Breaking News >> News >> Azzaman


فرقة المسرح الفني الحديث في ذكرى تأسيسها السبعين 2-2


Link [2022-04-18 02:52:40]



فرقة المسرح الفني الحديث في ذكرى تأسيسها السبعين 2-2

(الجومة) تمر بتجرية مريرة عقب منعها من العرض

بغداد –  كافي لازم

في حوار عن الحية (وهي رمز لكثير من الامور) يقول يوسف العاني: مع الاسف قضينا على ذيلها ولكن الرأس باقية او عن لسان احد الشخصيات يقول (همزين اكو عرگ بالعراق جان شسوينا) وهنا تضج القاعة بالتصفيق والاستحسان.

والتأكيد هذا يأتي عن طريق الممثل الحاذق من حيث الالقاء والحركة،كذلك مواضيع معظم مسرحياته تتحدث عن الظلم والتسلط الجائر الذي تعانيه القوى العاملة والشغيلة ضمن الصراع الأزلي بين الخير والشر وغيرها الكثير من المواقف لتقريب فكرة العرض اكثر للمشاهد مع ذلك فأنه لم يوفق مرة واحدة عندما قدم نص مسرحية (الجومة) لغرض الاجازة ونحن ككل مرة نعمل بإنجاز النص على المسرح وتوزع الادوار ونبدأ التمارين كالعادة ثم تأتي بعد ذلك الاجازة حرصاً على عدم ضياع الوقت إلا ان اجازة نص هذه المسرحية تأخر كثيرا ونحن ماضون في التمارين بكل عنفوان وحماس لاسيما ان هذه المسرحية تتحدث عن مبادئ ثورية عامة وسائدة في الادب والثقافة والفن في ضل الانفتاح القائم في ايام الجبهة الوطنية (هناك من يلتبس عليه بين مسرحيتي خيط البريسم ومسرحية الجومة) وهما مسرحيتان مختلفتان تماماً. خيط البريسم تتحدث عن المجتمع العراقي في فترة ما كان يرفض فكرة الحائك بل حتى يقاطعه اجتماعيا وينظر اليه نظرة دونية الى درجة انه لا يُعطى امراءة لانه غير مكتمل الرجولة كما يدعون وهي مسرحية تقليدية مع انها ذات معان كثيرة اخرجها الدكتور فاضل خليل.في حين الجومة تتحدث عن قيم ثورية عالمية ومحلية وقد اقتبس العاني كثيراً من المعاني الثورية عند لوركا في مسرحية ماريانا تريزا كذلك كومونه باريس كما لمح الى قسوة شاه إيران وتعامله مع شعبه وسياسته التعسفية في حين كانت اتفاقية الجزائر قد نضج توقيعها.هذه وغيرها جعلت السلطات تتأنى في اجازتها في حين الفرقة ماضية في حماسة قل نظيرها وهي من نوع الانتاج الكبير حيث تحتوي على مجاميع ومشاهد متفردة كثيرة مختلفة الاشكال لكنها سائرة بمضمون واحد وتحتوي على مجموعة رائعة من الاغاني والتي لحنها دكتور طارق حسون فريد ورقصات متنوعة وقد انهكت اعضاء الفرقة من حيث الجهد المبذول فهم يدخلون ثلاث بروفات في يوم واحد غناء…رقص…تمثيل.

كنا ماضين بالعمل واقتربنا من البروفة الاخيرة(جنرال بروفة) وفي هذه اللحظة رن جرس الخطر وحُبست الانفاس بخبر قاس ان المسرحية مُنعت ولم تُمنح اجازة للعرض وقد تدخلت اطراف كثيرة حتى ان يوسف العاني طلب منهم رؤية العرض قبل اجازتها عسى ان تتغير وجهه نظرهم فقالوا له:(الامر ليس بيدنا انه من سلطات عليا) وتسربت أنباء حينها ان احد كبار المسؤولين في القيادة قال كلمته المشهورة (سأهدم المسرح على يوسف العاني وجماعته اذا تم عرض هذه المسرحية) حينها ساد الحزن الكامل على اعضاء الفرقة كذلك الجمهور المتابع والذي يسال يوميا عن تاريخ العرض لان مانشيت العرض قد عُلق في باب الفرقة بدون تاريخ..الا ان يوسف العاني وهو رئيس الفرقة اقترح ان يتم طرح عملين في ان واحد ويقدمان للاجازة كذلك عملين في مجموعة الشباب وبحكم موقعه كمستشار في دائرة السينما والمسرح وعلاقاته الواسعة والمؤثرة إستطاع إيجاد طريق بحيث لا تتكرر تلك التجربة المريرة في مسرحية الجومة.

تشديد الرقابة

مع ذلك فقد اتبعت الرقابة الأسلوب السري في تشديد رقابتها بأرسال جواسيس لها اثناء العرض لرصد اي جملة او كلمة او عبارة واي شاردة وواردة تمس السلطة او الوضع السياسي في البلد وبما ان عروض الفرقة مستمرة لفترات طويلة تجعل الممثل يجتهد احيانا بايماءة او حركة وحتى طريقة القاء الحوار باضافة الجملة المناسبة تعطي نكهة للمشهد حينها يتم ابلاغنا بكتب رسمية او ابلاغ يوسف العاني شخصيا بهذه الاضافات بل حتى بطريقة القاء الحوار مع التعهد بعدم التكرار.

