Breaking News >> News >> Azzaman


فوزوا بفوز علي عليه السلام .. ثم أقسموا برب الكعبة أنكم فزتم- محمود نعمة الجياشي


Link [2022-04-27 09:16:20]



وصلت الى (الزمان) رسالة تشير الى ان المقال الذي نشرته بعنوان (فزت ورب الكعبة) وحمل اسم المفكر والاديب المصري الراحل عباس محمود العقاد هو للشيخ محمود نعمة الجياشي، احد اساتذة الحوزة العلمية في النجف. وننشره نصا، مؤكدين ان (الزمان) تسعى الى التأسي بالامام علي عليه السلام واستلهام مواقفه ومبادئه العظيمة بذكرى استشهاده، في سيد الشهور، رمضان، وان النص في الحالتين يقع ضمن هذا الهدف.

فوزوا بفوز علي عليه السلام .. ثم أقسموا برب الكعبة أنكم فزتم- محمود نعمة الجياشي

قراءة في معادلة الفوز والخسران عند أمير المؤمنين عليه السلام من المثير حقّاً أن نتحدّث عن ( الفوز ) في ليلة مصيبة عظيمة تستدعي أعمق درجات الحزن والأسى وأصدق مشاعر العزاء والمواساة.

لكن هكذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام .. إنّه مختلف في كل شيء.

لقد إختار أن يعلن ( فوزه ) في لحظة ( إغتياله )، إنها لحظة فارقة في التاريخ الديني والإنساني ، إعلان الفوز في لحظة الإغتيال يصنع معادلة معقّدة جداً في تاريخ الحكم والعدالة الدينية والإنسانية وحتى السياسية،  إعلان الفوز بهذه الطريقة قَلَبَ لحظة الحزن والمصيبة لتأخذنا الى عالَمٍ آخر  من عوالم الإيمان .. وتحلّق بنا نحو سماء التكامل والقرب من الله عزّ وجلّ.

لافرق في منظومة أمير المؤمنين عليه السلام بين لحظات حياته .. ولحظات إغتياله وإستشهاده ، حياته هداية وتكامل .. ولحظة إستشهاده هداية وتكامل ، فالحقّ معه يدور حيثما دار.

أستعين هنا بنصّ كتبته منذ سنين خَلَتْ وأحاول أن أنطلق منه لقراءة معادلة الفوز والخسران عند القرآن الناطق عليّ بن أبي طالب عليه السلام .

قال سلام الله عليه بعدما ضربه ابن ملجم قبّحه الله :

 (( فزتُ وربِّ الكَعْبَة ))

بهذا  الإعلان  العظيم إختتم عليّ عليه السلام  حياته التي ابتدأت في بيت الله وانتهت في بيت الله.  ومابين المبدأ والمنتهى كانت سجدة طويلة لله .. يعلن الفوز  في وقت عظيم .. ومكان أعظم … وطريقة ظلت تهز  أركان التاريخ .. لم أعرف  أو أسمع عن حاكم يتم اغتياله في عاصمته ويقسم برب الكعبة  ويقول : ( فزت )،  أيّ فوز يتحدث عنه أمير المؤمنين عليه السلام ؟

أنا أقسم بربّ الكعبة لو اجتمعت كل قواميس السياسة والحكم في العالم لما استطاعت أن تحيط بمعنى هذا الفوز.

إشترك في ثمانين غزوة صرع بها أبطال العرب  وصناديدهم ولم يقل : فزت، بايعهُ الناس على الخلافة في مشهد لم يسبق لأيّ خليفة  أن مرّ به .. ولم يقل : فزتُ.

إذا كان عليّ عليه السلام بهامته المفلوقة وشيبته المخضوبة بالدمّ هو الفائز .. فمن الخاسر ياترى ؟

في ضوء هذا ( الفوز العلوي ) لابدّ أن ندرك الفوز القرآني الذي إنطلق منه سلام الله عليه وفي قباله الخسران القرآني .

لاشكّ أن معادلة الفوز والخسران تعدّ من أهمّ المعادلات المصيرية في حياة الإنسان .. وإذا لم يدرك حقيقة هذه المعادلة وطرفَيْها سوف تنقلب عنده الموازين ويبقى لاهثاً خلف ( فوز وهمي ) وهارباً من (خسارة وهمية ) فيخسر الدنيا والآخرة.

تحدّث القرآن الكريم عن ( الفوز العظيم ) في أكثر من آية ..

قال تعالى : ((قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)).

الفوز برضا الله تعالى مع هذه الدنيا المليئة بالإمتحان والإبتلاء واللذات والمناصب والنفوذ والشهوات والصراع المرير بين قوى الحقّ والباطل والخير والشرّ والإصلاح والفساد والظلم والعدل سيكون هو الفوز الحقيقي في منظور القرآن .. ويقابله الخسران الحقيقي الذي ليس هو خسارة شيء دنيوي كعدم الحصول على منصب هنا أو هناك .. ولاخسارة حفنة مال أو جاه زائل، بل كما قال القرآن أيضاً :

 (( .. قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)).

في ليلة ( جُرحِ عليّ وفوزه ) حريّ بكل منّا أن يحدّد ساحته التي يعمل فيها والهدف الذي يعمل من أجله لكي يعرف فوزه الحقيقي.. وخسارته الحقيقية ! خصوصاً مع كثرة ( الساحات والأهداف) هذه الأيام .. فهناك ساحات الدنيا والشهوات المنحرفة والأهواء والشيطان والنفس الأمّارة بالسوء .. وفي قبالها ساحات العمل الإلهي والإنساني .. والأهداف مختلطة الى مستوى معقّد جداً ممّا سبّب هذه الفوضى التي نراها في مجتمعنا اليوم .. والتي تنذر بإنهيار كامل لمنظومة القيم الإجتماعية والأخلاقية والإنسانية والعقائدية .. فكم من فائز هو خاسر بالحقيقة .. وكم من خاسر هو فائز بالحقيقة.

أمير المؤمنين عليه السلام فائز إلهي .. فائز قرآني .. فائز إنساني .. في ليلة فوز عليّ عليه السلام فليراجع كلّ منّا فوزه وخسارته والساحة التي يعمل فيها والهدف الذي يتحرك لإجله … وليدقّق كلّ منّا متى يقول : فزتُ وربّ الكعبة ! ويكون قَسَمهُ صادقا.

فاز  عليّ عليه السلام  .. وخسرتْ الإنسانية وربِّ الكعبة …

عظّم الله أجوركم .. ورزقنا الله وإيّاكم فوزاً  بطعمه العلوي الذي لاخسارة بعده أبداً .



Most Read

2024-09-20 18:29:56