Breaking News >> News >> Azzaman


الحزام الأخضر داخلي وليس خارجياً


Link [2022-05-28 11:51:41]



فاتح عبدالسلام

يظن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬انّ‭ ‬الحزام‭ ‬الأخضر‭ ‬الذي‭ ‬يقي‭ ‬المدن‭ ‬من‭ ‬العواصف‭ ‬الترابية‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬محيط‭ ‬اية‭ ‬مدينة‭ ‬مثل‭ ‬نقاط‭ ‬التفتيش‭ ‬العسكرية‭ ‬ليمنع‭ ‬موجات‭ ‬التراب‭ ‬التي‭ ‬ذاق‭ ‬العراق‭ ‬مرارتها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الاوربية،‭ ‬وفي‭ ‬لندن‭ ‬مثلا،‭ ‬هناك‭ ‬تصميم‭ ‬اجباري‭ ‬للعواصم‭ ‬والمدن‭ ‬في‭ ‬ترسيم‭ ‬مساحات‭ ‬البناء‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬منطقة‭ ‬سكنية‭ ‬ربع‭ ‬أو‭ ‬ثلث‭ ‬أو‭ ‬نصف‭ ‬المساحة‭ ‬الكلية‭ ‬بحسب‭ ‬القوانين‭ ‬المحلية‭ ‬المتاحة‭. ‬وتكون‭ ‬المساحات‭ ‬المتبقية‭ ‬فضاءات‭ ‬خضراء‭ ‬تضم‭ ‬اشجاراً‭ ‬وأمكنة‭ ‬ومجالات‭ ‬عامة‭ ‬للتنزه‭ ‬وممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬الشخصية‭ ‬للعوائل‭ ‬والمدارس‭ ‬ايضاً‭.‬

هذه‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬هي‭ ‬رئات‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬انتاج‭ ‬الاوكسجين‭ ‬وتنقية‭ ‬الأجواء‭ ‬وتكون‭ ‬حواجز‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬لجميع‭ ‬أنواع‭ ‬العواصف‭ ‬التي‭ ‬تجتاح‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭.‬

‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬غابات‭ ‬من‭ ‬البساتين‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬تتداخل‭ ‬مع‭ ‬محيط‭ ‬بغداد،‭ ‬وقسم‭ ‬منها‭ ‬كان‭ ‬مشروعا‭ ‬واعدا‭ ‬للنمو‭ ‬في‭ ‬المساحات‭ ‬المتروكة‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬العاصمة،‭ ‬لكن‭ ‬منظر‭ ‬الأشجار‭ ‬المقطوعة،‭ ‬لاسيما‭ ‬التي‭ ‬بقيت‭ ‬جذوعها‭ ‬وبترت‭ ‬رؤوسها،‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬اتجاهاً‭ ‬اخر‭ ‬نحو‭ ‬زيادة‭ ‬الكتل‭ ‬الاسمنتية‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بأية‭ ‬خطط‭ ‬لحماية‭ ‬بيئتها‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬انها‭ ‬خرجت‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وانها‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬بيد‭ ‬الإرهاب‭ ‬كمدن‭ ‬ثلث‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬استبيحت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ .‬

ضاعت‭ ‬سنوات‭ ‬تلو‭ ‬سنوات،‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬كفيلة‭ ‬بإقامة‭ ‬الاحزمة‭ ‬الخضراء‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يفكر‭ ‬باستحداثها،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬ان‭ ‬الوقت‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لقلّة‭ ‬كميات‭ ‬الماء‭ ‬المتدفقة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬القليل‭ ‬المائي‭ ‬الوارد‭ ‬لا‭ ‬يستغلونه‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬صحيح،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مياه‭ ‬الامطار‭ ‬بطريقة‭ ‬التجميع‭ ‬بحسب‭ ‬خطط‭ ‬علمية‭ ‬للإفادة‭ ‬في‭ ‬السقي‭ ‬والشرب‭ ‬والتنزه‭.‬

لقد‭ ‬ألقوا‭ ‬اللوم‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تكترث‭ ‬لحال‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬مزرياً‭ ‬امامها،‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬مراعية‭ ‬لمصالحه‭ ‬التي‭ ‬فرط‭ ‬اصحابها‭ ‬بها‭ ‬أصلاً‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭.‬

‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬جميعها‭ ‬لديها‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬المياه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وقد‭ ‬ابتكروا‭ ‬لها‭ ‬حلولاً‭ ‬وتعايشوا‭ ‬مع‭ ‬تداعياتها‭ ‬بطريقة‭ ‬الترشيد‭ ‬المنضبط،‭ ‬برغم‭ ‬من‭ ‬انهم‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬الكامل،‭ ‬لكنهم‭ ‬ساروا‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬ستوصلهم‭ ‬الى‭ ‬حلول‭. ‬فماذا‭ ‬صنعت‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬بدورها؟

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-20 07:33:29