Breaking News >> News >> Azzaman


الجمجمة العراقية.. مَن لها ومَن عليها؟


Link [2022-04-21 07:32:47]



حتى‭

في ‬عمق‭ ‬قارة‭ ‬افريقيا‭ ‬التي‭ ‬أكلت‭ ‬بعض‭ ‬بلدانها‭ ‬حروب‭ ‬مزمنة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬جمجمة‭ ‬بشرية‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬البراري‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬أو‭ ‬نهر‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬صاحب‭.‬

في‭ ‬العراق،‭ ‬تطفو‭ ‬جماجم‭ ‬للبشر‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬نهر‭ ‬في‭ ‬ديالي‭ ‬شرقي‭ ‬العراق،‭ ‬والمشهد‭ ‬المرعب‭ ‬والمحزن‭ ‬والمحبط‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬فترات‭ ‬سابقة،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نعيش‭ ‬تردداتها‭ ‬كعراقيين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلام‭ ‬بعض‭ ‬السياسيين‭ ‬وافعالهم‭ ‬الذين‭ ‬تثقل‭ ‬جراحات‭ ‬البلد‭ ‬بهم‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬وربّما‭ ‬بالساعات‭.‬

دائماً،‭ ‬كنّا‭ ‬نسمع‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬مفقودين‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬في‭ ‬اعقاب‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬داعش‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬للمليشيات،‭ ‬أو‭ ‬لجهد‭ ‬حربي‭ ‬أو‭ ‬نزاع‭ ‬عشائري‭ ‬أو‭ ‬لجرائم‭ ‬منظمة‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬النهر‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬ديالي‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬جديدة‭ ‬للموت‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬حساب‭ ‬له‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬أمهات‭ ‬وزوجات‭ ‬وأبناء‭ ‬الضحايا،‭ ‬لا‭ ‬يجاريه‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنطق‭ ‬به‭ ‬صحاري‭ ‬العراق‭ ‬وبراريه‭ ‬ووديانه‭ ‬لو‭ ‬فتحت‭ ‬كل‭ ‬صدورها‭ ‬لتحكي‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬الضمانات‭ ‬المشاعة‭ ‬حصراً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬منذ‭ ‬جريمة‭ ‬الانفال‭ ‬حتى‭ ‬جرائم‭ ‬اختطاف‭ ‬الشباب‭ ‬عند‭ ‬مداخل‭ ‬المدن‭ ‬المحررة‭ ‬من‭ ‬داعش،‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬وجنوبها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نقلّب‭ ‬المواجع‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تهمد‭ ‬أصلاً،‭ ‬لنبكي‭ ‬وننتحب،‭ ‬فلا‭ ‬ينقص‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬نحيب‭ ‬جديد،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتذكّر‭ ‬كلّ‭ ‬صباح‭ ‬حين‭ ‬نفيق،‭ ‬انّ‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬عادلة‭ ‬مستقرة‭ ‬القوانين‭ ‬وقوية‭ ‬بوجودها‭ ‬وامكاناتها‭ ‬الذاتية‭ ‬ولها‭ ‬جيش‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬يعني‭ ‬انّ‭ ‬الفصول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تروَ‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬الموت‭ ‬لاتزال‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭.‬

الجمجمة‭ ‬العراقية،‭ ‬تضم‭ ‬عقولاً‭ ‬ابتكرت‭ ‬الكتابة‭ ‬واخترعت‭ ‬العجلة‭ ‬منذ‭ ‬أقدم‭ ‬العصور،‭ ‬ثمّ‭ ‬كانت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬الجمجمة‭ ‬السبّاقة‭ ‬الى‭ ‬التفكير‭ ‬ببناء‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬الحديثة،‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬وعقود،‭ ‬واذا‭ ‬لم‭ ‬نقم‭ ‬بإعادة‭ ‬القيمة‭ ‬الاعتبارية‭ ‬للجمجمة‭ ‬العراقية‭ ‬المبدعة‭ ‬والثرية‭ ‬والغيورة‭ ‬فإنّ‭ ‬مشهد‭ ‬أن‭ ‬نراها‭ ‬تطفو‭ ‬فوق‭ ‬الأنهار‭ ‬و‭ ‬تتقاذفها‭ ‬الريح‭ ‬والضواري‭ ‬في‭ ‬البراري،‭ ‬سوف‭ ‬يتكرر‭ ‬دائماً‭.‬

هذا‭ ‬بعضٌ‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬أنّ‭ ‬الجمجمة‭ ‬العراقية‭ ‬مرعبة‭ ‬لدول‭ ‬وأقوام‭ ‬وستبقى‭ ‬مستهدفة‭ ‬منهم‭ ‬كلّ‭ ‬حين،‭ ‬لمَن‭ ‬لم‭ ‬يدرك‭ ‬المعنى‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-20 22:22:49