Breaking News >> News >> Azzaman


‏وقال السامرائي ما أدهشني-رباح آل جعفر


Link [2022-06-01 03:16:24]



‏أستاذنا‭ ‬العالم‭ ‬اللغوي‭ ‬الكبير‭ ‬الدكتور‭ ‬فاضل‭ ‬السامرائي‭ ‬أهداني‭ ‬وله‭ ‬الشكر‭ ‬مجموعة‭ ‬مؤلفاته‭ ‬الجليلة‭ ‬مشفوعة‭ ‬بكلمات‭ ‬المحبَّة‭ ‬والاعتزاز،‭ ‬بينها‭ ‬تحفتة‭ ‬البلاغية‭ “‬على‭ ‬طريق‭ ‬التفسير‭ ‬البياني‭” ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬أجزاء‭. ‬

‏والسامرائي‭ ‬شديد‭ ‬التواضع‭ ‬بنفسه‭. ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الكبار‭. ‬مثل‭ ‬غصنٍ‭ ‬أخضر‭ ‬حين‭ ‬يحمل‭ ‬ثماراً‭ ‬فإنه‭ ‬ينحني‭. ‬أو‭ ‬كالنحلة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬الرحيق‭ ‬في‭ ‬بستان‭ ‬من‭ ‬الزهور،‭ ‬ثم‭ ‬تقدّمه‭ ‬لنا‭ ‬عسلاً‭ ‬مُصفَّى‭, ‬أو‭ ‬كحامل‭ ‬المسك‭ ‬إمّا‭ ‬أن‭ ‬يعطيك‭ ‬عطراً‭ ‬ومسكاً،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬عنده‭ ‬رائحة‭ ‬طيّبة‭. ‬

‏ومن‭ ‬تواضعه‭ ‬حين‭ ‬تسمعه‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬عالماً‭ ‬ولا‭ ‬أستاذاً،‭ ‬بل‭ ‬مجرد‭ ‬تلميذ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتعلم‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬وإعجازه،‭ ‬والعربية‭ ‬وآدابها‭.. ‬فإذا‭ ‬سمع‭ ‬إطراء‭ ‬المحبّين‭ ‬انسحب‭ ‬فرط‭ ‬حيائه‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬أصابعه‭!.‬

والسامرائي‭ ‬عالِمٌ‭ ‬مُدهش‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬الغريبة،‭ ‬والروحانيات‭ ‬العجيبة،‭ ‬والحكايات‭ ‬المثيرة،‭ ‬والنوادر‭ ‬اللطيفة‭.. ‬تسأله‭ ‬بلهفة،‭ ‬وتنتظر‭ ‬جوابه‭ ‬بشوق،‭ ‬فيُطفئ‭ ‬ظمأ‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬حائر،‭ ‬أو‭ ‬يشفي‭ ‬غليلاً‭ ‬لمشتاق‭. ‬

‏إنه‭ ‬السهل‭ ‬الممتنع،‭ ‬يتحدث‭ ‬إليك‭ ‬عفو‭ ‬الخاطر‭ ‬بتلقائية‭ ‬محبَّبة‭ ‬حديثاً‭ ‬كله‭ ‬صفاء‭ ‬ونقاء‭. ‬ولغته‭ ‬شجرة‭ ‬تورق‭ ‬وتزهر‭ ‬ككلِّ‭ ‬الأشجار‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬يحاصرنا‭ ‬الجفاف‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬واستبيح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حياتنا‭ ‬اللغوية‭.‬

وليست‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬متعة‭ ‬وأنت‭ ‬تقرأ‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ “‬على‭ ‬طريق‭ ‬التفسير‭ ‬البياني‭” ‬لهذا‭ ‬العالم‭ ‬الكبير‭ ‬فإنه‭ ‬يُحلِّق‭ ‬بك‭ ‬على‭ ‬جناح‭ ‬طائر،‭ ‬ويأخذك‭ ‬بلمساته‭ ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬بعيدة،‭ ‬فيشرح‭ ‬لك‭ ‬الفرق‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬بين‭ “‬يطّهّر‭” ‬و‭”‬يتطهّر‭”‬،‭ ‬و‭”‬يذّكّر‭” ‬و‭”‬يتذكّر‭”‬،‭ ‬و‭”‬يستطع‭” ‬و‭”‬يسطع‭”.. ‬و‭”‬لا‭ ‬تتفرّقوا‭” ‬و‭”‬لا‭ ‬تفرّقوا‭”.. ‬وبين‭ ‬مغفرة‭ ‬وغفران،‭ ‬وعداوة‭ ‬وعدوان،‭ ‬ونخل‭ ‬ونخيل‭. ‬