لدى يوسف العاني طريقة ذكية بحكم خبرتة الطويلة مع الحكومات التي مرت على العراق وهو كما قلنا في بداية البحث يمتلك الخيط السحري المتصل مع السلطة بين الشد والاسترخاء ولكن لا قطيعة. (مع اننا كنا كشباب متحمس ندين هذا السلوك والتودد للسلطة ولكن مع الايام ثبت انه كان محقا في ذلك) بدليل اننا عشنا في شهر عسل في مسرحية بغداد الازل بين الجد والهزل (اعداد واخراج قاسم محمد) والتي طلبتها الحكومة بنفسها لتمثيل العراق في الاسبوع الثقافي العراقي في الجزائر عام 1975. من هنا لابد ان نذكر ان العاني استطاع ان يشرك جميع اعضاء الفرقة في المسرحية روادا وشبابا وحتى الفنيين منهم للسفر والمشاركة في المهرجان على عكس ما فعلته الفرقة القومية عندما تسافر توزع الأدوار من جديد لأعضائها الرئيسيين وترك الشباب كما حدث في مسرحية (البيگ والسائق) في حين فرقة الفن الحديث اصطحبت حتى طلاب الاكاديمية كما إستطاع ان يمرر مسرحية القربان تأليف الكاتب المغترب غائب طعمة فرمان والمحسوب على اليسار اخراج الفنان الراحل فاروق فياض كذلك مسرحية (الخان) تاليف يوسف العاني واخراج سامي عبد الحميد ومسرحية (عبود الكرخي) والقائمة تطول وكانت اخر مسرحية عرضت للعاني هي مسرحية (نجمة) اخراج سامي عبد الحميد في قاعة مسرح المنصور ولم تكن بتلك الكثافة من الجمهور والسبب في رأيي الشخصي هو مكان العرض حيث كان الموقع منعزلا عن حركة الجمهور والمواصلات(وهو الان ضمن المنطقة الخضراء) ولا اعلم هل هناك سحرا خاصاً لمسرح بغداد رغم تواضعه.

ان السطوة الناعمة التي يمتلكها العاني على اعضاء الفرقة لها تأثيرها الفعال في ديمومة الفرقة . لابد لنا ان نتحدث هنا عن قدراته الادارية طيلة خمس عقود وهو الفنان رقم واحد في العراق دون منازع اولها التماسك الحديدي بين اعضاء الفرقة والالفة والمحبة السائدة بينهم والالتزام بالنظام الداخلي. فلا نستغرب ان يكون يوما الممثل المعروف الراحل عبد الجبار عباس، قاطعا للتذاكر او اي ممثل اخر ان يكون ضمن مجموعة العمل الإداري او الفني في حال ليس لهم أدوار في المسرحية والجدير بالذكر هناك لجان ملحقة بالهيئة الادارية : لجنة قراءة النصوص، اللجنة الإعلامية، اللجنة الاجتماعية وفي كثير من الاحيان يتواجد اعضاء الفرقة في يوم الجمعه هم وعوائلهم لتنظيف المسرح واذكر مرة ابلغنا ان امكانيات الفرقة المادية ضعيفة وليس لديها ما يغطي الصرف لديكور مسرحية (الباب القديم) اخراج خليل شوقي والمطلوب استثمار الخشب القديم المستعمل الموجود في مخازن الفرقة بأي شكل من الاشكال .. هنا استنفر اعضاء الفرقة جهودهم روادا وشبابا ولبسوا ملابس العمل وسط الفرح وجمال الحالة وغناء الفنان الراحل خليل شوقي والفنان الراحل فاضل خليل استمر العمل الى ساعات متأخرة من الليل انجز العمل ولم تخسر الفرقة سوى (كيس من المسامير).

هذه وغيرها بالاضافة الى السفرات السياحية لاعضاء الفرقة لتجديد روح التماسك والالفة والمحبة… كان يؤكد على اهمية كسب الشباب بشرط ان يثق بمنهجية الفرقة الفنية والفكرية والادارية ويخضع للاختبار اثناء العمل،والتواجد الفعال مع انه لا يثق ببعضهم والذين لديهم منافع للعبور على اكتاف الفرقة الا ان القبول يتم بعد تزكية عضوين من الهيئة الإدارية لترشيحه كعضو ثابت للفرقة حسب النظام الداخلي.

ليس شرطا ان يكون بطلاً في العمل واحيانا يقبل بالدور الصغير وعندما يتم اختيار العمل ومخرج العمل يفرض على المخرج ان يختار من اعضاء الفرقة ويسمح له ان يختار واحد او اثنين من الخارج لضرورة فنية وهو لا يتدخل بأعمال اللجان الا للضرورة القصوى. وأخيرا لم تنفع محاولاتنا لإعادة المسرح الى ألقه القديم ولم تنفع مناشداتنا لوزارات الثقافة المتعاقبة ولا أمانة العاصمة لتوفير ولو بيت تراثي نقيم عليه تدريباتنا.



Most Read

2024-09-21 06:11:40