Breaking News >> News >> Azzaman


الدولة العميقة .. ابداعات الدراما العراقية- ميادة حمزة الحسيني


Link [2022-05-21 22:39:46]



ميادة حمزة الحسيني

الدولة العميقة، عمل درامي فخم شكل مفاجأة كبيرة للمشاهد العراقي وفارق كبير في تقدمه على كل ما يعرض في شاشات التلفاز العراقي عمل يستحق الدخول وبقوة والفوز في  سباق الدراما الرمضانية العربية وليست العراقية فقط .

استطاع المخرج ومدير التصوير وكل كادر العمل ان يحول كلمات  الكاتب الى عمل حقيقي وواقعي ويستحق ان يصنف على انه الافضل وبدون منافس

قدم لنا الصراع الذي يدور بين السياسيين المتنافسين على السلطة وطريقة تقاسم خيرات واموال الشعب والبلد وعرض لنا من جانب اخر معاناة الشباب وقلة الاموال والبطالة  وظروف الحياة الصعبة التي جعلت الكثير منهم اما يترك البلد ويهاجر  او يستسلم للوضع ويرضى بالقليل  او يصبح معارضا وبقوة ويحاول جاهدا ان يقف بوجه الظلم وثمن هذا الرفض هو الحياة التي تسرق في غفلة لأنه طالب بحقوقه وقال لا للظلم والفساد.

اهم شيء الشباب …ننتصر للحق …سنفتح الباب على عراق جديد سننتصر للمظلوم سنعيد الحقوق لأصحابها  سنقضي على الفساد ونحارب الفاسدين صوتك ضميرك عبارات رنانة  قالها احد شخصيات المسلسل المدعو ضياء كريم الذي ادى دور سياسي ونائب عبارات ترددت مسبقا على مسامع العراقيين ولم يتحقق اي شيء منها لم تكن سوى كلمات تخط بجانب صورهم.

عند عرض الحلقة الاولى  اخذنا المخرج وكادر العمل الى مشاهد  متتالية لواقع مرير اختصرت لنا كل ما يحصل وما حصل مسبقا دخلنا الى عمق لا بل اعماق الدولة والسياسة الداخلية المتبعة بسرية ومن يديرالامور ومن يتحكم بمصير ملايين الناس  لا يخفى على الناس كل هذا لكن كادر العمل جعلنا نرى كل شيء بصورة اوضح  واداء الممثلين كان جاد جدا وواقعي ومخيف لدرجة التصديق بان الذي يقف امامك بالفعل هو سياسي او مظلوم اوشاب يحلم بالتغيير مطالب بحق العراق بكل صدق .

صور لنا المسلسل الواقع من كل الزوايا والجوانب في كل المؤسسات التي نخر فيها الفساد وجعلنا نشاهد كيف ان لكل صاحب شان وسلطه في الوقت الذي يتحكم بقوت المواطن ويسرق الشعب هناك من يتحكم فيه الى  حد الاذلال وبدا ذلك واضحا حين ظهر ضياء كريم الشخصية التي اداها  الفنان الكبير علي جعفر السعدي وهو يدخل قصر شخصية مجهولة و يقف خانعا خاضعا مذلولا امامه وهو  يجلس على كرسي امام ضفاف نهر دجلة  متحكما بكل الامور ويسير كل شيء وفق ما يريده .

ومن اكثر ما لفت الانتباه هو جملة ( اجمع فلوس واجمع لزمات على الناس حتى اتكفى شرهم ) مع الاسف الشديد اصبحت هذة الطريقة متبعة من قبل اغلب ضعفاء النفوس لأجل الظفر بالمال او الشهرة او نيل المناصب .

في احد المشاهد دار حوار شدني  بين داؤود ومراد عن بعض المثقفين الذين قاموا في ايام الطائفية بالتحريض وباعوا ارواحهم للسياسيين والفاسدين وقال بحسرة كبيرة ( ياصوت  كان ينسمع وسط الخبال والرصاص والقنابل والخراب عفنالهم كل شي المثقفين الفاسدين والسياسيين الفاسدين ) جعلنا نفهم الدور المهم الذي كان يقع على عاتق المثقفين والالتزام به وتسخير كلماتهم واصواتهم والوقوف ضد الطائفية والتطرف والانقسام في داخل البلد   .

اما عن مواقع التصوير فكانت اختيارات  غاية في الدقة وساهمت بصورة كبيرة ومباشرة في اظهار الصورة النهائية للعمل على اتم وجه مثل منزل داؤود وتفاصيله ونهر دجلة ومشاهد جسر السنك و ازقة بغداد وشارع الرشيد وموقع المعمل المواقع اختيرت بعناية جعلتنا نعيش بأرواحنا في العاصمة بغداد

المسلسل ومن اول حلقة تم عرضها جعلنا ننتظر وبشغف الحلقة التالية وما فيها من احداث  .

عنوان المسلسل (الدولة العميقة )  كان اثره كبير مثل العصا التي تضرب على الرؤوس بلا رحمة ويمثل وقوف الحق بوجه الباطل دون خوف او تردد كان العنوان بمثابة ازاحة الستار عن خفايا مخجلة وعن الطرق التي تدار بها الحكومات وعن طرق توزيع الثروات والادوار بين الفاسدين وسراق خيرات البلد.

اما عن ادوار الممثلين فلست سوى متابعة ولست بناقدة فنية ملمة بالفن والتمثيل الا اني كمشاهدة  احسست بارتقاء و صدق وقوة في التمثيل لم اشاهده من قبل بطريقة كانت تفتقدها الدراما العراقية.

فلا يمكن ان اتحدث عن الدور الرائع للفنان الكبير باسم قهار الذي قام ادى شخصية  داؤود حيث  قدم لنا الشخصية كأنها لوحة فنية كلاسيكية والاستاذ الكبير علي جعفر السعدي  .

 المسلسل كان نقله نوعية نتمنى ان تتكرر وتستمر الدراما العراقية على هذا النهج فما قدمه لنا  كادر عمل الدولة العميقة جعلنا ننتظر الاعمال الفنية القادمة خاصة تلك التي تبحث دوما عن التجدد والتفرد والتميز في انتقاء الاعمال الدرامية والاهتمام بنقل الواقع العراقي بأدق صوره  .

 نهاية المسلسل فكان اجمل ما حصل في كل الاحداث فقد جعلنا المخرج والكاتب نعيش واقع العراق  بصدق فلا نعلم اي صوت واي جهة الغالبة ومتى سينتصر الحق ومتى ستعود الحقوق لأصحابها ولا يدار العراق من دول الجوار او ممن ولائهم لغير العراق ومتى  يبتعد البعض عن استخدام ورقة الطائفية كوسيلة لإبقاء العراق في دوامة الخوف والابقاءعلى العراق متأخرا مغيبا وغارقا في مشاكل داخلية تبعده عن التطور ولا يجد الفرد العراقي ما يليق به ويستحقه كمواطن يسكن في اغنى بلدان العالم النفطية

كل الاحترام والتقدير لكادر العمل على تقديمهم لهذا العمل الراقي وعلى الابداع الكبير.

وكل الشكر والتقدير لقناة الشرقية على دعمها لكل الاعمال العراقية لأنها جعلتنا نرى التقدم الملحوظ في تقديم الفن العراقي ونتمنى لها الاستمرارية .



Most Read

2024-09-20 16:39:02