Breaking News >> News >> Azzaman


مقاربات السرد في رواية التسجيل أسوار من دخان


Link [2022-06-17 22:38:26]



مقاربات السرد في رواية التسجيل أسوار من دخان

علي إبراهيم

مازالت آثار الحرب سنواتها،ولحظات إعلان توقّفها تأخذ وقتاً كثيراً،وجهداً قد يبدو مناسباً،او غير مناسب للعمل الروائي ؛ومن هنا جاءت  رواية “أسوار من دخان”لمؤلفها ناظم عبد الوهاب المناصير في تصنيف نوعها ،والصادرة  عن دار الأدب البصريّ2021 ط/1/ في البصرة بجزاين.يقول في نهاية الرواية رقم 13/ص212 ” يا للعجب للعجاب زاويتان متناقضتان الأولى في التمني ،والاخرى في التاسي” عن سنوات الجمر المتّقدة لثمان سنوات ،ثمّ ينطق بلسان مَن اجتمعوا حول الحرب”دعونا ناكل الخبز والبصل نريد أن نرى نهاية للحرب” ليشير إلى حدث آخر”ويحكم الزمن علينا باقسى مِن الحرب ضراوة في حصار جائر وظالم”ص213 .

ومن عنوان الرواية تلاشت احلام ،ورؤى ،وامنيات الناس وهم يتساءلون عن يوم تعلن فيه الإذاعة ؛وتنشر الصحف خبر وقف إطلاق النار.

ما نلاحظه إنَ السارد لحدث الحرب كان في الجزء الاوّل لغاية ص/80  يجعل من الوصف الشامل مادة لما يريد أن يقول مع فنتازيا الحدث عن غسل مكينة الحلاقةبغمسها في الماء النظيف للشرب/ص12/ أو عن  اختلاط البول مع التراب في فقرة الزحف للتدريب/ص/15/ أو منح أهل الشهيد مبلغاًمن المال وليس هو المقصود وصراع زوجته مع اهله حول التقاعد مع حصولها على رسالة من الصليب  الأحمر من زوجها فراس تؤكد وجوده ص/29   امّا الشخصيات فهي متعددة مثل التباس الحرب على المجتمع عن شخصية المصري “شوقي خاطر” والذي تخلّى عن 29مصريّاً شاركوا في القتال وهذا يؤكد قومية الحرب ،خلافاً لقول شوقي” أنا لا أريد أن اُقتل وتقولوا لي الله يرحمه مرّة واحدة وبوسعي سماع كلمة خائن ألف مرّة  ص/22   وقصة شخصيّة وليد الحي،وليس الميّت ص/30  كما ينقله السارد وشخصية يوسف ص/41  وامر المجموعة نصيّف ص/45. وهذه الشخصيّات لم تبرز البطل والبحث عنه ؛فكلّهم  في الهامش .ويشكّل المكان بين جنوب البلاد الفاو وشماله عنصراً مهماً في الرواية ،ولكن نجد إشارة صغيرة لصاحب دكّان في الجنوب رفض أن يترك مكانه دون ان يستثمر الكاتب ذلك في بؤرة الحدث عن صموده،وخوفه اوقصة عن تاريخ مكانه فكانت المباشرة هي الغالبةفي الرواية.

وينتقل المكان  في الجزء الثاني شمال البلاد وشخصية المقاتل كنعان ص145 والحكم الذاتي للاكراد ،ورغبة المختار في الانصهار مع أهل الجنوب.واليوم بعد أربعة عقود  ما زال مسؤولوكردستان  يستنزفون  نفط البلاد ،وعملوا على الانفصال.ولما كانت الرواية تسجيلية  فقد حاول المؤلف  أن يشارك المنظمات ،والنقابات ،والإتحادات  في تدخلهم  المباشر  لايقاف الحرب ص167 وهو يعلم إنّ كلّ تلك المسميات  خاضعة للدولة “قلت له ليس هناك آذان مصغية  بما تفضّلت به،بل يجب أن يكون هناك  ضغط أو مقترح حكومي”ص 168 ولنا أن نتساءل  ما المقترح الحكوميّ لنظام شمولي ،والسارد يجعلنا نتساءل ايضاّ عن سرعة عودته إلى مقر الفرقة الحزبيّة،وهو لم يهنا برجوعه إلى وظيفته.

اذن الرواية تسجيليّة الحدث ؛وتصوير للاماكن  في الجنوب والشمال فيها منِ المباشرة ،وذكر كلّ شيء لحقبة تاريخ مرَ على البلاد .ولكن هل يعفي التسجيل  من دخول  بؤرة الحدث ،او التوغّل في الامكنة،او إشارة  للتمّرد على الحرب . وفيها التناقض عن عدم وجود البطل من كلّ هذه الشخصيّات كما في روايات  للحرب تفرز اعدام البطل ،او هروبه. او اتخاذه رمزاً يُشار  إليه.

والرواية، وإن كانت  في التسجيل فهي لا تخلو من إيرادالمثل  عن ا”الحيّة والبطنج”ص/ 37او اقتباس بيت الشاعر”سلِ الرماح”من التراث لصفي الدين الحليّ ص/33  ويذكر نابليون بقوله “يكرّر دائما عبارة نابليون (لا يأس مع الحياة)ص/109  وهي من اقوال مصطفى كامل باشا وتكملتها”لا حياة مع الياس  وكذلك”ألبرت إنشتاين”ص/211  عن توقّعاته للحرب الثالثة أو الرابعة .وهذه التقاطات جميلة من المؤلف.

وفي ص/155 يورد السارد خاطرة في النثرنذكر منها “”ايتُها الدنيا نتوسّل إليكِ… توسّل الحمام إلى الشمس في يوم إختفت وراء التلال….خذينا إلى حيث شئتِ….هيّا بنا إلى رياض العشق مسرعين….ننزع ألغلّ عن قلوب البشر.

بكتب الكاتب اوجوستو  مونتيروسو من غواتيمالا””إنَ معاني قصصه ومضامينها  مستقاة معظمها من الأمثال السائرة والحِكم النادرة  والأشعار  البليغة ،بل من صُلب المجتمع وذاته إلاّ انَه يحوّل كل ذلك  إلى نصوص آسرة على السحرية المُرّة من مظاهر الحياة ومفارقاتها” وهذا ما لا يحوله  الكاتب ناظم المناصير وتعذّر وجودها  في رواية أسوار من دخان.



Most Read

2024-09-16 06:38:47