Breaking News >> News >> Azzaman


تحليل اخباري:المانيا..تنتهز الفرصة وتركب الموجة


Link [2022-06-04 15:36:22]



د. نزار محمود – برلين

لا‭ ‬يذكر‭ ‬اسم‭ ‬المانيا‭ ‬الا‭ ‬وتقفز‭ ‬صورة‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬اللتين‭ ‬سببتا‭ ‬ازهاق‭ ‬أرواح‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬والحقت‭ ‬بالبشرية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬والمآسي،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬كبيرة،‭ ‬الغيت‭ ‬بموجبها‭ ‬حدود‭ ‬وقامت‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬دول‭. ‬لقد‭ ‬تميز‭ ‬القرن‭ ‬العشرون‭ ‬بحربيه‭ ‬اللتين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬كوابيسهما‭ ‬تؤرق‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬ومواصلة‭ ‬التنمية‭ ‬والبناء‭. ‬لقد‭ ‬قامت‭ ‬الحربان‭ ‬العالميتان‭ ‬الاولى‭ ‬والثانية‭ ‬وانطلقتا‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬التي‭ ‬خسرتهما‭ ‬ودفعت‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬أبنائها‭ ‬وأراضيها‭ ‬وثرواتها،‭ ‬والتي‭ ‬قادت‭ ‬الى‭ ‬نشوء‭ ‬النازية‭ ‬على‭ ‬اثر‭ ‬الاولى،‭ ‬والتقسيم‭ ‬على‭ ‬اثر‭ ‬الثانية‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬والغرامات‭ ‬والقيود‭ ‬واستلاب‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬السيادة‭.‬،‭ ‬ومنها‭ ‬تحديد‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬تصنيعاً‭ ‬وامتلاكاً،‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬السياسية،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬البعض‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬الالمانيتين،‭ ‬الشرقية‭ ‬والغربية،‭ ‬بقيتا‭ ‬محتلتين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬لحين‭ ‬إعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٩٠‬،‭ ‬والتي‭ ‬لازالت‭ ‬سيادتها‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان‭ ‬متمثلة‭ ‬بتحديد‭ ‬عدد‭ ‬قواتها‭ ‬وفروع‭ ‬صناعاتها‭ ‬العسكرية‭ ‬وقراراتها،‭ ‬سيما‭ ‬وانها‭ ‬لا‭ ‬تشغل‭ ‬مقعداً‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ولا‭ ‬تتمتع‭ ‬بحق‭ ‬الفيتو‭.‬

بيد‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬التقييدات،‭ ‬ومنذ‭ ‬اعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬الالمانية‭ ‬وانهيار‭ ‬المنظومة‭ ‬الشيوعية‭ ‬ونشوء‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بنظام‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬بقيت‭ ‬رهينة‭ ‬التطورات‭ ‬الدولية‭ ‬وبالخصوص‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والصين‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬وعلى‭ ‬اثر‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬اوكرانيا‭ ‬وما‭ ‬تعنيه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬وجدت‭ ‬المانيا‭ ‬فرصتها‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬يضطر‭ ‬الغرب‭ ‬بغض‭ ‬الطرف‭ ‬عنها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لحماية‭ ‬حدوده،‭ ‬وانما‭ ‬لحاجته‭ ‬الى‭ ‬تعكير‭ ‬الأجواء‭ ‬بين‭ ‬المانيا‭ ‬وروسيا‭ ‬وايقاف‭ ‬مشاريعهما‭ ‬المشتركة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭.‬

لقد‭ ‬حاولت‭ ‬المانيا،‭ ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬خدمة‭ ‬مصالحها،‭ ‬منع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ضد‭ ‬اوكرانيا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬استطاعته‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬ومال،‭ ‬غير‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭. ‬كما‭ ‬انها‭ ‬ماطلت‭ ‬وراوغت‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬توريد‭ ‬السلاح‭ ‬وايقاف‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬تطورات‭ ‬الامور‭ ‬العسكرية‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬الضغط‭ ‬الامريكي‭ ‬والبريطاني‭ ‬المتزايد‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬رغباتها‭. ‬وجاءت‭ ‬التصريحات‭ ‬العنيفة‭ ‬المتأخرة‭ ‬للمستشارة‭ ‬الالمانية‭ ‬السابقة‭ ‬ميركل،‭ ‬لتساهم‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬حد‭ ‬للمرونة‭ ‬الالمانية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬اوكرانيا،‭ ‬ولتعزز‭ ‬طلب‭ ‬الحكومة‭ ‬الائتلافية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬اليها‭ ‬حزبها‭ ‬وتكتلها‭ ‬المسيحي،‭ ‬في‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الحكومة‭ ‬بزيادة‭ ‬الميزانية‭ ‬العسكرية‭.‬

ناقش‭ ‬الجمعة‭ ‬البرلمان‭ ‬الاتحادي‭ ‬الالماني،‭ ‬البونديستاغ،‭ ‬وصوت‭ ‬وقرر‭ ‬باغلبية‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬الثلثين‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬تقدمت‭ ‬به‭ ‬الحكومة‭ ‬الإئتلافية‭ ‬المتكونة‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وحزب‭ ‬الخضر‭ ‬والحزب‭ ‬الليبرالي‭ ‬الالماني‭ ‬بخصوص‭ ‬رفع‭ ‬مالية‭ ‬الجيش‭ ‬الالماني‭ ‬بمقدار‭ ‬‮١٠٠‬‭ ‬مليار‭ ‬يورو،‭ ‬والذي‭ ‬تطلب‭ ‬تعديلاً‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ( ‬الدستور‭) ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬موافقة‭ ‬ثلثي‭ ‬البرلمان‭. ‬يشار‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬التكتل‭ ‬المسيحي‭ ‬المعارض‭ ‬قد‭ ‬اعلن‭ ‬مسبقاً‭ ‬عن‭ ‬موافقته،‭ ‬وبهذا‭ ‬فقد‭ ‬اصبحت‭ ‬الطريق‭ ‬سالكة‭ ‬لتمرير‭ ‬مشروع‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬وزيادة‭ ‬مالية‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭. ‬ويبقى‭ ‬التساؤل‭ ‬قائماً‭: ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬عادت‭ ‬المانيا‭ ‬الى‭ ‬زيادة‭ ‬تسلحها،‭ ‬وماذا‭ ‬لو‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬ما‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقوق‭ ‬تحسبها‭ ‬مستلبة؟‭!‬



Most Read

2024-09-19 10:27:39