Breaking News >> News >> Azzaman


سوق لغوية – طالب سعدون


Link [2022-05-25 23:52:03]



نبض القلم

سوق لغوية – طالب سعدون

الشارع هو مرآة المجتمع …

وشوارعنا اليوم  تعيش فوضى ليس في المرور فقط  ، وتجاوز على حق المواطن في السير بيسر وانسيابية تؤمن راحته وسلامته  وإنما  يعيش حالة من الفوضى  اللغوية كذلك ، وتجاوز على الذوق واعتداء على  اللغة.. تجعل المتعلم يعيش حالة من الازدواجية بين ما تعلمه وما يتعامل به في الواقع ..

فاينما تتجه تجد (عبوات لغوية) مزروعة في الشوارع و  (يافظات) وعلامات ودلالات وعناوين واسماء لمكاتب ومحلات ، وهي بعيدة عن اللغة السليمة ، تدلل على عدم إهتمام من خطها بلسانه العربي ..

هذا الوضع الغريب والبائس للغة قادت العالم لقرون وكانت الواسطة لنقل العلوم العربية والاسلامية الى أوربا دفع أحد عشاقها  من الجزائريين الامازيغيين (مولود قاسم) الى أن يحمل معه طلاء في سيارته ليصحح به الاخطاء اللغوية في (اللافتات) العمومية في الشارع .. كم (قاسم) تحتاج شوارعنا  لتنظيفها من هذه الالغام اللغوية ..

شارع غريب وعجيب …  يعيش حالة من (الاستعمار اللغوي) تتزاحم اللغات واللهجات على السيطرة عليه ، أو كأنه (سوق لغوية) تتنافس فيه اللغات على الصدارة والغلبة  للاقوى وليس للاصلح.. والانترنيت لعب  دورا في  تراجع اللغة العربية امام اللغات الاخرى  وشيوع المصطلحات الجديدة الغريبة  التي لا تمت بصلة الى لغتنا واخذت تتردد على الالسن وفي التعامل  … والسبب انها لا تخضع الى مراجعة وتدقيق قبل النشر فيها وهي مفتوحة امام الجميع دون ضوابط .

شارع تتنافس فيه اللهجة  العامية واللغة الاجنبية على الصدارة  في الاعلانات الدعائية ، وأسماء المحلات ، وتتراجع اللغة العربية أمامهما ، وكأنها عاجزة ، أو عقيم لم تستطع أن تلد اسماء ومعاني تناسب ذوق الشارع الحديث والعولمة ، أوتستهوي الزبون وتوقعه في شباك (المعروض) كما هي اللغة الاجنبية عندما تكون عنوانا للمحل أو المنتج …

والطامة الكبرى أن  وسائل الاعلام بدل أن تنمي الحس اللغوي ، والاهتمام باللغة العربية التي تخاطب بها جمهورها والمتلقين عموما تجد من بينها من انتقل اليه الفساد في اللغة، لجسامة ما يقع فيه البعض من أخطاء في  بعض الصحف ، ومنها صحف عربية  كبيرة ومعروفة ، رغم أن أخطاءهم ليست بذلك التعقيد والصعوبة ، ومن أساسيات اللغة ، ولا تحتاج الى سيبويه أخر ليصححها لهم …

فكيف يقع في مثل هذه الاخطاء صحفي ، والمفروض أن يكون ملما باللغة العربية – خاصة عندما يكون ناطقا بها – بقدر مناسب لعمله  ، يعينه على إيصال فكرته باسلوب راق وجميل بدون أخطاء تفسد الفكرة وتضعف المعنى وبدون لحن في الكلام على الهواء ..

وكم هو مؤسف أن تجد أخطاء في الاخبار المكتوبة أسفل الشاشة في بعض الفضائيات ، وهي تدور أمام أنظار المشاهدين على مدار الساعة ، ومنهم اطفال وناشئة وفتيان .. أخطاء لا يراعي من صاغها  أبسط القواعد النحوية والاملائية .

ورحم الله العلامة مصطفى جواد الذي جعل برنامجه الرائع (قل ولا تقل) مدرسة لغوية عامة ، تساهم في تنمية الاحساس باللغة ، وتقي الانسان من الوقوع في الخطأ . وكذلك الدكتور فاضل السامرائي في برنامجه الرائع لمسات بيانية ..

فاين نحن من هذه المدارس ، وهذه البرامج ، وهؤلاء الاعلام الكبار. ولماذا غابت عن معظم الشاشات العربية . ولدينا علماء ومتخصصون بامكانهم تقديم مثل هذه البرامج المهمة .

ولماذا لا توجد جهة معينة تنظم الأمر ، بشكل يحافظ على اللغة العربية وسلامتها، اذ لا يعقل ان يترك اطفالنا من صغرهم  يعتادون على  أخطاء صارخة في الشارع والشاشة ، تجعل من الصعوبة عليهم تقبل قواعد اللغة الصحيحة في المدرسة ، ويعيشون ازدواجية لغوية بين تلك الاخطاء والقواعد الصحيحة …

لماذا هذه الفوضى ، وهذا التلوث اللغوي ، وعدم الاهتمام بلغة كرمها الله بكتابه الكريم ، واختارها لغة لاهل النعيم في الجنة وهي على هذه الدرجة من البؤس في الدنيا ..

انها لغة وحدة و دين وعلم وحياة … لغة كتاب الله المقدس ..وستظل خالد بخلوده ….

{ { { {

كلام مفيد :

لماذا نكره ، وليس هناك في الدنيا شيء يستحق أن نلوث قلوبنا من أجله بالكره .. كيف نكره و (القاسية قلوبهم) هم الأبعد عن الله ..؟!



Most Read

2024-09-20 11:46:35