Breaking News >> News >> Azzaman


طفح التعليم


Link [2022-06-01 03:16:24]



فاتح عبدالسلام

يحدّثني‭ ‬صديق‭ ‬انه‭ ‬لكثرة‭ ‬الأخطاء‭ ‬الاملائية‭ ‬وغلبة‭ ‬الكتابة‭ ‬باللهجات‭ ‬العامية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬أو‭ ‬تعليقات‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بات‭ ‬يطلبون‭ ‬منه‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصيحة‭ ‬لأنّها‭ ‬تستعصي‭ ‬على‭ ‬فهمهم‭ ‬لها‭. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬طرفة‭ ‬للتندر،‭ ‬وإنّما‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ينتشر‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬الانحطاط‭ ‬التعليمي‭ ‬الأوليّ‭ ‬لملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭.‬

‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬المرئية‭ ‬خاصة،‭ ‬وأحياناً‭ ‬المكتوبة،‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬بوصفها‭ ‬المثال‭ ‬الأعلى،‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬أمامنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬أو‭ ‬أربيل‭ ‬أو‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬مكتوبة‭ ‬باللهجات‭ ‬العامية‭ ‬العراقية‭ ‬أو‭ ‬المصرية‭ ‬أو‭ ‬اللبنانية‭.‬

أصحاب‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام،‭ ‬يبررون‭ ‬ذلك‭ ‬بإنهم‭ ‬مضطرون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬ليسوا‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬وجوده،‭ ‬وانّما‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬انهيار‭ ‬مستويات‭ ‬التعليم‭ ‬والتربية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وانهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬اصلاح‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬إصلاحه‭ ‬الحكومات،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يذهبون‭ ‬الى‭ ‬التماشي‭ ‬مع‭ ‬مستويات‭ ‬المتلقين‭ ‬الضحلة‭.‬

التعليم‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬المباشر‭ ‬لهذا‭ ‬الانحدار،‭ ‬وغياب‭ ‬الدعم‭ ‬الكافي‭ ‬لجهاز‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الست‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬يتأسس‭ ‬عليها‭ ‬حب‭ ‬التعلم‭ ‬والتعلق‭ ‬بالمعارف‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬خط‭ ‬صحيح‭.‬

وفي‭ ‬المراحل‭ ‬التعليمية‭ ‬اللاحقة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجامعة،‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬لشخصية‭ ‬الانسان،‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬خياراته‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬او‭ ‬العلوم‭ ‬الصرفة،‭ ‬او‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالعلمي‭ ‬والأدبي‭. ‬والجانبان‭ ‬يحتاجان‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬كوادر‭ ‬التدريس‭ ‬بالتوجيه‭ ‬نحوها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انحيازات‭ ‬ضاغطة‭.‬

كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬ان‭ ‬نشهد‭ ‬تنظيم‭ ‬رحلات‭ ‬علمية‭ ‬لطلبة‭ ‬الإعداديات‭ ‬لزيارة‭ ‬معارض‭ ‬الكتب‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬أو‭ ‬أربيل‭. ‬والرحلات‭ ‬العلمية‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬والبناء‭ ‬الفكري،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬تقاليد‭ ‬لبعض‭ ‬الأقسام‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬وما‭ ‬ندر‭ ‬من‭ ‬الاعداديات‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬زيارات‭ ‬للمتاحف‭ ‬والمواقع‭ ‬الاثارية‭ ‬القريبة‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬الدوام‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬تخصيص‭ ‬يوم‭ ‬منفرد‭.‬

التعليم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬استباط‭ ‬خلاصات‭ ‬حب‭ ‬المعرفة‭ ‬وغرزها‭ ‬في‭ ‬النفوس،‭ ‬وعكس‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬اننا‭ ‬سنرى‭ ‬اكداسا‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يصلحون‭ ‬للحياة‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬وظائف،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬توافرت‭ ‬لهم‭ ‬فرص‭ ‬عمل،‭ ‬لأنهم‭ ‬لم‭ ‬يتلقوا‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬بطرق‭ ‬حديثة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

التعليم‭ ‬أساس‭ ‬وجود‭ ‬صحة‭ ‬وزراعة‭ ‬وصناعة‭ ‬وتجارة‭ ‬ورياضة‭ ‬جيدة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬السعادة‭ ‬والأمل‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-20 04:07:22