فاتح عبدالسلام
في الثالث والعشرين من نيسان في كل عام، يحيى أهالي برشلونة تقليدا في ذكرى وفاة احد اشهر كتّابهم، من خلال مهرجان عنوانه، وردة وكتاب ، إذ جرت العادة هناك أن يقدم الرجل للمرأة وردة في هذا اليوم في حين تقوم هي بإهدائه كتابا . في يوم المهرجان هذا العام، بيعت ملايين الورود واكثر من مليون ونصف مليون كتاب في الفضاء المفتوح لمعارض كتب في برشلونة.
الوشائج بين العاطفة والعقل وبين نصفي المجتمع الرجال والنساء، كانت تنطق عبر تلك الأجواء التي ترسخ التعايش الآمن بين الناس. الأجانب يمرون في معارض الكتب ويرون الصورة اكبر من كتاب لأن اطار المحبة يحيط بكل الأجواء.
في العراق، انطلق في العام ١٩٦٩ أول مهرجان للربيع نظّمه محافظ الموصل في حينها علاء الدين البكري، وكان احتفالية ثقافية وفنية وتاريخية عبر ثوب الربيع الذي ترفل فيه مدينة تحمل لقب أم الربيعين. وكانت المدارس والمعاهد والجامعة وجميع الفعاليات الثقافية تشترك في انجاحه على مدى ثلاثة أيام ما بين الخامس عشر والسابع عشر من نيسان، تبدأ باستعراض مواكب راجلة ومحمولة يشترك فيها آلاف الأطفال وطلاب المدارس تمثل صورا ناطقة لمراحل تطور حضارة العراق وألوان الحياة الفلكلورية فيه، وكان التطبيع السياسي يمثل نسبة ضئيلة لا تلحظها العين بالرغم من ان النظام السياسي كان حديثا ولم يمض عليه تسعة شهور. وكانت الجماهير تتدفق في الشوارع عفويا لمشاهدة هذه الاستعراضات الجميلة، وهناك تنافس على حجز مكان في أرصفة الشوارع النظيفة من اجل رؤية أفضل.
وكان المهرجان أول فعالية عراقية تستضيف مشاهير الفنانين العرب عبر حفلات يحيونها ويبثها التلفزيون العراقي من قاعة الإدارة المحلية بالموصل، ومن أولئك الفنانين وردة الجزائرية وصباح عفاف راضي ولبلبة وشريفة فاضل ومها صبري وفهد بلان ومحمد طه وهاني شاكر ونجاة الصغيرة ودلال شمالي مع فرق فلكلورية مصرية وسورية فضلا عن الفنانين العراقيين.
ويضم المهرجان معارض متعددة للزهور باشراف اكاديمي من أساتذة الزراعة والغابات، وسباقات الفروسية والخيل ومعارض الصور الفوتوغرافية لرواد هذا الفن ومنهم مراد الدغستاني ونورالدين حسين، ومعارض الفن التشكيلي بمساهمات من ضرار القدو وراكان دبدوب ونجيب يونس.
وكانت البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية تحضر يومين في الأقل من زمن المهرجان في تفاعل خارج البروتوكولات المحددة. وكان في المدينة محطة تلفزيونية صغيرة تعمل ليل نهار لتغطية الحدث الربيعي المذهل.
لكن في السنوات اللاحقة لاسيما بعد اندلاع الحرب مع ايران، خضع المهرجان للتعبئة السياسية سنة بعد أخرى وفقد زخمه الشعبي.
أين كنا وأين أصبحنا؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-20 18:38:27