Breaking News >> News >> Azzaman


الطبلة المصرية تنفصل عن الراقصات وتستقطب العازفات في الحفلات والأعراس 


Link [2022-05-26 09:01:55]



القاهرة‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬استطاعت‭ ‬الطبلة‭ ‬أن‭ ‬تهز‭ ‬قلوب‭ ‬المصريين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات،‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬حفلات‭ ‬الزفاف‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سهرات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية،‭ ‬لكنّ‭ ‬العازفين‭ ‬باتوا‭ ‬يطلّون‭ ‬بمفردهم‭ ‬على‭ ‬المسرح،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الراقصات‭ ‬الشرقيات‭ ‬اللواتي‭ ‬كنّ‭ ‬يرافقنهم،‭ ‬سعياً‭ ‬إلى‭ ‬تخليص‭ ‬ملكة‭ ‬آلات‭ ‬الايقاع‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬السمعة‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بها‭.‬

وقال‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬المصرية‭ ‬أحمد‭ ‬المغربي‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ “‬الصورة‭ ‬الشعبية‭ ‬للطبلة‭ ‬سلبية‭ ‬جداً‭”.‬

ورغم‭ ‬أنها‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬ومرسومة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المعابد‭ ‬الفرعونية‭ ‬كمعبد‭ ‬حتحور‭ ‬في‭ ‬صعيد‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬600‭ ‬كيلومتر‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬من‭ ‬القاهرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الطبلة‭ ‬ارتبطت‭ ‬في‭ ‬الأذهان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬بالراقصات‭ ‬الشرقيات‭ ‬اللواتي‭ ‬يتمايلن‭ ‬بملابسهن‭ ‬المثيرة‭ ‬في‭ ‬الملاهي‭ ‬الليلية‭ ‬حتى‭ ‬ساعات‭ ‬الفجر‭ ‬الأولى‭.‬

وتحولت‭ ‬الطبلة‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬رمزا‭ “‬للفجور‭”. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬هي‭ ‬مهد‭ ‬الرقص‭ ‬الشرقي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬النظرة‭ ‬إلى الراقصات‭ ‬الشرقيات‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬المحافظ،‭ ‬تصوّرهن‭ ‬على‭ ‬أنهن‭ ‬فاسقات،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬مومسات‭.‬

‭”‬أين‭ ‬الراقصة؟‭”‬

لكن‭ ‬منذ‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬قرر‭ ‬هواة‭ ‬الطبلة‭ ‬أن‭ ‬يجعلوا‭ ‬منها‭ ‬النجم‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استبعاد‭ ‬الراقصات‭ ‬عنها‭.‬

ويوضح‭ ‬العازف‭ ‬مصطفى‭ ‬بكار‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ “‬صرخة‭ ‬جديدة‭ ‬اليوم‭ ‬وهي‭ ‬حفلات‭ ‬الطبلة‭ ‬السولو‭ (‬المنفردة‭)”. ‬ويشرح‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬وجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬اقناع‭ ‬أسرته‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعزف‭ ‬على‭ ‬آلته‭ ‬المفضلة‭ ‬بسبب‭ ‬سمعتها‭.‬

ويقول‭ ‬العازف‭ ‬الثلاثيني‭ ‬الذي‭ ‬يدرس‭ ‬الموسيقى‭ ‬كذلك‭ “‬الناس‭ ‬يرون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬مشينا‭ ‬وكانوا‭ ‬يسخرون‭ ‬مني‭ ‬ويسألونني‭ ‬أين‭ ‬الراقصة؟‭”.‬

هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬طرحها‭ ‬فيلم‭ ‬مصري‭ ‬شهير‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬وهو‭ “‬الراقصة‭ ‬والطبال‭” ‬الذي‭ ‬يروي‭ ‬القصة‭ ‬الحزينة‭ ‬لعازف‭ ‬طبلة‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬مواصلة‭ ‬عمله‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تركته‭ ‬الراقصة‭ ‬الشرقية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يرافقها‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الحفلات‭.‬

وإضافة‭ ‬الى‭ ‬أنه‭ ‬يدرس‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الطبلة،‭ ‬ينظم‭ ‬بكار‭ ‬حفلات‭ ‬عزف‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬لآخر‭ ‬لكي‭ ‬يجتذب‭ ‬الهواة‭.‬

‭- “‬علاج‭ ‬بالموسيقى‭”-‬

ويشرح‭ ‬كيف‭ ‬ينظم‭ ‬هذه‭ ‬الحفلات‭ ‬العفوية‭ ‬قائلا‭ “‬أوزع‭ ‬طبلة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬حولي‭ ‬ونعزف‭ ‬موسيقى‭ ‬جماعية‭”.‬

