<p>رئيس "روسوترودنيتشيستفو" في المملكة المتحدة (في الوسط) مع عدد من الحاضرين في "المؤتمر الروسي" في مدرسة أكسفورد الثانوية في عام 2019 (أر أس غوف.يوكاي/فايسبوك)</p>
تقاريرTags: الاستخبارات الروسيةالاتحاد السوفياتيهجوم سالزبوريعلمت "اندبندنت" أن ثانوية خاصة مرموقة للفتيات في بريطانيا استضافت رئيس وكالة ثقافية تعمل لمصلحة الكرملين في المملكة المتحدة، وهي مرتبطة بالاستخبارات الروسية.
رئيس وكالة "روسوترودنيتشيستفو" Rossotrudnichestvo [وكالة فيدرالية تُعنى بترويج اللغة والثقافة الروسية في الخارج] في المملكة المتحدة كان قد تحدث في عام 2019 في "المؤتمر الروسي" الذي نظمته "مدرسة أكسفورد الثانوية" Oxford High School - تتقاضى رسوماً سنوية عن كل طالب بقيمة 16.563 جنيه استرليني (21,562 دولار أميركي) - وحضره أكثر من 150 تلميذاً من مدارس بريطانية خاصة وحكومية، حتى إنه التُقطت صورة له مع الحاضرين أمام شعار الوكالة.
وكان أنطون تشيسنوكوف حاضراً أيضاً في الحدث نفسه في خريف عام 2018 - بعد أشهر من الاعتداء بغاز الأعصاب في سالزبوري، الذي يُعتقد أن فرقة اغتيال روسية قامت بتنفيذه، وتسبب بوفاة امرأة.
وكانت المدرسة قد استقبلت أيضاً في عام 2017، السكرتير الأول في السفارة الروسية سيرغي غوشين، بحضور طلاب من "كلية إيتون".
صفحة وكالة "روسوترودنيتشيستفو في المملكة المتحدة" على "فيسبوك"، ذكرت في مناسبات عدة "مدرسة أكسفورد النهارية للفتيات" - التي تضم من بين خريجاتها ممثلات كالسيدة ماغي سميث التي تحمل لقب "دام"، وميريام مارغولييس، وغيسلاين ماكسويل التي دينت بالمتاجرة بفتيات جنسياً.
في عام 2019، نشرت الصفحة ذاتها صوراً لتلامذة أثناء تقديمهم طلبات الحصول على تأشيرة للقيام برحلة إلى روسيا، إضافة إلى صور لهم أثناء الزيارة.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن المدرسة البريطانية أوضحت لـ"اندبندنت" أن وكالة "روسوترودنيتشيستفو" لم يكن لها أي دور" في الأحداث المذكورة على صفحتها على "فيسبوك"، قائلة: "ما يمكننا افتراضه هو أن الوكالة أخذتها من حساب "تويتر" العائد إلى (مدرسة أكسفورد الثانوية)".
وكان تقرير صدر في أواخر عام 2018 عن "جمعية هنري جاكسون" Henry Jackson Society [مركز أبحاث يعنى بدراسات السياسات الخارجية عبر الأطلسي وشؤون الأمن القومي] أشار إلى أن فرع وكالة "روسوترودنيتشيستفو" في المملكة المتحدة - الواقع في غرب لندن بالقرب من قصر كينسينغتون - كان مقراً لعناصر استخبارية متخفية.
وتبين في عام 2013 أن "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأميركي، أجرى تحقيقاً في ما إذا كان مدير برنامج تبادل تابع لوكالة "روسوترودنيتشيستفو" في الولايات المتحدة، يقوم سراً بتجنيد مواطنين أميركيين ليكونوا عملاء استخبارات محتملين. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن السفارة الروسية في العاصمة الأميركية نفيها أن يكون المركز الثقافي متورطاً في تجنيد جواسيس.
ويأتي الكشف عن المزاملة بين "مدرسة أكسفورد الثانوية" ووكالة "روسوترودنيتشيستفو"، بعد تصويت "الجمعية العمومية للأمم المتحدة" يوم الخميس الماضي على تعليق عضوية روسيا في "مجلس حقوق الإنسان" بسبب غزوها لأوكرانيا. ويأتي أيضاً بعد اتهام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الثلاثاء القوات الروسية بارتكاب "أفظع جرائم الحرب" منذ الحرب العالمية الثانية.
