<p>مسلسل "جيش الأب" دام عرضه ثلاث سنوات أكثر من مدة الحرب العالمية الثانية (بي بي سي)</p>
تحلیلTags: بوريس جونسونونستون تشرتشلالمملكة المتحدةبريطانيا العالميةعندما كنت في سن المراهقة، وبينما كان معظم أصدقائي وفق ما أفترض يمضون وقتهم مع ألعاب الفيديو مثل "سونيك دور" Sonic the Hedgehog ومشاهدة مواسم مسلسل الأكشن "بيووتش" Baywatch ، كنت صبياً في الثالثة عشرة من عمره مفتوناً بالحرب العالمية الثانية، غارقاً بين صفحات كتاب "تشرشل: حياة" للمؤلف مارتن غيلبرت. أتخيل أن بوريس جونسون كان يقرأ الكتاب في نفس الوقت تقريباً، وهو يخطط لمستقبل سياسي على خطى بطله تشرشل.
في الأوقات التي لم أكن أقرأ عن تشرشل، أو أزور متحف الحرب الإمبراطوري القريب في دوكسفورد، كنت أخصص بعض الوقت لمشاهدة التلفزيون- لم أكن شخصاً مملاً إلى هذه الدرجة! كنت أشاهد عدداً من الأفلام الوثائقية التي تتناول موضوع الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، تلك البرامج الجديدة المستلهمة من الذكرى الخمسين لمعارك أو أحداث مختلفة. وعندما أريد مشاهدة برامج أخف، كانت "بي بي سي" تعيد بشكل شبه دائم حلقات من المسلسل الكوميدي الشهير "جيش الأب" Dad’s Army.
الأسبوع الماضي، وبينما كان رئيس الوزراء ووزير الخزانة يقاومان الدعوات المطالبة باستقالتهما بسبب مشاركتهما في حفلات كوفيد [فضيحة تعرف بـ"بارتي غيت"] في داونينغ ستريت، بُذل كثير من الجهد (من قبل النواب المحافظين المخلصين على الأقل) للتأكيد على الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار في زمن الحرب. أشار كثير من المعلقين إلى أن بريطانيا شهدت تغيرات مختلفة في القيادة خلال الحروب الماضية- ليس أقلها تلك التي جلبت تشرشل إلى السلطة. وأشير أيضاً إلى أن المملكة المتحدة ليست في حالة حرب في الواقع، وفي حين يبدو واضحاً أن الوقوف بقوة في صف أوكرانيا هو التصرف الصحيح من غير شك، فإن بوريس جونسون بالتأكيد ليس الوحيد القادر على التوقيع على صفقة أسلحة.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن ضمن هذه المعطيات، ربما يرى رئيس الوزراء الحالي أن هذه هي حقاً اللحظة التي سترفعه إلى مصاف تشرشل الثاني: كانت قيادة البلاد خلال وباء كورونا مجرد مقدمة ليقود الحكومة في زمن الحرب. صحيح أن أفعاله لم تصل إلى الحد الذي بلغه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تخلى عن أناقته وارتدى كنزة قطنية وسروال جينز على طراز ملابس زيلينسكي، وارتضى تلطيخ وجهه بالطين لإظهار التضامن مع الشعب الأوكراني. مع ذلك، من الواضح أن هناك شعوراً لدى الحكومة بأن الوضع الراهن هو فرصة لبريطانيا وبوريس، لإظهار قوتهما على المسرح الدولي، والوقوف بحزم ضد دولة ديكتاتورية معتدية. يجب ألا يُسمح لانتهاك بسيط للقانون للاحتفال بعيد ميلاد [بارتي غيت] أن يكون عائقاً أمام ذلك.
على كل حال، جونسون ليس تشرشل. قد تكون المقارنة بينه وبين شخصية الكابتن مينوورينغ من مسلسل "جيش الأب" أكثر واقعية: المبالغة في الاعتداد بنفسه، والتبجح، والظهور بسحنة منهكة بين الحين والآخر. قد يكون الاعتراض على هذه المقارنة هو أن مينوورينغ كان على الأقل يلتزم باتباع القواعد بحذافيرها، الأمر الذي يصعب قوله عن رئيس الوزراء. حتى أن القائد الخيالي قاوم في المسلسل الكوميدي فرصاً لإقامة علاقات غرامية خارج نطاق الزواج.