وترى‭ ‬طبيبة‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والعصبية‭ ‬كريستين‭ ‬يعقوب‭ ‬بحماسة‭ “‬أنه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العلاج‭ ‬الجماعي‭”.‬

وتوضح‭ ‬أنها‭ ‬تشارك‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬تلك‭.‬

وتتابع‭ ‬الطبيبة‭ ‬الثلاثينية‭ “‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الطبلة‭ ‬تجعل‭ ‬الناس‭ ‬سعداء‭ ‬ولذلك‭ ‬استخدمها‭ ‬الآن‭ ‬كعلاج‭ ‬موسيقي‭ ‬مع‭ ‬المرضى‭”.‬‮ ‬

وتضيف‭ ‬انه‭ ‬عندما‭ ‬يضرب‭ ‬العازفون‭ ‬معا‭ ‬الطبلة‭ “‬تزداد‭ ‬درجة‭ ‬تركيزنا‭”‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الطبلة‭ ‬تتيح‭ ‬للمرء‭ “‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭”.‬

وليست‭ ‬كريستين‭ ‬يعقوب‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تتعلم‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬مع‭ ‬بكار،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المصريات‭ ‬اللواتي‭ ‬يتعلمن‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآلة‭ ‬أو‭ ‬يمتهنّ‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬يتزايد‭ ‬باستمرار‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تُعتبر‭ ‬عادةً‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬الرجال‭ ‬وحدهم،‭ ‬ورغم‭ ‬الانتقادات‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرضن‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬الاندهاش‭ ‬الذي‭ ‬يلاقينه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬كسرت‭ ‬رانيا‭ ‬عمر‭ ‬ودنيا‭ ‬سامي‭ ‬المحظور‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وواجهت‭ ‬عازفتا‭ ‬الطبلة،‭ ‬واحداهن‭ ‬محجبة،‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بثتا‭ ‬على‭ ‬الانترنت‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬لعزفهما‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬العازفتين‭ ‬لم‭ ‬ترتدعا‭ ‬بل‭ ‬أفادتا‭ ‬مما‭ ‬حدث‭ ‬لتشكيل‭ ‬أول‭ ‬فرقة‭ ‬لعازفات‭ ‬الطبلة،‭ ‬ونجحتا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

‭-“‬طبلة‭ ‬الست‭”-‬

في‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬انضمت‭ ‬سهي‭ ‬محمود‭ (‬33‭ ‬سنة‭) ‬الى‭ ‬الحركة‭ ‬وأنشأت‭ ‬فرقة‭ “‬طبلة‭ ‬الست‭” ‬من‭ ‬أجل‭ “‬اعطاء‭ ‬الفرصة‭ ‬لكل‭ ‬النساء‭ ‬للغناء‭ ‬والعزف‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬بحرية‭”‬،‭ ‬على‭ ‬قولها‭.‬

منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬أحيت‭ ‬سهي‭ ‬محمود‭ ‬مع‭ ‬ثماني‭ ‬عازفات‭ ‬أخريات‭ ‬حفلات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬مصر‭ ‬ولاقين‭ ‬إعجاب‭ ‬الجمهور‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬الجديد‭ ‬ولكن‭ ‬ايضاً‭ ‬المشاهدين‭ ‬ذوي‭ ‬الذوق‭ ‬التقليدي‭.‬

وذات‭ ‬مساء‭ ‬تجمع‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬ساقية‭ ‬الصاوي‭ ‬،‭ ‬أسفل‭ ‬أحد‭ ‬الجسور‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة‭ ‬المصرية،‭ ‬للغناء‭ ‬مع‭ ‬الفرقة‭ ‬والتصفيق‭ ‬لموسيقيات‭ “‬طبلة‭ ‬الست‭” ‬اللواتي‭ ‬يرتدين‭ ‬فساتين‭ ‬خضراء‭.‬

وباتت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عضوات‭ ‬الفرقة،‭ ‬وهي‭ ‬فيرجينا‭ ‬نادر‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬الحادية‭ ‬والعشرين‭ ‬وبدأت‭ ‬تعلم‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬قبل‭ ‬12‭ ‬عاما،‭ ‬تعيش‭ ‬من‭ ‬عائد‭ ‬عملها‭. ‬لكن‭ ‬البدايات‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭.‬

وتقول‭ “‬يتضايق‭ ‬منا‭ ‬الرجال‭ ‬لآننا‭ ‬ننافسهم‭ ‬ولأن‭ ‬الناس‭ ‬يعشقوننا‭”.‬

وتصيف‭ “‬توجد‭ ‬عقبات‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يمنعنا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نواصل‭ ‬كسر‭ ‬القواعد‭” ‬السائدة‭.‬



Most Read

2024-09-20 11:35:18