Breaking News >> News >> Azzaman


هسه وطسه – جليل وادي


Link [2022-04-24 00:13:55]



كلام أبيض

هسه وطسه – جليل وادي

من أكثر الكلمات التي تزعجني وتشعرني بالقرف الكلمة العامية ( هسه ) التي تتردد العديد من المرات في اليوم الواحد من على فضائية ( MBC   عراق ) والتي يراد بها معنى ( الآن ) ، ولا أدري ما الذي يعجبهم في هذه الكلمة ، مع ان كلمة ( الآن ) أجمل منها ، وأكثر وقعا على مسامع المشاهدين ، وليس بالضرورة أن تكون اللهجة العامية طريقة جاذبة لجمهور وسائل الاعلام ، او جعله أشد تفاعلا معها ، بل قد يكون العكس من ذلك في أحيان كثيرة ، فمن بين ما تخسره تلك الوسائل الجمهور العربي الذي يتعذر عليه فهم مضمون الكلام الذي يرد بالعامية ، وان كان بعضها من حيث الهدف موجها لجمهور محلي بحسب تصوري لاعتراض القائمين على تلك الوسائل ، او التذرع : نريد لبرامجنا أن تكون مماثلة لما يجري في الاتصال الشخصي من حيث الفاعلية والتأثير في المستقبلين ، مع ان اللغة الفصيحة لم تقف عائقا أمام المشاهدة الواسعة والفاعلة ، وهناك العديد من الوسائل المؤثرة مع تشددها في منع مقدمي برامجها بالحديث العامي حتى في البرامج الحوارية التي يُغض الطرف عنه بحدود معينة .

 ان لباقة المقدمين ورصانة ثقافة مدراء الحوارات تتضح جلية في العربية الفصيحة وليس في اللهجة العامية ، ومن خلال المتابعة نلحظ للأسف الشديد حرصا واضحا على العربية الفصيحة من وسائل اعلامية أجنبية ناطقة بالعربية حتى في برامجها الموجهة لجمهور بلد معين ، بينما تقف وسائلنا لامبالية تماما .

أكاد أجزم ان نسبة لا يستهان بها من مقدمي برامجنا لا يجيدون الحديث او التعبير عن أفكارهم بالعربية الفصيحة ، ولا أرغب بذكر الأسماء لكي لا يعد ذلك تشهيرا ، او تقليلا من الشأن ، والمقدمة التي لم تسطع لفظ بعض الكلمات القرآنية وليس الآيات بالشكل الصحيح مثالا صارخا على ذلك ، ومن أمثالها اللواتي يتصدرن الشاشات لاعتبارات الشكل ، او لكثرة المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي ، وليس على أساس التخصص او اجادة اللغة ، ولم تضع الادارات بالحسبان ، او لم تدرك خطورة ما تفعل .

لا أريد الكلام عن تلك المخاطر ، لكني ألفت الأنظار الى ان اللغة هي الآلية التي يفكر بها دماغ الانسان ، فسلامة الفكر والابداع فيه مرتبطة بسلامة اللغة ، فركاكتها تقود الى هشاشة الفكر ، كما ان اللهجة العامية عاجزة تماما عن التعبير عن الفكر العميق ، ولذلك بدأت تتسع مساحة التلوث اللغوي التي يُقال فيها كلام سطحي ولا ينطوي على معنى ، بينما نريد للناس التدرب على التفكير العميق . لذلك قيل : ( اذا أريد النهوض بالأمم لابد من الارتقاء بلغتها ) ، ولم يأت هذا القول عبثا او ترفا ، بل حصيلة دراسات علمية أنجزها مفكرون خبروا دور اللغة في بناء الانسان السليم .

لقد تميعت وسائلنا الاعلامية مع الجمهور لغة واهتمامات وافكارا ، وهذه أبرز مؤشرات الانحدار ، وما يعزز تداعيات التميع عدم اكتراث الجهات المكلفة بالحفاظ على سلامة اللغة العربية للإعلانات التي تكتظ بها الفضائيات وشوارع المدن ، ويبدو لي ان اعلانات الشوارع تجري بحسب الهوى دون تنظيم او مراجعة جهات مختصة ، بينما الافتراض يذهب الى وجوب حصول المعلن على اجازة والالتزام بالتعليمات التي تقف سلامة اللغة في مقدمتها .

لا أُبريء مدارسنا على الاطلاق من هذه الكارثة ، فقد أهملت لغتنا اهمالا لا تستحقه لغة الضاد ، لغة القرآن الكريم ، وعدم تأهيل الطلبة لغويا ، فالعوز لها صار مريعا ، وكان باحثون اعلاميون أكدوا في دراساتهم عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في اللغة العربية : ان المستخدمين غير مؤهلين لغويا بالأصل ، ما ينعكس في لغة تواصلهم ، اي أن التأثيرات السلبية لا تعود لمواقع التواصل فقط . وختاما ، أخذت (هسه) كل مساحة المقال ، ولم يبق ( للطسه ) شيئا ، لذا ليس أمامي سوى تأجيل الحديث عنها الى مقال قادم ، اعذروني.

jwhj1963@yahoo.com



Most Read

2024-09-20 20:55:17