وحرص الموقع الإلكتروني لـ"مدرسة أكسفورد الثانوية" في منشور له، على توضيح أهمية "المؤتمر الروسي" قائلاً إنه "عقد في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2019 على نطاق واسع، وكان تأثيره أكبر من أي شيء اختبرناه من قبل".
وكشف المنشور نفسه عن انخراط رئيس وكالة "روسوترودنيتشيستفو"، السيد تشيسنوكوف في بعض الفعاليات في المدرسة، كما عرض صورةً له وهو محاط بالتلاميذ فيما تظهر في خلفية الصورة شاشة تعرض شعار الوكالة.
المنشور نفسه على الموقع الإلكتروني للمدرسة أضاف: "اختتم اليوم برسالة تشجيع ودعم كريمة وجهها السيد أنطون تشيسنوكوف ممثل مركز الثقافي الروسي روسوترودنيتشيستفو".
واستناداً إلى مجلة المدرسة، فقد حضر السيد تشيسنوكوف الحدث نفسه أيضاً في عام 2018. وتضمن إصدار خريف عام 2018 لمجلة "مينيرفا" Minerva التي تنشرها "مدرسة أكسفورد الثانوية"، مقالاً عن ذلك اليوم. ومما جاء فيه: "استضافت (مدرسة أكسفورد الثانوية) في هذا الفصل الدراسي، مؤتمراً حضره أكثر من 50 طالباً من دارسي اللغة الروسية في المستوى "أ" [المتقدم] في الوقت الراهن في مدرستنا وفي (مدرسة هارو الثانوية) Harrow High School، وتوج الحدث ببعض الكلمات الملهمة من جانب المدير أنطون تشيسنوكوف (مدير المركز روسوترودنيتشيستفو)، (بيت الثقافة الروسية)".
وكان المؤتمر قد عقد بعد أشهر قليلة من استخدام غاز الأعصاب "نوفيتشيوك" لاستهداف الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالزبوري في مارس (آذار) عام 2018. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية في حينه تيريزا ماي لأعضاء البرلمان في وقت لاحق من ذلك الشهر، إن من المحتمل جداً أن تكون روسيا هي التي تقف وراء الحادث، هذا وتوفيت السيدة دون ستورجيس جراء تعرضها لغاز الأعصاب نفسه لاحقاً في شهر يوليو (تموز) من عام 2018.
وفيما نفت الحكومة الروسية أي لها علاقة بالهجوم، أقرت "دائرة الادعاء العام الملكية" Crown Prosecution Service (CPS) توجيه اتهامات إلى 3 عملاء روس يشتبه في وقوفهم وراء الهجوم.
واستقبلت المدرسة أيضاً في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017، سيرغي غوشين السكرتير الأول في السفارة الروسية، في مؤتمر انعقد ليوم واحد. وبحسب ما نشر على موقع Girls’ Day School Trust "رئيسة قسم الدراسات الروسية في مدرسة أكسفورد الثانوية، السيدة يكاتيرينا سولوفيوفا استضافت يوم الثلاثاء في الثامن والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) مؤتمراً رائعاً دام يوماً وأحداً، حضره نحو 40 طالباً بريطانياً من (كلية إيتون) إلى (مدرسة سانت بول)، جميعهم يتعلمون اللغة الروسية في مستوى "أ" [المتقدم]".
وفي المقابل، برز في شهر يوليو (تموز) عام 2018 على صفحة موقع "روسوترودنيتشيستفو المملكة المتحدة" على "فيسبوك"، المنشور الآتي الذي أرفق بصور فوتوغرافية: "صباح آخر رائع تمت تمضيته في قسم المبتدئين في (مدرسة أكسفورد الثانوية) مع لغويين متقدين حماسةً وذكاءً من طلاب السنة الثالثة!".
وفي مارس عام 2019، نشرت الوكالة الروسية صورة على "فيسبوك" لطلاب من المدرسة، برفقة رئيسة قسم اللغة الروسية يكاتيرينا سولوفيوفا، وهم يتلقون طلبات الحصول على تأشيرة للتوجه في رحلة إلى روسيا.
وفي شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، نشرت صفحة الوكالة على "فيسبوك" أيضاً صور طلاب من المدرسة أثناء زيارتهم لروسيا. وأكدت المدرسة أن تشيسنوكوف زارها مرتين، من أجل المشاركة في مؤتمرات في عامي 2018 و2019.
