Breaking News >> News >> Azzaman


الآبار‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬يقضيان‭ ‬على‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬العراقية‭ ‬


Link [2022-04-27 09:16:20]



طيور‭ ‬نادرة‭ ‬هجرت‭ ‬موطنها‭ ‬وأراض‭ ‬رملية‭ ‬تكسوها‭ ‬الأملاح

بحيرة‭ ‬ساوة‭ (‬العراق‭) (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق،‭ ‬يغيب‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬لبحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬باستثناء‭ ‬لافتة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ “‬عدم‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭”‬،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬شكّل‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬موئلا‭ ‬للتنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬لكنه‭ ‬استحال‭ ‬أرضاً‭ ‬قاحلة‭ ‬بسبب‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭.‬

ولم‭ ‬يعد‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬البحيرة‭ ‬اليوم‭ ‬سوى‭ ‬هياكل‭ ‬خرسانية‭ ‬لمبان‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬فنادق‭ ‬وبنى‭ ‬تحتية‭ ‬سياحية‭ ‬تستقبل‭ ‬عائلات‭ ‬وأشخاصاً‭ ‬متزوجين‭ ‬حديثاً‭ ‬كانوا‭ ‬يقصدون‭ ‬المنطقة‭ ‬للنزهات‭ ‬أو‭ ‬السباحة‭.‬

لكنّ‭ ‬الوضع‭ ‬تغيّر‭ ‬تماماً،‭ ‬إذ‭ ‬جفت‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬بالكامل‭ ‬وباتت‭ ‬ضفافها‭ ‬تغص‭ ‬بالمخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والأكياس‭ ‬العالقة‭ ‬على‭ ‬شجيرات‭ ‬جافة‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬المنخفض،‭ ‬مع‭ ‬هيكلين‭ ‬حديديين‭ ‬أكلهما‭ ‬الصدأ‭ ‬لجسرين‭ ‬عائمين‭ ‬كانا‭ ‬يعلوان‭ ‬سطح‭ ‬البحيرة‭.‬

ويقول‭ ‬الناشط‭ ‬البيئي‭ ‬حسام‭ ‬صبحي‭ (‬27‭ ‬عاما‭) ‬إن‭ “‬هذا‭ ‬العام‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬البحيرة‭ ‬اختفت‭ ‬تماماً‭”‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬مساحة‭ ‬مياه‭ ‬البحيرة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬تتقلص‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬الجفاف‭”.‬

لكن‭ ‬الآن،‭ ‬لم‭ ‬يتبق‭ ‬من‭ ‬البحيرة‭ ‬سوى‭ ‬أراض‭ ‬رملية‭ ‬مغطاة‭ ‬بالملح‭ ‬الأبيض‭ ‬وبركة‭ ‬صغيرة‭ ‬تسبح‭ ‬فيها‭ ‬أسماك‭ ‬فوق‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬البحيرة‭ ‬بمنبعها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭. ‬وبدأ‭ ‬مستوى‭ ‬مياه‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬ينخفض‭ ‬تدريجا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬حسبما‭ ‬ذكر‭ ‬مدير‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬المثنى‭ ‬يوسف‭ ‬سوادي‭ ‬جبار‭.‬

وأشار‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬طبيعية‭  ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬جفاف‭ ‬البحيرة‭ ‬تتمثل‭ ‬بـ‭”‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬المثنى‭ ‬الصحراوية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬وشح‭ ‬الأمطار‭”. ‬والسبب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬البشر‭ ‬ويتمثل‭ ‬بالأبار‭ ‬الارتوازية‭ ‬فوق‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تغذي‭ ‬البحيرة،‭ ‬والتي‭ ‬حُفرت‭ ‬لإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬صناعية‭ ‬قريبة‭ ‬تتعلق‭ ‬خصوصا‭ ‬بالاسمنت‭ ‬والملح،‭ ‬ما‭ ‬حوّل‭ ‬البحيرة‭ ‬تالياً‭ ‬إلى‭ “‬أراض‭ ‬جرداء‭”‬،‭ ‬وفق‭ ‬المسؤول‭ ‬البيئي‭. ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الجمعة،‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬بئر‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬حُفرت‭ ‬لأغراض‭ ‬زراعية‭.‬

أنواع‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬المعجزة‭ ‬لتعود‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها،‭ ‬إذ‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬إغلاق‭ ‬هذه‭ ‬الأبار‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬و‭ ‬كذلك‭ ‬عودة‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬تضرراً‭ ‬من‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

ويرى‭ ‬مدير‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬المثنى‭ ‬أنه‭ “‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عودة‭ ‬البحيرة‭ ‬إلى‭ ‬واقعها‭ ‬القديم‭”.‬

وتخضع‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬لاتفاقية‭ “‬رامسار‭” ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بحماية‭ ‬الأراضي‭ ‬الرطبة،‭ ‬حسبما‭ ‬تشير‭ ‬لوحة‭ ‬كبيرة‭ ‬ثُبتت‭ ‬عند‭ ‬ضفاف‭ ‬أرض‭ ‬منخفضة‭ ‬كانت‭ ‬يوماً‭ ‬بحيرة‭.‬كما‭ ‬حذرت‭ ‬اللوحة‭ ‬ذاتها،‭ ‬من‭ “‬ممارسة‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭” ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ “‬عدم‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬العين‭ ‬المغذية‭ ‬للبحيرة‭ ‬بتاتاً‭”.‬

