<p class="rteright">يقبل المستثمرون على شراء الدولار لزيادة الطلب على العملة الأميركية (رويترز)</p>
أخبار وتقارير اقتصاديةTags: الدولار الأميركيالاحتياطي الفيدراليمعدلات التضخمتيسير الكميأسواق السنداتالعملة الأوروبيةالين اليابانيالجنيه الاسترلينيأصبح من شبه المؤكد أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي سعر الفائدة الأساسية الشهر المقبل بنصف نقطة مئوية وليس ربع نقطة، وأن يواصل تشديد السياسة النقدية بهذه الوتيرة لأشهر عدة لكبح جماح ارتفاع معدلات التضخم. ونتيجة وقف الاحتياطي برنامج التيسير الكمي، أي شراء الأصول بمقدار 120 مليار دولار شهرياً، وأيضاً بدء العمل على ضبط حساب ميزانية البنك، تشهد أسواق السندات ارتفاعاً في العائد، بالتالي هبوطاً في السعر.
ونتيجة عمليات البيع في سوق السندات، يقبل المستثمرون على شراء الدولار كملاذ آمن لقيمة ثروتهم من ناحية، ولزيادة الطلب على العملة الأميركية في ظل تدهور سعر سندات الخزينة المقومة بالدولار من ناحية أخرى. وهكذا ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي أمام العملات الرئيسة في تعاملات هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى له منذ نحو عامين، أي منذ مارس (آذار) 2020.
وحقق مؤشر سعر صرف الدولار هذا العام حتى الآن زيادة بنسبة 10 في المئة عن العام الماضي. وارتفع سعر صرف الدولار بنسبة 10 في المئة مقابل الين الياباني، وبنسبة 5 في المئة مقابل العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، حتى الآن. فإقبال المستثمرين في أسواق العملات على شراء الدولار يقابله خروجهم من عملات أخرى، ما يؤدي إلى هبوط سعر صرف تلك العملات الأخرى اليورو والين والجنيه الاسترليني.
العملة والسياسة النقدية
ومن أسباب ذلك، أن البنوك المركزية في تلك الدول والمناطق (كالبنك المركزي الأوروبي مثلاً) لا تسير في اتجاه تشديد السياسة النقدية بالوتيرة نفسها التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي. إذ بدا من الاجتماع الشهري للبنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، أن البنك الذي يضع السياسة النقدية لدول منطقة اليورو مستمر في برنامج التيسير الكمي ربما حتى الربع الثالث من هذا العام. كما أنه أبقى على سعر الفائدة في دول الاتحاد الأوروبي كما هي دون زيادة، ولا يبدو أنه سيقدم على رفعها قبل شهر يونيو (حزيران) أو ربما سبتمبر (أيلول).
موقف البنوك المركزية من تشديد السياسة النقدية بقوة كان عاملاً حاسماً في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسة الأخرى، كما يقول مارك شاندللر من شركة "بانوكبيرن غلوبال فوركس" لتداول العملات لموقع "أكسيوس". فزيادة العائد على سندات الخزينة الأميركية جعل الأصول الأميركية أكثر إغراءً للمستثمرين، على عكس سندات الخزينة في الدول والمناطق الأخرى التي لم تشهد ارتفاعاً مماثلاً في نسبة العائد عليها. وذلك ما جعل العملات الأخرى تتراجع قيمتها أمام الدولار.
يضيف شاندللر، "في ظل عمليات بيع هائلة وتاريخية للسندات، اشترى المستثمرون الأجانب كميات غير مسبوقة من الأوراق المالية الأميركية في الأشهر الستة المنتهية في فبراير (شباط)، بمعدل يصل في المتوسط إلى 126 مليار دولار شهرياً... صحيح أن هناك من كان يبيع السندات، لكن من الواضح أنها لم تكن اليابان أو البنوك المركزية. بل إن المستثمرين الأجانب كانوا من أكبر المشترين للأصول الأميركية في الشهر قبل الماضي".
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع توقف الاحتياطي الفيدرالي عن شراء الأصول مطلع العام، بدأ الآن في ضبط حساب ميزانيته. ويعني ذلك أن يبدأ في التخلص التدريجي من كميات الأصول التي اشتراها منذ بدء برنامج التيسير الكمي العام قبل الماضي في عز أزمة وباء كورونا. ومقابل بيع الاحتياطي الفيدرالي لما لديه من سندات، يقبل المستثمرون الأجانب على الشراء مع ارتفاع العائد.
تأثير ارتفاع الدولار
يأتي الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسة، بينما الأسواق تستعد لإفصاح الشركات عن آدائها المالي في الربع الأول من هذا العام. ويعد موسم إفصاح الشركات مناسبة أيضاً لتعلن الشركات للسوق عن توقعات عائداتها وأرباحها المستقبلية. ويلعب سعر صرف العملة دوراً في تحديد تلك التوقعات.
ربما لا يشعر المستهلك العادي في الولايات المتحدة بتأثير ارتفاع سعر صرف الدولار، ولا في الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي، لأن تأثير ذلك يكون غير مباشر. وإن بدا تأثير ذلك أكثر وضوحاً في الدول التي تدفع ثمن وارداتها بالدولار، قد يؤدي ذلك إلى زيادة كلفة الاستيراد ويتم تحميل تلك الزيادة على الأسعار للمستهلكين.
أما في الولايات المتحدة والدول التي تربط عملاتها بالدولار، فإن ارتفاع سعر صرف الدولار يعني أن الاستيراد يكون أقل كلفة، ما يجعل الواردات أرخص للمستهلك النهائي.
لكن المتضرر يكون الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات، وتعد شركات السيارات مثلاً أكثر حساسية للتغيرات في سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسة الأخرى. فعلى سبيل المثال، وصل سعر الدولار الآن مقابل الين إلى أعلى مستوى له في 20 عاماً، بالتالي تخشى شركات صناعة السيارات الأميركية من إغراق السوق الأميركية بالسيارات اليابانية الأرخص.
هناك أيضاً الشركات التي تعمل في أسواق مختلفة وتحول عائداتها وأرباحها للولايات المتحدة بالدولار، فشركة مثلاً سلاسل محلات الأطعمة السريعة "ماكدونالدز" ستشهد تراجعاً كبيراً في قيمة عائداتها وأرباحها من أعمالها في الخارج، لأن تلك العائدات بالعملات الأخرى تقل حين يتم تحويلها إلى الدولار.
subtitle: زيادة العائد على السندات وهبوط سعرها يدفع المستثمرين للإقبال على العملة الخضراءأحمد مصطفىpublication date: السبت, أبريل 23, 2022 - 10:452024-11-06 20:50:58