إذا كان جونسون نسخة معاصرة من الكابتن مينوورينغ، فإن ريشي سوناك اللطيف قد ينجح في دور الرقيب ويلسون: عذب اللسان، يبدو غير منزعج إلى حد كبير في وجوده في الموقع الثاني، لكنه مهدد على ما يبدو بافتضاح أمره في قضية أو اثنتين (حيث يحتل اسم سوناك الآن صدارة الصفحات الأولى لوسائل الإعلام البريطانية). وفي حال قام سوناك بمغادرة الفصيل ليشغل منصباً في الولايات المتحدة، فيسكون وزير فرص "بريكست" جاكوب ريس موغ راغباً في الحلول محله [شغل منصبه والترفع].
أما قسوة سياسة وزيرة الداخلية بريتي باتيل فقد يناسبها مع دور الجندي فريزر، على الرغم من أن الإدانة السيئة التي تعرضت لها وزيرة الخارجية ليز تراس بشأن حجم الاستيراد البريطاني من الجبن قد يدعم حظوظها في لعب الدور إذا لم تكن باتيل مستعدة لذلك. وبالمثل، قد تكون المعركة من أجل لعب شخصية الجندي الأول جاك جونز حامية الوطيس بين وزير تحسين أوضاع المناطق والإسكان والمجتمعات المحلية مايكل غوف، الذي بدا على القدر نفسه من توتر جونز عندما كان يصفق بحماس في مؤتمر حزب المحافظين عام 2013، ووزير العدل دومينيك راب الذي ربما لا يزال يشعر بالذعر حيال مدى اعتماد التجارة البريطانية على معبر قنال دوفر- كاليه.
أما بالنسبة لشخصية الجندي بايك الملقب بـ"الفتى الغبي"، هناك دعوات لعودة النائب غافن ويليامسون إلى هذا الدور، لكن عليه الحذر من الاختناق بالوشاح الصوفي الطويل الذي تشتهر الشخصية بارتدائه. العثور على الشخص المناسب للعب دور الجندي غودفري أكثر صعوبة. فهو بحاجة إلى إنسان لطيف وكيّس، يتمتع بتاريخ يشتمل على بطولات غير صاخبة، من غير أن تشوبه فضيحة ولا جشع. لا يوجد في الحكومة من يصلح للدور.
وأخيراً، نصل إلى دور الجندي ووكر، آخر شخص من تشكيلة الشخصيات الأولى الموجودة في الفصيل الكائن في منطقة "ولمينغتون أون سي" المتخيلة في المسلسل: شخصية مراوغة، تنخرط في السوق السوداء، ولا شك أنها تبقي التزاماتها الضريبية منخفضة، وربما تخالف القانون من وقت لآخر. أستطيع رؤية قائمة لا نهاية لها بالأسماء المرشحة لهذا الدور.
وهكذا، لدينا فريق عمل متنوع من الوزراء، يساعدون في إعادة تصور "بريطانيا العالمية" التي كان يحلم بها القائد الكوميدي، ويضمنون أننا جميعاً نتبنى "خطة إعادة البناء بشكل أفضل" التي اقترحها جو بايدن في هذه الأوقات الصعبة والحفاظ على أمان البلاد ضد التهديدات الخارجية. هل سيكون تشرشل فخوراً بهذا، هل سيكون الكابتن مينوورينغ فخوراً؟ عندما يرى معظمنا الطريقة التي تسير بها البلاد، قد يصلون إلى نفس النتيجة التي توصل إليها أطفالي عندما شاهدوا مسلسل "جيش الأب": إنه ليس ممتعاً.
subtitle: يرى رئيس الوزراء البريطاني في تشرشل قدوة وفي قيادته وقت الحرب نموذجاً يحتذى به، لكن رئيس الوزراء الذي يقاوم الآن مطالبات بتنحيه هو أقرب إلى قائد خيالي في السلسلة الكوميدية "والمينغتون أون سي" منه إلى الأيقونة البريطانية الشهيرةويل غورpublication date: الجمعة, أبريل 22, 2022 - 12:002024-11-06 22:44:58