وأورد تقرير صادر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عن "جمعية هنري جاكسون" بعنوان "بوتين يرى ويسمع كل شيء، هكذا تهدد وكالات الاستخبارات الروسية المملكة المتحدة "Putin sees and hears it all: how Russia’s intelligence agencies menace the UK" ما يأتي: "يعتقد أيضاً أن (البعثة التجارية الروسية) Russia’s Trade Delegation ومقرها في منطقة (هايغيت) المترفة شمال لندن، تعد موئلاً لعدد من عناصر الاستخبارات المتخفين، كما كانت عليه الحال خلال الحرب الباردة.
وأضاف التقرير: "الأمر نفسه ينسحب على "روسوترودنيتشيستفو" (الوكالة الفيدرالية لكومنولث الدول المستقلة، والمواطنين الذين يعيشون في الخارج، والتعاون الإنساني الدولي Federal Agency for the commonwealth of independent States, compatriots living abroad, and international humanitarian cooperation)، التي توجد مكاتبها في محاذاة شارع "هاي ستريت كينسينغتون".
ومن جانب آخر، قالت أوريسيا لوتسيفيتش زميلة بارزة في الأبحاث ومديرة "منتدى أوكرانيا" Ukraine Forum في "برنامج روسيا وأوراسيا" Russia and Eurasia Programme في معهد "تشاتام هاوس" للسياسات، لـ"اندبندنت"، إن "روسوترودنيتشيستفو" - الوكالة الحكومية الروسية التي تأسست في عام 2008 - هي "جماعة أيديولوجية تبرر ضمناً التطورية العنيفة".
وأضافت لوتسيفيتش: "دأبت وكالة (روسوترودنيتشيستفو) على التواصل مع مؤسسات تعليمية من أجل تشكيل أجيال شابة في الغرب كما في دول أوروبا الشرقية، وتعريفها على الأيديولوجية الروسية ونظرة القيادة العالمية".
وأشارت إلى أنه "من خلال استخدام الثقافة الروسية وسيلةً وطريقة جذب لاهتمام الأفراد بالأحداث، تتمثل الاستراتيجية في تشتيت انتباههم عن الابتعاد الصارخ للنظام الروسي الراهن عن التقاليد الإنسانية العميقة لجزء من الثقافة الروسية. فالقيادة الروسية تمارس القمع، وتقوم بتسميم معارضيها، وتمارس الرقابة، وتشارك في عدد من النزاعات المسلحة غير المشروعة في المنطقة، وتدعم ديكتاتوريين".
من جانبه، رأى تاراس كوزيو وهو زميل باحث مشارك في "جمعية هنري جاكسون" أنه "ليس بالأمر العادي أن يمارس مدير هيئة كهذه إدارة دقيقة لمثل هذه الفعاليات. ومن وجهة نظري، أرى أن هناك سعياً إلى اكتشاف مواهب لإمكانات المستقبل وإلى إنشاء خط مُوالٍ لروسيا في أوساط نخب المؤسسة البريطانية".
وأضاف: "عندما كان الاتحاد السوفياتي قائماً، كانت جميع تلك الهيئات المماثلة التي تنشأ خارج السفارة السوفياتية، تغص دائماً بكثير من عملاء الاستخبارات السوفياتية. من هنا لا أرى أن هذا النهج قد تغير كثيراً، لأن المسؤولين عن روسيا في الوقت الراهن هم من جهاز الاستخبارات السوفياتي السابق "كي جي بي".
وأشار كوزيو إلى أنه "منذ إلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابه الشهير في شباط (فبراير) عام 2007 أمام "مؤتمر ميونيخ للأمن" Munich Security Conference، تبنت روسيا موقفاً عدائيا تجاه الغرب في مجالات الدبلوماسية والعمليات الاستخباراتية والسعي إلى نشر نفوذها في العالم".
وأوضح أن "عدد ضباط الاستخبارات الروسية في الغرب بلغ مستوى نظيره في المرحلة الأسوأ في العلاقات بين الغرب والاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة. وأعتقد أن هذا النوع من الأنشطة بات ينظر إليه بشكل متزايد على أنه عملية استخباراتية".
ووفقاً لصفحة تشيسنوكوف على منصة "لينكد إن"، فقد كان عضواً منتدباً في مركز تعليم اللغات "إنترناشيونال هاوس" International House ومقره لندن، خلال الفترة الممتدة من أغسطس (آب) عام 2010 إلى ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، وهو مدرج الآن "مستشاراً" و"مديراً غير تنفيذي" لدى "صندوق خيري" له فروع في لندن ودبي وموسكو.
