<p>لم يُبذل أي جهد في سبيل دعم حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين فيما يواجهون هجمات ميليشيا الحوثيين (أ ب)</p>
آراءTags: اليمنالحوثيونالحرس الثوري الإبرانيطهرانجو بايدنفي ثاني يوم من هدنة شهرين بين ميليشيا الحوثيين في اليمن من جهة والتحالف الذي تقوده السعودية من جهة أخرى، رحّبت إيران والولايات المتحدة بقرار وقف إطلاق النار. وسوف تتيح هذه الهدنة التي تم التوصّل إليها بوساطة من الأمم المتحدة، إرسال المساعدات الإنسانية إلى بلد يعيش كارثة على الصعيد الإنساني وأزمة هائلة. كما من المتوقع أن تفسح المجال لإجراء حوار بشأن السلام الدائم بين الميليشيا الحوثية وغيرهم من الجماعات اليمنية من جهة، والسعودية من جهة ثانية.
وفي خطوة ذكية، رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن بوقف إطلاق النار يوم الجمعة 1 أبريل (نيسان) قبل ساعات قليلة من توقف القتال بين الطرفين (الذي بدأ يوم السبت 2 أبريل). وأثناء حديثه عن الاتفاق باعتباره "هدنة طال انتظارها بالنسبة للشعب اليمني"، شدّد على ضرورة بذل المزيد من الجهود في هذا الإطار.
خلال سنة ونصف من تولّي بايدن السلطة، لم يُبذل أي جهد في سبيل دعم حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين فيما يواجهون هجمات الحوثيين على المدن السعودية والإماراتية. لم تضع الولايات المتحدة أي مبادرة للتوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار أو للأعمال القتالية ولم تسع لوساطة من أجل فتح قنوات الحوار بين الطرفين ومساعدة الشعب اليمني. فور تسلّمه مقاليد الرئاسة، أزال بايدن الحوثيين عن لائحة المنظمات الإرهابية؛ ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية، مع ارتفاع وتيرة الهجمات الحوثية على السعودية والإمارات، تعرّض لضغط كبير من دول المنطقة وأعضاء في الكونغرس لكي يعيد إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب.
دعمت إيران سقوط وابل الصواريخ الحوثية، باعتبارها الجهة الأساسية التي تمدّ هذه الميليشيات بالأسلحة، وهذا ما زاد الضغط على الحكومة الأميركية. فقد وصلت المحادثات الجارية مع إيران بشأن برنامجها النووي إلى مراحلها الأخيرة، ومن المطالب الأساسية لإيران إزالة الحرس الثوري عن لائحة الإرهاب. ونظراً لهذا الوضع، تعقّدت المحادثات بسبب تدخلات الحرس الثوري في اليمن. إذ شكّل تدخّل الحرس الثوري في اليمن ودوره في الحرب الدائرة هناك وتزويده الحوثيين بالمسيّرات والصواريخ أحد الخلافات الرئيسية بين الطرفين في إطار المحادثات النووية.
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توجّه الرئيس بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى السعوديين والإماراتيين طلباً لزيادة إنتاج النفط بهدف مواجهة روسيا وخفض أسعار النفط وتخفيف الضغط النفسي على السوق والمستهلكين. وقال السعوديون بوضوح إن ارتفاع أسعار النفط لا يعود إلى أي شح في السوق بل إلى الاعتداءات الحوثية على أرامكو والاختلال في إمداد النفط في السوق الذي بدأ من إيران. بعبارات أخرى، إذا أرادت الولايات المتحدة الحصول على دعم الدول الإقليمية من أجل زيادة إنتاج النفط، وتأييدها في موقفها من الأزمة الأوكرانية، فعليها اعتماد سياسة ردع ضد الحوثيين ومزودهم الرئيسي بالأسلحة.
قبل أن تطلق مليشيا الحوثيين هجومهما على منشآت أرامكو في جدة، أضاءت طهران برج شاه ياد (آزادي)، بصور قائدين للميليشيات الحوثية (مشرق نيوز)
سوف يخفف توقف إطلاق النار بين الميليشيات الحوثية والتحالف الذي تقوده السعودية الضغط على بايدن من جهة الكونغرس والحلفاء الإقليميين. ولهذا السبب، تُعتبر هدنة الشهرين في اليمن ذات أهمية سياسية بالنسبة لبايدن، أكثر بكثير من أهميتها الإنسانية بالنسبة له، بغض النظر عمّا زعمه في تصريحه.
