Breaking News >> News >> Azzaman


التنورة‭ ‬الصوفية‭ ‬في‭ ‬مصر‭..‬فن‭ ‬دراويش‭ ‬تغذيه‭ ‬محبة‭ ‬الله


Link [2022-06-11 14:49:30]



مسرح‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬آخر‭ ‬سلاطين‭ ‬المماليك‭ ‬يضم‭ ‬فولكلور‭ ‬الاجيال

القاهرة‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬داخل‭ ‬مسرح‭ ‬حجري‭ ‬عمره‭ ‬500‭ ‬عام‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬القاهرة،‭ ‬وتحت‭ ‬أضواء‭ ‬خافتة،‭ ‬يبدأ‭ ‬علي‭ ‬ومحمد‭ ‬الدوران‭ ‬حول‭ ‬نفسيهما‭ ‬ببطء‭ ‬وقد‭ ‬حمل‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬تنانير‭ ‬ملونة‭ ‬يلفها‭ ‬حول‭ ‬خصره،‭ ‬ثم‭ ‬يسرّعان‭ ‬الوتيرة‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬الجمهور‭ ‬يرى‭ ‬سوى‭ ‬ألوان‭ ‬التنانير‭ ‬المتطايرة‭.‬‭ ‬إنه‭ ‬عرض‭ “‬التنورة‭” ‬المصري‭ ‬المستلهم‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الصوفية‭ ‬للدراويش‭ ‬والذي‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬فولكلور‭ ‬شعبي‭ ‬يُقدم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بينها‭ ‬مسرح‭ ‬قصر‭ ‬الغوري‭ ‬الأثري‭ ‬الذي‭ ‬يرجع‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬السلطان‭ ‬قنصوه‭ ‬الغوري،‭ ‬آخر‭ ‬سلاطين‭ ‬المماليك‭ ‬في‭ ‬مصر‭. ‬في‭ ‬شارع‭ ‬المعز‭ ‬المجاور‭ ‬لحي‭ ‬الغورية،‭ ‬وقبل‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬صعوده‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬حاملا‭ ‬تنورته‭ ‬الأرجوانية‭ ‬المزينة‭ ‬باللونين‭ ‬الأخضر‭ ‬والأصفر،‭ ‬قال‭ ‬محمد‭ ‬عادل‭ ‬الذي‭ ‬ورث‭ ‬فن‭ ‬رقص‭ ‬التنورة‭ ‬من‭ ‬والده‭ ‬وجده،‭ “‬أختار‭ ‬الألوان‭ ‬والأشكال‭ ‬التي‭ ‬تزين‭ ‬التنانير‭ ‬بنفسي‭”. ‬ويختلف‭ ‬عرض‭ ‬التنورة‭ ‬المصرية‭ ‬عن‭ ‬عرض‭ ‬الدراويش‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاثنين‭ ‬يتحدران‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬المولوية‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الشاعر‭ ‬الصوفي‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬الرومي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬قونية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬تركيا‭ ‬الحالية‭. ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬يرتدي‭ ‬الدراويش‭ ‬ثوبا‭ ‬أبيض‭ ‬فضفاض‭ ‬وقبعة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬وبر‭ ‬الإبل‭ ‬ويدورون‭ ‬بوتيرة‭ ‬هادئة‭ ‬على‭ ‬أنغام‭ ‬الموسيقى‭.‬‮ ‬وأدرجت‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬تقليد‭ ‬رقص‭ ‬الدراويش‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬ضمن‭ “‬التراث‭ ‬الشفهي‭ ‬وغير‭ ‬المادي‭ ‬للإنسانية‭”. ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يقدر‭ ‬عدد‭ ‬الصوفيين‭ ‬فيه‭ ‬بنحو‭ ‬15‭ ‬مليونا‭ ‬يتبعون‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬مدرسة‭ ‬صوفية،‭ ‬يرتدي‭ ‬الدرويش‭ ‬أو‭ ‬الراقص‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ “‬اللفيف‭”‬،‭ ‬التنانير‭ ‬الملونة‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬الجزء‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬العرض‭. ‬يقوم‭ ‬عادل‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬بالدوران‭ ‬في‭ ‬عكس‭ ‬اتجاه‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭. ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬تتفتح‭ ‬تنورته‭ ‬المعلقة‭ ‬حول‭ ‬خصره‭ ‬ويرفع‭ ‬ذراعه‭ ‬اليمنى‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬ويمد‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الوصل‭ ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬والسماء‭. ‬وبينما‭ ‬يسرّع‭ ‬وتيرة‭ ‬الدوران،‭ ‬يفصل‭ ‬حبلا‭ ‬في‭ ‬تنورته‭ ‬فتنقسم‭ ‬إلى‭ ‬اثنتين،‭ ‬يرفع‭ ‬واحدة‭ ‬عاليا‭ ‬فوق‭ ‬رأسه‭ ‬بينما‭ ‬تبقى‭ ‬الأخرى‭ ‬حول‭ ‬خصره‭. ‬ويقول‭ ‬إنه‭ ‬بذلك،‭ ‬يروي‭ ‬كيفية‭ ‬انفصال‭ ‬السماء‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬وخلق‭ ‬العالم‭. ‬وتتطلّب‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭ ‬الدرويش‭ ‬على‭ ‬أنغام‭ ‬أناشيد‭ ‬صوفية‭ ‬وإيقاعات‭ ‬الطبول‭ ‬والدفوف،‭ ‬قدرة‭ ‬بدنية‭ ‬عالية،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تنورة‭ ‬تزن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬كيلوغرامات،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬الراقص‭ ‬بالسقوط‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اختل‭ ‬توازنه‭ ‬أو‭ ‬فقد‭ ‬الإيقاع‭.‬