‏ولماذا‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ “‬فانفجرت‭” ‬وقال‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأعراف‭ “‬فانبجست‭”‬؟‭ ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬جاء‭ ‬التعبير‭ ‬القرآني‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ “‬أياماً‭ ‬معدودة‭” ‬بينما‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران‭ “‬أياماً‭ ‬معدودات‭”‬؟‭. ‬

‏وما‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ “‬سبع‭ ‬سنابل‭”‬،‭ ‬و‭”‬سبع‭ ‬سنبلات‭”‬؟‭.. ‬ولماذا‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ “‬نغفر‭ ‬لكم‭ ‬خطاياكم‭” ‬وفي‭ ‬سورة‭ ‬الأعراف‭ “‬نغفر‭ ‬لكم‭ ‬خطيئتكم‭”‬؟‭!.‬

‏وقد‭ ‬أدهشني‭ ‬حديثه‭ ‬الممتع‭ ‬عن‭ ‬الرؤى‭ ‬والأحلام‭. ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬مرَّت‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬سنوات‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭. ‬وكان‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬في‭ ‬نومه‭ ‬يصبح‭ ‬حقيقة‭ ‬في‭ ‬يقظته‭. ‬

‏ومن‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬والده‭ ‬في‭ ‬نومه‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬الحج،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬استقباله‭ ‬أشخاص‭ ‬جلس‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬البيت،‭ ‬وكان‭ ‬أمام‭ ‬والده‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬برتقال،‭ ‬وعندما‭ ‬قام‭ ‬بتقشير‭ ‬إحداها‭ ‬انسكب‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬ثوبه‭. ‬

‏وحدث‭ ‬في‭ ‬اليقظة‭ ‬أن‭ ‬عاد‭ ‬والده‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الديار‭ ‬المقدسة‭ ‬وجلس‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬ذاته،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬استقباله‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬رآهم‭ ‬السامرائي‭ ‬في‭ ‬نومه،‭ ‬وبثيابهم‭ ‬ذاتها،‭ ‬وحدث‭ ‬أيضاً‭ ‬أنهم‭ ‬جلسوا‭ ‬كلهم‭ ‬كما‭ ‬رآهم‭ ‬في‭ ‬منامه‭ ‬بالترتيب،‭ ‬وانسكب‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬برتقالة‭ ‬كان‭ ‬يقشّرها‭ ‬والده‭. ‬وقال‭ ‬كلمات‭ ‬سمعها‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬نومه‭. ‬فماذا‭ ‬يعني؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬الصدف؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬لمسة‭ ‬من‭ ‬الغيب‭ ‬يمنحها‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬من‭ ‬يشاء‭ ‬من‭ ‬عباده؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬خطرة‭ ‬من‭ ‬خطرات‭ ‬الروح‭ ‬كما‭ ‬أخبرني‭ ‬مفكرنا‭ ‬مصطفى‭ ‬محمود؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬الخارقية‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬أستاذنا‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬الوردي؟‭!.‬

‏ونحن‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬السامرائي‭ ‬وبركاته‭ ‬اللغوية‭ ‬كلما‭ ‬التبست‭ ‬علينا‭ ‬الأمور‭ ‬وضاقت‭ ‬بنا‭ ‬الصدور‭. ‬إنه‭ ‬يذكّرنا‭ ‬بزمن‭ ‬أولئك‭ ‬الكبار‭: ‬ابن‭ ‬جنِّي‭ ‬في‭ ‬‭”‬خصائصه‭”‬،‭ ‬والزمخشري‭ ‬في‭ “‬أساسه‭”‬،‭ ‬والفيروز‭ ‬آبادي‭ ‬في‭ “‬قاموسه‭”‬،‭ ‬وأبي‭ ‬حيّان‭ ‬في‭ “‬بحره‭ ‬المحيط‭”‬،‭ ‬والجرجاني‭ ‬في‭ “‬أسرار‭ ‬بلاغته‭”.. ‬ولهذا‭ ‬العالم‭ ‬ثوابه‭ ‬عند‭ ‬الله‭. ‬وأرجو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عند‭ ‬الناس‭ ‬شيئ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الثواب‭.. ‬لمن‭ ‬يعرفون‭ ‬أقدار‭ ‬الناس‭!.‬



Most Read

2024-09-20 04:07:55