Muristek
<p class="rteright">على مدار سنوات عدة، تعرضت أمي لسوء المعاملة في زواجها (فايزة ساقب)</p>
تحلیلTags: أم عزباءمهاجرونعيد الأمتقاليد إسلاميةلا يختلف اثنان على أن حب الأم هو حب حقيقي صادق. هو حب غير مشروط نابع من القلب، ولا يمكن أن يتغير. نشأت وكبرت ولم أشعر يوماً بالفراغ بسبب غياب الأب في حياتي، لأن والدتي قامت بدورها على أكمل وجه في طمأنتنا ورعايتنا، إخوتي وأنا.
تعرضت والدتي للإساءة لسنوات عديدة خلال زواجها، ومع ذلك، استمرت في الاعتناء بي في تلك المرحلة العصيبة للغاية من حياتها، وحاولت حمايتي من الألم الذي كان والدي يلحقه بها.
غالباً ما كان والدي يغيب عن المنزل، وسواء كانت رحلاته لغرض العمل أو الترفيه عن نفسه، في واقع الأمر لم يكن والدي موجوداً حقاً وقد جعل حياتنا بائسة.
ما زلت أسمع تردد صدى الصراخ المرتفع في أروقة منزلنا في معظم الليالي. مع ذلك، ورغم الفوضى، تمكنا أمي وأنا من الشعور بالسلام والعثور على مهرب من الواقع. كل يوم بعد المدرسة، كنا نتوجه إلى المتنزه القريب للجلوس والتحدث ولعب كرة الريشة ومشاهدة فصول السنة تتالى. كان ذلك بمثابة النور في نهاية نفق مظلم وطويل.
عديدة هي الليالي التي كنت أرى فيها أمي راكعةً على سجادة الصلاة تبكي وتتضرع ليخفف الله عنها الأسى. عرفت حينها أنها كانت تعيسة جداً في زواجها، وغالباً ما كانت تلجأ إلى الإيمان في تلك اللحظات الحالكة.
الزواج ليس بالأمر السهل أبداً، فهو يتطلب المجهود والتسامح والرحمة والمودة والتفاهم، ورغم أن والدتي قدمت كل هذه الأمور، إلا أن والدي لم يفعل.
غادر والدي، الذي تحول إلى ذكرى قديمة عن الصدمة والعذاب، عندما كنت في العاشرة من عمري. عندما رحل، تنفسنا إخوتي وأمي وأنا الصعداء. أخيراً، عاد الشعور بالسلام والرضا إلى منزلنا.
عندما كنت أكبر، كانت والدتي تذكرني دائماً كيف يجب أن أقدر نفسي كامرأة، وأن أفتخر بما أنا عليه وأسعى جاهدة من أجل الحب الرؤوف والصادق المبني على أساس الاحترام. لدي قناعة راسخة بأن الاحترام جزء أساسي من الزواج وأنه أمر لم يظهره والدي على الإطلاق. أعلم أن كلامي قد يكون قاسياً، لكنني رأيت والدتي تعاني من الألم بما يكفي للتوصل إلى هذا الاستنتاج.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع أن والدتي كانت ممزقة في زواجها، إلا أنها بقيت تعطي الأولوية لأولادها، واضعةً إيانا في المرتبة الأولى. غالباً ما كانت تقول لي "ستكون الأمور على ما يرام"، بينما كانت الدموع تنهمر فوق خديها بلا توقف. كانت كلماتها درع أمان وكنت أصدقها عندما تحتضنني. كل شيء سيكون على ما يرام. كانت مجرد مسألة وقت.
أمي هي رمز للمقاومة والصمود بالنسبة لي. أعطتني الوقت والحب، حتى في اللحظات العصيبة. لقد قدمت التضحيات والتنازلات حتى يتمكن أطفالها من الحصول على أفضل حياة ممكنة. سأتذكر دائماً دفء الحلويات التي تصنعها بيدها وحديثها اللطيف. إنها امرأة تركت وطنها بسبب الحرب، وواجهت الصراع حتى في بيتها، وتمكنت من الصمود رغم ذلك. إذا لم تكن هذه هي القوة، فأنا لا أعرف كيف يمكن أن تكون.
وفقاً للمفاهيم الإسلامية، النساء والأمهات هن بركات لا يمكن تعويضها على هذه الأرض. وهناك حديث نبوي قريب من قلبي جداً يتحدث عن أهمية الأمهات وكيف يجب أن نعاملهن. ففي نهاية المطاف، لقد حملننا في أرحامهن تسعة أشهر واعتنين بنا وكن صبورات معنا. إنه حديث النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: "الجنة تحت أقدام الأمهات".
إنه تذكير لنا بأن نكون أكثر لطفاً مع أمهاتنا وألا نتفوه بكلمة سيئة أو كارهة تجاههن. لقد جعلني أفهم أن والدتي هي الشخص الوحيد المهم حقاً، لأنها كانت دائماً جاهزة عند حاجتي إليها، وتمنحني القوة في لحظات ضعفي وتشعرني بالسكينة بعناقها.
منذ بدأت أتعلم المشي، وحتى تخرجي في الجامعة وخطبتي، كانت والدتي دائماً منارة الأمل التي أحتاجها. إنها أفضل صديقة لي ومن دونها كنت سأعاني حقاً من الوحدة في حياتي.
أقول لكل أم عازبة في العالم، إنني أود اغتنام هذه اللحظة لأشكرك. شكراً لكونك أنت، ولصمودك ولأنك تضعين أولادك دائماً في المرتبة الأولى من اهتماماتك. حان الآن دورنا لرد الجميل ووضعك في المرتبة الأولى.
الأمهات العازبات هن هدية رائعة على هذه الأرض، لذلك دعونا نحتفل بهن اليوم. كل عام وكل الأمهات بألف خير!
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 27 مارس 2022
subtitle: هجرت وطنها بسبب الحرب، وتعرضت للأذى حتى في بيتها، لكنها قاومت. إذا لم يجسد ذلك القوة، فلا أعرف كيف يمكن لها أن تكونفايزة ساقبpublication date: الأربعاء, أبريل 6, 2022 - 14:15