ويقول‭ ‬عادل‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬في‭ ‬البداية،‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بالدوار‭ ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أسقط‭ ‬أحيانا‭”.‬‮ ‬

ويتابع‭ “‬لكنني‭ ‬أتدرب‭ ‬يوميا،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المنزل‭.. ‬مع‭ ‬الموسيقى،‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭”.‬

على‭ ‬المسرح‭ ‬يلتف‭ ‬راقصون‭ ‬آخرون‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ “‬فرقة‭ ‬الجيزة‭ ‬للفنون‭ ‬الشعبية‭” ‬حول‭ ‬عادل‭ ‬ويؤدون‭ ‬الأداء‭ ‬نفسه‭ ‬بشكل‭ ‬متناغم،‭ ‬مثل‭ ‬حركة‭ ‬الكواكب‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭.‬‮ ‬

وأثناء‭ ‬العرض،‭ ‬يقوم‭ ‬راقصو‭ ‬التنورة‭ ‬ببعض‮ ‬‭ ‬الألعاب‭ ‬البهلوانية‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتلامس‭ ‬تنانيرهم‭ ‬أبدا‭. ‬ويلقي‭ ‬البعض‭ ‬تنانيرهم‭ ‬فوق‭ ‬رؤوسهم‭ ‬ويمسكون‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الهواء‭.‬

وتعد‭ ‬التنورة‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬المصرية،‭ ‬وأصبح‭ ‬الراقصون،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الفنادق‭ ‬وأماكن‭ ‬الترفيه،‭ ‬يعلّقون‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬تنانيرهم‭ ‬لإبهار‭ ‬السائحين‭ ‬والمتفرجين‭.‬

ويقول‭ ‬الراقص‭ ‬علي‭ ‬مرسي‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬والذي‭ ‬ارتدى‭ ‬تنورة‭ ‬زرقاء‭ ‬بالكامل،‭ “‬كأنني‭ ‬أطير‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭.. ‬لا‭ ‬أشعر‭ ‬بجسدي‭.. ‬لا‭ ‬أفكر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭”.‬‮ ‬

ويضيف‭ ‬مرسي‭ ‬الذي‭ ‬عشق‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬منذ‭ ‬11‭ ‬عاما‭ “‬في‭ ‬محبة‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬محمد‭”.‬



Most Read

2024-09-19 03:57:44