وأصدرت "مدرسة أكسفورد الثانوية" بياناً ذكرت فيه أنها "استضافت السيد تشيسنوكوف ضمن مؤتمر اللغة الروسية في عام 2019، في مشاركة محدودة ضمن برنامج متوازن، شمل مجموعةً من المتحدثين ذات وجهات نظر مختلفة، بمن فيهم شخصيات دبلوماسية بريطانية وأساتذة جامعات، وأحد ضباط الاستخبارات البريطانية".
وأضاف البيان: "دعت السيدة سولوفيوفا وكالة (روسوترودنيتشيستفو) إلى إيفاد ممثل لها كجزء من مهمتها دعوة جميع المتحدثين الضيوف إلى حضور الفعالية، كما هو متوقع بصفتها رئيسةً لقسم اللغة الروسية. وقد تمت مراعاة البروتوكولات الرسمية المتبعة مع جميع المتحدثين الضيوف في المدرسة. وتم التوضيح للسيد تشيسنوكوف أن المؤتمر سيتخلله عرض لوجهات نظر مختلفة عن آرائه. وعقد المؤتمر في وقت كانت فيه العلاقات الروسية متواصلة في مختلف جوانب الحياة الثقافية في المملكة المتحدة".
وذكر البيان، أن "اللغة الروسية هي إحدى اللغات الست التي تدرس في المدرسة. وكان المؤتمر (وهو أحد مؤتمرات عدة أجريت في المدرسة في ذلك العام) جزءاً من الفعاليات اللغوية التي نظمتها المدرسة في تلك المرحلة. فعلى سبيل المثال، تواصلت المدرسة على نحو مماثل مع "المعهد الثقافي الفرنسي" Alliance Francaise في إطار مساعيها لتعزيز اللغة الفرنسية، واستقبلت ضيوفاً فرنسيين وإسباناً للمشاركة في مؤتمرات مماثلة.
ويقول البيان: "لم تكن لوكالة (روسوترودنيتشيستفو) أي مشاركة في فعاليات (مدرسة أكسفورد الثانوية) المذكورة على صفحتها على (فيسبوك). ولا يسعنا فإن نفترض أن الوكالة قد أخذتها [الصور] مما نشرته المدرسة على "تويتر". ولم تتلقَّ المدرسة ولا العاملون فيها أي تبرعات من أنطون تشيسنوكوف أو من وكالته أو من السفارة الروسية أو من الدولة الروسية".
وختم البيان: "في ظل الظروف الراهنة، لا يوجد أي اتصال بين (مدرسة أكسفورد الثانوية) ووكالة (روسوترودنيتشيستفو) أو السفارة الروسية أو غيرها من الهيئات الحكومية الروسية الأخرى، وليس هناك مخطط لديها لأي تواصل مستقبلي محتمل مع أي منها".
أما "مدرسة هارو" فلم تُدلِ بأي تعليق، في حين قالت "كلية إيتون": "تعلم (إيتون) اللغة الروسية حتى شهادة المستوى (أ). وفي عام 2017، حضرت مجموعة صغيرة من التلاميذ ندوة عن اللغة والثقافة في (مدرسة أكسفورد الثانوية)، وشارك أحد المدرسين في (كلية إيتون) في جلسة عن دراسة اللغة التشيكية".
وأشارت "كلية إيتون" إلى أن "أياً من تلامذتة إيتون وأساتذة طاقمها لم يحضروا ندوة عام 2018 أو 2019، وأنها لم تتلقَّ أي تمويل من (وكالة روسوترودنيتشيستفو) أو من السفارة الروسية".
والجدير بالذكر أن "اندبندنت" اتصلت بالسيد تشيسنوكوف وبوكالة "روسوترودنيتشيستفو" وبالسفارة الروسية في لندن للتعليق على الموضوع.
subtitle: حصري: رئيس وكالة "روسوترودنيتشيستفو" في المملكة المتحدة تحدث في "المؤتمر الروسي" في "مدرسة أكسفورد الثانوية" عام 2019 بحضور أكثر من 150 طالباًسايمون مورفيpublication date: الاثنين, أبريل 11, 2022 - 08:452024-11-07 06:11:39