نيويورك (أ ف ب) – تعاني المهاجرات العاملات في صالونات العناية بالأظافر ذات الأسعار المنخفضة والمنتشرة في شوارع نيويورك، من انخفاض في أجورهنّ بالإضافة إلى ظروف عمل سيئة ومخاطر صحية، ويأملن في إقرار قانون من شأنه تحسين واقعهنّ.
تقول مايا بوسال باسنيه التي تركت نيبال وتوجهت إلى الولايات المتحدة عام 2009، وهي تجلس إلى جانب مجموعة متعددة الألوان من زجاجات طلاء الأظافر إنّ “فكرة المجيء إلى الولايات المتحدة كانت حلماً بحد ذاتها”.
وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً لوكالة فرانس برس “واجهت خلال عملي لسنوات في صالون للعناية بالأظافر مشاكل كثيرة لا أرغب في إخبارها لأطفالي”.
ونظّمت نحو مئة عاملة في صالونات العناية بالأظافر مظاهرة احتجاجية الشهر الفائت في مانهاتن، غنّين خلالها ورقصن تحت ناطحات السحاب الشاهقة.
وتطالب هذه العاملات بتطبيق ما ينص عليه القانون في ما يتعلق بالحد الأدنى للأجور، وهو 15 دولاراً في الساعة، وبتلقيهنّ مردوداً عن ساعات عملهنّ الإضافية، وإتاحة أكبر للقفازات والأقنعة الواقية، بالإضافة إلى حقّهن في استراحة خلال دوام العمل والحصول على حماية اجتماعية.
وتدعو الحملة التي انطلقت بقيادة تحالف يضمّ مجموعات ناشطة وبدعم من النواب الديموقراطيين، إلى إنشاء هيئة تجمع أصحاب العمل والموظفين للعمل معاً على وضع حدّ أدنى من المعايير لاعتمادها في ولاية نيويورك.
وتشير التقديرات إلى أن الولاية تضم أكثر من خمسة آلاف صالون و17 الف موظفة، غالبيتهنّ من المهاجرات المتحدرات من آسيا وأميركا اللاتينية.
وبدأت السلطات الأميركية النظر إلى قضية هؤلاء العاملات بعدما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقاً حول الممارسات الاستغلالية في هذا القطاع.
وسجلت حكومة ولاية نيويورك منذ العام 2016 أكثر من 1800 انتهاك لقوانين العمل في صالونات العناية بالأظافر، وغرّمت أصحابها بدفع مليوني دولار للعاملات.
وساهم إقرار الحد الأدنى للأجور البالغ 15 دولاراً في الساعة في موازنة 2016-2017 بالإضافة إلى إلغاء الاقتطاعات من البقشيش، إلى تحسين ظروف عمل كثيرات في هذا القطاع، بحسب ما توضح وزارة العمل في نيويورك.
لكنّ باسنيه تعتبر أنّ إجراءات كثيرة لا يزال يتعين البت بها. وتوضح أنّ أصحاب الصالونات لا يعتمدون جميعهم الحد الأدنى للأجور، ويلجأ من يلتزم به إلى تخفيض ساعات عملهنّ.
وتقول متسائلةً ”كيف سأصمد هنا وأنا أعمل 26 أو 27 ساعة أسبوعياً أو عندما أعود إلى المنزل من دون أجر لأنّ الصالون لم يستقبل زبونات”.
- مخاوف صحية -
وتشير دراسة حديثة أجرتها كلية العمال التابعة لجامعة كورنيل إلى أنّ “الجداول الزمنية غير المتوقعة” و”سرقة الأجور” جراء عدم دفع الرواتب المستحقة للعمال، لا تزالان سائدتين.
وتقول الباحثة زوي ويست المشاركة في إعداد الدراسة لوكالة فرانس برس إنّ “عدداً كبيراً من العاملات يعانين انعداماً في الأمن الاقتصادي، ويواجهن صعوبات لدفع فواتيرهنّ بحلول نهاية الشهر”.
وتضيف أنّ “عاملات كثيرات لا يحصلن في أغلب الاحيان على الحماية الاجتماعية، ولا يتمتعن معظمهنّ بتأمين صحي في وظائفنّ”.
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأنّ الحد الأدنى للأجور في هذا القطاع كان 14,31 دولاراً في الساعة في منطقة نيويورك عام 2021، وهو أدنى مما ينص عليه القانون. ولم تردّ تجمعات أصحاب العمل بعدما حاولت وكالة فرانس برس التواصل معهم للحصول على تعليقهم في شأن هذا الموضوع.
وتبرز المخاوف الصحية كذلك إلى جانب المسألة المالية. وتلفت باسنيه إلى أنّها عانت في كثير من الأحيان تهيجاً في جلدها وسعالاً مزمناً وصعوبات في التنفس نتيجة المواد الكيميائية التي تستخدمها في عملها، ومن بينها الأسيتون والأكريليك.
وتشير الجهات الناشطة في هذا المجال إلى مخاطر تتعرض لها النساء الحوامل وأجنّتهنّ، حتى لو لم تتوصل الدراسات العلمية إلى استنتاجات مؤكدة في هذا الشأن.
وأُلزمت صالونات التجميل الحديثة بدءاً من العام 2016 على اعتماد صيغة لتهوية المكان، فيما مُنحت الصالونات القديمة خمس سنوات لتحديث هذا الإجراء فيها، لكن ولاية نيويورك مددت هذه المهلة الزمنية إلى تشرين الأول/أكتوبر 2022 بسبب “الصعوبات الاقتصادية” الناجمة عن جائحة كوفيد-19. وتكمن إحدى المشكلات بنظر ويست في طريقة تنظيم هذا القطاع، إذ يتنافس عدد كبير من الصالونات الصغيرة ما يؤدي إلى انخفاض تكاليف تجميل الأظافر وبالتالي الأجور.
وتواجه ديبا شريش سينغالي، وهي موظفة سابقة وأصبحت حالياً مديرة صالون في كوينز، هذه المشكلة.
وتقول لوكالة فرانس برس “أرغب على المدى البعيد في رفع الأسعار لكن لا أستطيع اتخاذ هذه الخطوة حالياً بسبب عدد الزبونات المنخفض جراء الجائحة”، مشيرة إلى أنّ منافسيها خفّضوا أسعارهم في المرحلة الأخيرة.
2024-09-20 03:58:59