وذكرت‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬الالكتروني‭ ‬بأن‭ ‬التركيب‭ “‬الكيميائي‭ ‬للمياه‭ (‬في‭ ‬البحيرة‭) ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه‭”‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ “‬مسطح‭ ‬مائي‭ ‬مغلق‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ملحية‭”.‬وكانت‭ ‬ساوة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ “‬صخور‭ ‬طينية‭ ‬معزولة‭ ‬بمادة‭ ‬جبسية‭” ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬موطناً‭ “‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬النادرة‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬النسر‭ ‬الإمبراطوري‭ ‬الشرقي‭ ‬وطائر‭ ‬الحبار‭ ‬والبط‭ ‬البني‭”‬،‭ ‬وفقا‭ ‬للتقرير‭ ‬ذاته‭.‬

والجفاف‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬ساوة،‭ ‬فهذه‭ ‬حال‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬جراء‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التصحر‭ ‬وشح‭ ‬المياه‭.‬

وتتناقل‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬باستمرار‭ ‬صورا‭ ‬لأراض‭ ‬جرداء‭ ‬ومناطق‭ ‬جافة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬أهوار‭ ‬بلاد‭ ‬وادي‭ ‬الرافدين‭ ‬المدرجة‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬اليونسكو،‭ ‬بينها‭ ‬هور‭ ‬الحويزة‭ (‬جنوب‭)‬،‭ ‬كذلك‭ ‬بحيرة‭ ‬الرزازة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كربلاء،‭ ‬وسط‭ ‬العراق‭.‬

وقدر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬سياسات‭ ‬مناسبة،‭ ‬قد‭ ‬يشهد‭ ‬العراق‭ ‬انخفاضاً‭ ‬بنسبة‭ ‬20‭ % ‬في‭ ‬موارد‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬المتاحة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭.‬

‭ “‬ماتت‭ ‬قبلي‭” ‬

ويعزو‭ ‬مستشار‭ ‬وزارة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬عون‭ ‬ذياب‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬الجفاف‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة‭ ‬بجزء‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ “‬النقص‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬كمية‭ ‬الأمطار‭”.‬

ويلفت‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬معدل‭ ‬الامطار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬القريبة‭ ‬للبحيرة‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬بالمئة‭ ‬عن‭ ‬معدلاتها‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قطع‭ ‬التغذية‭ ‬عن‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬عينه‭ ‬لعمليات‭ ‬سحب‭ ‬مستمرة‭ ‬بواسطة‭ ‬الأبار‭. ‬وتزامن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ “‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ (‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭) ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬تبخر‭” ‬مياه‭ ‬البحيرة،‭ ‬وفقا‭ ‬للمستشار‭.‬

وتحدث‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إجراءات‭ ‬حكومية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاستنزاف‭ ‬المستمر‭ ‬للمياه‭ ‬الجوفية‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬العراق،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منع‭ ‬منح‭ ‬أي‭ ‬أجازة‭ ‬لحفر‭ ‬آبار‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة،‭ ‬إضافة‭ ‬لغلق‭ ‬الأبار‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭.‬

ويرتبط‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬السماوة،‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬كيلومتراً‭ ‬من‭ ‬البحيرة،‭ ‬بعلاقة‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬بحيرة‭ ‬ساوة،‭ ‬مثل‭ ‬لطيف‭ ‬دبيس‭ ‬البالغ‭ ‬60‭ ‬عاما،‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬بين‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬السماوة‭ ‬والسويد‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬أنتقل‭ ‬اليه‭ ‬قبل‭ ‬30‭ ‬عاما‭.‬

ويعمل‭ ‬دبيس‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬السماوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملة‭ ‬تنظيف‭ ‬لضفاف‭ ‬نهر‭ ‬الفرات‭ ‬وتحويل‭ ‬حديقة‭ ‬منزله‭ ‬الواسعة‭ ‬إلى‭ ‬حديقة‭ ‬عامة‭.‬

ويستذكر‭ ‬دبيس‭ ‬الرحلات‭ ‬المدرسية‭ ‬والعطل‭ ‬أيام‭ ‬طفولته‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬عائلته‭ ‬تذهب‭ ‬للسباحة‭ ‬في‭ ‬البحيرة‭.‬

ويرى‭ ‬هذا‭ ‬الناشط‭ ‬أنه‭ “‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬مهتمة‭ ‬بهذه‭ ‬القضية،‭ ‬لما‭ ‬اختفت‭ ‬البحيرة‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة،‭ ‬هذا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭”.‬

ويضيف‭ ‬بحزن‭ “‬أنا‭ ‬رجل‭ ‬عمري‭ ‬60‭ ‬سنة‭ ‬عشت‭ ‬مع‭ ‬البحيرة،‭ ‬كنت‭ ‬أتوقع‭ ‬ان‭ ‬أموت‭ ‬قبلها‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬هي‭ ‬ماتت‭ ‬قبلي‭”. ‬



Most Read

2024-09-20 18:45:00