دعمها يتماشى مع تقاليد الدبلوماسية الجزائرية، أما الأخير فيتمثل في أن حكومة باشاعا يتحكم فيها حفتر ومن يدعمه.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، يعتبر أستاذ القانون العام أبو الفضل بهلولي في تصريح خاص "أن الاعتراف الدولي بالحكومات من الناحية القانونية يخضع لحرية الدولة، ولا يوجد في القانون الدولي ما يجبر الدول على الاعتراف أو عدمه، وعليه فإنه يخضع للسلطة التقديرية لصانع القرار". وأضاف، "الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية يرجع للشرعية الدولية من خلال التصريحات الصادرة من الأمم المتحدة"، مشيراً إلى "أن حسن النية الصادر من حكومة الدبيبة مع الجزائر ومبادئ التعايش السلمي والتعاون في ظل حسن الجوار من خلال تبنيها الحل السياسي المتمثل في الانتخابات وتفكيك جماعات إرهابية، كلها عوامل تجعل الجزائر تدعم هذه الحكومة، وختم أن أغلب الأجسام في ليبيا كانت وافقت على حكومة الدبيبة والجزائر مع ما يقرره الشعب الليبي".
أي منهما ليس ممثلاً للشعب الليبي
وبحسب ما نشرت وزارة الخارجية الأميركية من محتوى اللقاء الذي جمع الرئيس تبون بمسؤولها الأول أنتوني بلينكن، "فإن الجزائر تعتبر من خلال استنتاجها أن الأشخاص الذين تم انتخابهم في ليبيا لا يمثلون أحداً وفي كل مرة يتم إجراء انتخابات فإنهم يمثلون أنفسهم فقط، والدبيبة وباشاغا أي منهما ليس ممثلاً للشعب الليبي". وأوضح تبون أن "أسوأ سيناريو في ليبيا هو وجود قوى تخوض الحروب بالوكالة، وعندما نواجه مثل هؤلاء الخصوم الأقوياء فليس الأمر متروكاً لليبيين لطردهم". وتابع أنه "عندما التقيت بليبيين في برلين اتفقنا على أن جميع الدول المعنية ببلادهم يجب أن تتفق على عدم السماح للبنادق أو المرتزقة بالوجود داخل البلاد، لكن بعد شهرين كان هناك ثلاثة آلاف طن من الأسلحة المتدفقة في ليبيا، مما يعني أن الحل في مكان آخر، وفي رأيي يمكن أن يكون من خلال الأمم المتحدة".
ضغط لإبراز طرف من دون الآخر
الباحثة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية شروق مستور ترى "أن الجزائر تعمل على دعم الحل السلمي في ليبيا، والذي يحقق طموحات الشعب الليبي في نظام ديمقراطي عادل، لهذا فإنه بالنسبة للسلطات الجزائرية تمثل حكومة الدبيبة السلطة الشرعية لامتلاكها القبول والدعم الدوليين"، وقالت "بما أن الجزائر تدعم ليبيا للتوجه نحو انتخابات تكون نتائجها معبرة عن رغبة الشعب الليبي في إيجاد الحل والانتقال الى مرحلة جديدة في ليبيا، فإن الاعتراف بالدبيبة منطقي"، مشيرة إلى "تصريح الرئيس تبون حول ضرورة استبدال الحكومة الليبية من طريق انتخابات تفرز مجلساً نيابياً جديداً يعين حكومة جديدة".
وتواصل مستور "أن أطرافاً عدة ترى عدم شرعية تحركات البرلمان الليبي، وأن حكومة الدبيبة لا تزال هي السلطة الفعلية بالبلاد، وأن تأجيل الانتخابات لا يعني إزاحة الدبيبة من السلطة بخاصة أنه مستمر في عمله على تسهيل إجراء الانتخابات في أسرع وقت"، مشددة "أنه تم تفسير تنحية الدبيبة من على السلطة بأنه ضغط لإبراز طرف من دون الآخر، وهو ما يعني الابتعاد من الحل الجامع لكل الليبيين، ويعوق الحل السلمي الليبي - الليبي".
مواقف دولية
وفي خضم التوتر الحاصل والوضع الهش، أشارت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسيل إلى أن ليبيا تقف مرة أخرى على مفترق طرق خطر خاصة مع تصلب موقف المعسكرين، مما يجعل نذر تجدد القتال واضحة للمرة الأولى منذ أنهى وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 ست سنوات من النزاعات السياسية والصراعات المتقطعة، موضحة أن الصراع على السلطة في ليبيا يخاطر بتقويض جهود إعادة الإعمار والاقتصاد بشكل عام، كما أن الخصوم السياسيين باتوا أكثر اعتمادا على الولاءات المسلحة، وقالت إن المستقبل يقرره أيضا، الداعمون الخارجيون للطرفين.
ويرى الباحث بمؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث والدراسات السياسية راجين هارشي أن "إحجام الدبيبة عن تسليم السلطة إلى باشاغا يمزق ليبيا"، مشيراً إلى "قلق الأمم المتحدة بشأن تعيين باشاغا الذي رأت أن عملية انتخابه لم ترق إلى مستوى المعايير المتوقعة"، وقال "إنه يمكن أن يتسبب التنافس على السلطة بين باشاغا والدبيبة في زعزعة الاستقرار السياسي وانتشار الفوضى في ليبيا، مما يستدعي تحقيق قدر ضئيل من الاستقرار السياسي قبل إجراء الانتخابات الرئاسية".
subtitle: هل تتمسك الجزائر بحكومة الدبيبة وتتجاهل باشاغا؟علي ياحيpublication date: الثلاثاء, أبريل 26, 2022 - 16:452024-11-06 08:17:28