Breaking News >> News >> Azzaman


الأهوار وقطارات مظفر النواب – نعيم عبد مهلهل


Link [2022-05-22 18:58:08]



الأهوار وقطارات مظفر النواب – نعيم عبد مهلهل

طالما أمتعنا الليل بحنين القطارات ونحن نسمع القصيدة المغناة (الريل وحمد ) للشاعر مظفر النواب أو نقرأها في ديوان شعري يحمل أسم الاغنية عنوانا له كان ممنوع وجوده في المدارس . ولهذا كنا نصنع مع الريل الصوت ، الريل الاغنية ، الريل القصيدة شجنا سومريا يؤثث فينا أرائك الف أمنية يستريح عليها لهاثنا ونحن نتخيل تلك الطرق الاسطورية التي تمتد فيها سكك القطارات من اسطنبول وحتى عموم مدن اوربا.

أتذكر أن معلماً من المعلمين في مدرستنا سرد هذه الواقعة : ذات مساء تعرفت على عجوز يوناني يملك بانسيوناً في اثينا عندما بت عنده اسبوعا ، واخبرني ان احد المعلمون السواح من العراق قد نسى كتابا عنده قبل عام وانه ارسل له اكثر من رسالة يرجوه فيه الاحتفاظ فيه ، وسألني ان كان هذا الكتاب انجيلا او كتابا ثمينا .

فقلت له :أرني اياه .

فأراني وكانت ديوان شعر مظفر النواب الريل وحمد وبإهداء من الشاعر نفسه كتبه للمعلم وعلى أرائك مقهى الهافانا في دمشق.

قلت له :نعم انه ثمين لان الكتاب موقع بإمضاء مؤلفه وهو شخصية ادبية ومؤثرة في بلادنا .

قال : اذن كان الاجدر عليه أن يحفظ الكتاب عن ظهر قلب تحوطا حين يضيع منه .

انا بالرغم ان هوميروس لم يكن موجودا حتى يضع امضاءه على الالياذة حين اشتريتها لأول مرة ، لكني احفظها عن ظهر قلب .

خذ كتاب مواطنك اعده اليه وهذا عنوانه ،وان كانت عودتك بالقطار الى بلدكَ ، احفظه على ظهر قلبك . مادام كاتبه شاعر وطني ، هل تعرف لم احفظ الالياذة فقط بل حفظت عن ظهر قلب كتبا لريتسوس وكافافيس ان كنت تعرفهما.

قلت اعرفهما جيدا ، وسأتبع نصيحتكَ ايها الرجل الطيب.

وفي طريق العودة حيث كنت مستقلا قطار طوروس من اسطنبول الى بغداد ، حفظت كتاب الريل وحمد على ظهر قلب .وحين يصبح ابني عامر في الصف الخامس الابتدائي سأجعله يحفظه عن ظهر قلب ، فانا اتمنى أن اعلمه غرام القطارات قبل غرام الاناث…!

أتذكر الآن قصة صديقي القديم في مدرسة لن تصل اليها القطارات الان ولا مركبات الفضاء ، فقط حافلات الحنين هي من تقطع هذه المسافة البعيدة بين بلاد ( غونتر غراس ) وبلاد ( شغاتي ) .

مسافة من الذكريات في تلك الليالي التي تؤسطرها قصائد الشعر بلهجة الثوار والمساجين وبسطاء الناس ، فيتهادى صوت مطرب القصيدة ( مرين بيكم حمد واحنه بقطار الليل …)

لقد مر الاف المرات ، وحمد ليس سوى طيف قديم وحقيبة سفر مسافرة وصباح دمشقي .أما هنا في ليل الاهوار حيث تبتعد سكة القطار الواصلة بين سوق الشيوخ والبصرة عن هذا المكان بأكثر من اربعين ميلا ، ولكن مع سكون المكان وصفاء الليل وهجوع كل شيء نسمع بصدى بعيد الصوت الثقيل لعجلات القطار الثقيلة وهي تخبئ نعاس الجنود الملتحقين الى جبهات القتال وهم يحملون آمال عودة سالمة الى ذويهم. بين قصة ديوان الريل وحمد الذي احتفظ به الرجل اليوناني حتى يعيده الى صاحبه وبين الحنين الذي تحمله قطارات الدمعة والجفن ، أشعر أن المكان هناك هو مكان الروح والجسد .اما هنا فهو مكان الجسد فقط..



Most Read

2024-09-20 16:26:41