ومن جهته، رحّب النظام الإيراني، الداعم الرئيسي للميليشيات الحوثية، بالهدنة كذلك. وأعرب الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، عن أمله في نهاية سريعة للحرب في اليمن. باعتباره الداعم الأكبر والمحرّض الأساسي للحوثيين، طلب النظام الإيراني من الجماعة القبول بوقف إطلاق النار لكي تتمكّن إيران من التوصّل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي. من شأن توقف إطلاق النار في اليمن أن يخفف وطأة الضغط المفروض على إيران على خلفية تدخلاتها في المنطقة والعمليات الإرهابية التي يشنها الحرس الثوري الإيراني على جيرانه.
وفقاً لمبعوث الأمم المتحدة المعني باليمن، يشمل وقف إطلاق النار كل العمليات العسكرية، سواء براً أو بحراً، داخل اليمن وخارجها. ومن المفترض بالتالي أن تجلب هذه الهدنة بعض الهدوء النسبي لمدن المنطقة ومياهها الإقليمية. وفي حال عدم انتهاك هذه الهدنة، قد تعبد المشاورات اليمنية الجارية حالياً في الرياض، باستضافة من مجلس التعاون الخليجي، الطريق أمام محادثات موسّعة بهدف التوصّل إلى السلام الدائم.
لم يعرب الحوثيون بعد عن استعدادهم للذهاب إلى الرياض من أجل المشاركة في المشاورات اليمنية. ولكن بسبب شروط الهدنة الحالية، من الممكن أن تحدث هذه المشاورات، باستضافة بلد آخر مثل الأردن أو عُمان، وبحضور الحوثيين.
من المبكر والصعب جداً التفاؤل بشأن استمرار توقف إطلاق النار والانتقال نحو السلام الدائم. فالميليشيات غير أهلٍ للثقة، واستمرار الهدنة يعتمد على المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشأن استئناف الاتفاق الإيراني من العام 2015. في حال الاهتمام بالمصالح الإيرانية أثناء سير المحادثات، لن يتعرض توقف إطلاق النار في اليمن لأي انتهاك. أما لو لم تُلّبَ مطالب النظام الإيراني، سوف تستأنف هذه المجموعات الوكيلة، التي لا تتمتع بأي استقلالية، وتُعتبر أدوات بيد إيران، هجماتها فور تلقّيها أوامر بذلك.
منذ أسبوع، قبل أن تطلق مليشيا الحوثيين هجومهما على منشآت أرامكو في جدة، أضاءت طهران برج شاه ياد (آزادي)، بصور قائدين للميليشيات الحوثية، لإظهار دعمهم لهذه الجماعة الإرهابية. وبهذه الطريقة، أعلنت إيران، من دون أي خوف أو تردّد، عن دعمها للمتمردين ولأفعال الجماعة الإرهابية.
كما الإدارة الحالية التي يقودها إبراهيم رئيسي، قدّمت إدارة حسن روحاني دعمها للميليشيات والجماعات الإرهابية المرتبطة بإيران، واستخدمتها سياسياً. فروحاني نفسه هو من قال بصراحة في خريف عام 2018، أثناء حديثه عن العقوبات المفروضة على النفط الإيراني "على الولايات المتحدة أن تعرف بأنها لو أرادت منع تصدير النفط الإيراني، فلن يمر أي نفط من الخليج". بعد هذا التصريح، شنّ الحوثيون كما الحرس الثوري هجمات على المنشآت النفطية والمطارات وناقلات النفط السعودية، في الفجيرة وباب المندب ومضيق هرمز وبحر عُمان.
من المزمع أن يستمر وقف إطلاق النار شهرين. خلال هذه الفترة، سوف يحدّد مجرى المفاوضات النووية بين إيران والغرب مصير الحرب في اليمن: سواء ستستمرّ أو تتوقف نهائياً.
subtitle: من المبكر والصعب جداً التفاؤل بشأن استمرار توقف إطلاق النار والانتقال نحو السلام الدائم في اليمنكاميليا انتخابي فردpublication date: الاثنين, أبريل 4, 2022 - 16:152024-11-08 21:15:01