الشاعر الراحل التجأ الى ايران قبل 60 عاما فسلمته للسلطة ببغداد ورفض العودة لبلاده تحت الاحتلال الأمريكي
(الزمان( تستذكر الاستقبال الحافل للنواب من سعد البزاز في مقر الصحيفة بلندن
شاعر العراق خصّ (الزمان) بقصيدة وأعلن:الأنظمة العربية تخشى الأمسيات الشعرية
الشاعر الراحل مظفر النواب يتوسط رئيس تحرير (الزمان) سعد البزاز والمحرر السابق كرم نعمة في مقر الصحيفة بلندن ٢٧ مايو ٢٠٠١ (الزمان)
لندن – بغداد- الزمان
نعت الرئاسات الثلاث في العراق والاوساط الثقافية والرسمية والشعبية الشاعر الكبير مظفّر النوّاب الذي توفي الجمعة عن 88 عاماً في مستشفى في الإمارات إثر صراع مع المرض، وضجت شبكات التواصل الاجتماعي بالتعبير عن الحزن لفقده.
فيما استذكرت (الزمان) تلك الزيارة التي قام بها الشاعر الكبير مظفر النواب الى مقر الصحيفة في لندن في العام ٢٠٠١ وحظي باستقبال حار وحفاوة كبير من سعد البزاز مؤسس الصحيفة و رئيس تحريرها وكادر الصحيفة. وخص الشاعر حينها (الزمان) بحوار خاص اجراه محررها الثقافي كرم نعمة، كما احتفت الزمان بقصيدته عن الطفل الفلسطيني الشهيد محمد الدرة التي خصّها بها ونشرتها على الصفحة الأولى.
وقال النواب للزمان في الحوار التاريخي الذي تعيد نشره اليوم على صفحتها الثانية، انه حتى في اقصى حالات الحزن اجدني فرحا وثمة قصيدة لي يقول مطلعها- مو حزن لكن حزين- فالشعر يحوي فرحه الخاص ان جو قاعات الشعر هو جو متكهرب يدفع الى الرفض والتحدي والوعي، ولفت النواب الى ان الشاعر لايحمل مهمة السياسي في الخطاب المباشر وارى ان الالقاء وإقامة الامسيات الشعرية امرا مهما وتبدو أهميته خشية الأنظمة العربية منه .
وقال النواب للزمان : ثمة هم وحيد لا يوازيه هم ، وهو البعد عن العراق وقال النواب للزمان انه دعي كثير من الحكم العراقي السابق لزيارة بغداد ، وقالوا له اطلب ما تريد كي نحققه لك عند زيارتك فكان رد النواب الذي ذكره رفي حواره مع الزمان:
المطلب الوحيد هو مطلب الشعب برمته وليس لي مطالب خاصة وكرامة الانسان فوق كل شيء ويجب الا يعتدى عليها، قد نختلف في الصراع السياسي والتوجهات لكن سأحترم هذا الصراع عندما تحترمه السلطة.
أمضى النواب اغلب سنوات عمره خارج بغداد، لكنه بقي حاضراً في وجدان العراقيين، كما شكّل مظفر النواب رمزاً للشعر العربي الحديث والشعر الشعبي العراقي وعرف بمناهضته الأنظمة العربية، وانتقاداته اللاذعة للحكّام التي لم يتوانَ عن التعبير عنها عبر قصائده.
رفض العودة لبغداد حين كانت تحت الاحتلال الأمريكي وعند الانسحاب ٢٠١١ وصل الى بغداد وسط حفاوة العراقيين الا انه كان غاضبا من الحزب الشيوعي الذي انتمى اليه في شبابه، ووصفه في مجالسه بأنه حزب تنكر للمبادىء وعمل مع الاحتلال الأمريكي
حمل شعره أسلوباً خاصاً ومميزاً، وُصف بالقساوة أحياناً، إذ لم يتردد في إدراج شتائم في قصائده.
فارق الشاعر الحياة «في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات»، وفق ما أكد مدير عام دائرة الشؤون الثقافية عارف الساعدي لوكالة الأنباء العراقية.
ووجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجمعة بأن يُنقل «جثمان شاعر العراق الكبير مظفر النوّاب بالطائرة الرئاسية، ليوارى الثرى في أرض الوطن»، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
قد اشتُهر النوّاب الذي ولد في بغداد في الأول من كانون الثاني/يناير عام 1934، وتخرّج من كليّة الآداب في جامعتها، بقصائده الثورية والمثيرة للجدل، بعد سنوات في السجن والغربة أمضاها صاحب قصيدتي «القدس عروس عروبتكم» و»قمم» اللاذعتين. أمّا أوّل قصيدة أبرزته في عالم الشعر فهي «قراءة في دفتر المطر» في عام 1969.
أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله صدرت في العام 1996 عن دار قنبر في لندن. وأبرز دواوينه في الشعر الشعبي «الريل وحمد»، في حين كان آخر بيت شعري له على فراش المرض «متعبُ مني ولا أقوى على حملي».
قال الكاتب والشاعر العراقي عبد الحسين الهنداوي في اتصال مع فرانس برس، والذي كان على معرفة شخصية بالشاعر الرحل، أن مظفّر النواب «يلخّص التجربة العراقية؛ تجربة جيل كامل عراقي، خصوصاً الجيل الذي عاش فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية».
وأضاف أن النواب مثّل بشعره «طموحات الشعب العراقي، طموحات المواطن البسيط بالحياة الكريمة وبالاستقلال».
ونعى الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة عبر تويتر الشاعر النوّاب قائلا «يبقى حيّاً في ذاكرة الشعب مَن زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق. هو حيّ في ذهن كل مَن ترنم بقصائده الخالدات».
كذلك نعاه وزير الثقافة العراقي حسن ناظم في بيان وصفه فيه بأنه من «أهم الأصوات الشعرية العراقية».
واعتبر أن «رحيله يمثّل خسارة كبيرة للأدب العراقي لما كان يمثله كنموذج للشاعر الملتزم، كما أن قصائده رفدت المشهد الشعري العراقي بنتاجٍ زاخر تميز بالفرادة والعذوبة».
مات دجلة… مات الفرات
أما صديقه المقرّب الشاعر رياض النعماني الذي لم يفارقه في دمشق كما قال في اتصال مع فرانس برس، فقال عنه «مظفر النواب هو أحد أمجاد العراق … كائن استثنائي خلّاق».
وتابع بحزن «الآن كأنما مات دجلة أو الفرات، مات النخيل بالعراق».
وعبّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في تغريدة عن حزنه وقال فيما نشر صورةً له مع الراحل «الراحل الكبير مظفر النواب. العراق الذي طالما تغنّيت باسمه أينما حللت، وأفنيت عمرك لإعلاء مكانته، يكتسيه الحزن وهو يودّعك الى مثواك الأخير مُثقلاً بأسى خسارة ابنٍ بار ومبدعٍ لا يتكرر». في العام 1963، اضطر الشاعر الذي كان شيوعياً، إلى مغادرة العراق، بسبب الظروف السياسية والصراع بين الشيوعيين والقوميين. هرب إلى إيران عن طريق البصرة، قبل أن تسلّمه السلطات الإيرانية إلى الأمن السياسي العراقي حينها، وفق نبذة عنه نشرها موقع «أدب» المختصّ بالشعر العربي.
حُكم على النوّاب حينها بالإعدام، لكن خُفف حكمه إلى السجن مدى الحياة، وانتهى به المطاف بسجن في الحلة في وسط العراق. وقد فرّ حينها من السجن، لكنه اعتُقل ثانية بعد سنوات.
بعد الإفراج عنه، غادر بغداد الى بيروت ثمّ دمشق، وتنقّل بين العواصم العربية والأوروبية، قبل أن يُصاب بالمرض ويفارق الحياة في الإمارات حيث كان يتلقى العلاج. لم يتزوّج قط وليس له أولاد. العودة الأولى للشاعر الذي كان منفياً في ظلّ نظام صدام حسين، إلى العراق كانت في العام 2011، تزامناً مع الانسحاب الأميركي إثر الغزو في العام 2003، فهو كان يرفض العودة إلى بلده في ظلّ «الاحتلال».
وفي حين برز كشاعر، كان النواب أيضاً فناناً تشكيلياً، و»واحداً من أجمل الأصوات العراقية» الغنائية، وفق تعبير الهنداوي، مضيفاً أنه «كان أساساً شاعراً غنائياً … أعطى اللغة العامية العراقية بعداً جمالياً إضافياً». ولعلّ أكثر قصائده العامية شهرةً «مو حزن لاجن حزين…مثل ما تنكطع جوا المطر شدة ياسمين».
استعاد عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من قصائد النواب التي كان لها تأثير كبير في الشعر العربي والشعر الشعبي العراقي، معربين عن حزنهم لفقده.
نص الحوار مع النواب ص2
2024-09-20 16:26:04