Breaking News >> News >> Azzaman


رَبانيّةُ علي (ع) – حسين الصدر


Link [2022-04-20 22:13:02]



رَبانيّةُ علي (ع) – حسين الصدر

-1-

ثمة سؤال مركزي يطرح نفسه ويقول :

هل استطاع المعاصرون للامام علي (ع) أنْ يفهموا أسرارَ ما تنطوي عليه شخصيتُه ؟

والجواب :

لا

فالعقلية العشائرية المترسخة في الاذهان ليس بمقدورها استيعاب حقيقته الشخصية الربانية المتمثلة بأمير المؤمنين (ع) .

الربانية تعني أنه لن يحابي أحداً على حساب الدين وأحكامه .

والسواد الأعظم من معاصريه يريدونه أنْ يكون منحازاً اليهم ولو على حساب الدين .

وهنا تكمن المعضلة .

-ألم يقولوا له :

أَبْقِ معاويةَ والياً على الشام وليأخذ لك البيعة مِنَ الشاميين ثم اعزّلْهُ ؟

وأبى (ع) أنْ يطلب النصر بالجور .

إبقاء معاوية واليا على الشام ولو لأيام يعني ضرب الموازين الشرعية

وهذا ما لا يرضاه أمير المؤمنين (ع) لنفسه بحال من الأحوال .

-2-

جاء في التاريخ :

ان رجلاً من بني أسد أُخذ في حَدّ فاجتمع قومُه ليكلموا أمير المؤمنين ، وطلبوا الى الحسن أنْ يصبحهم فقال :

أئتوه فهو أغلى بكم عينا ، فدخلوا اليه ، فرحب بهم وقال لهم معروفاً ،

وسألوه فقال :

لا تسألوني شيئا أملكه الا أعطيتكم

فخرجوا وهم راضون ،

ويرون أنهم قد نجحوا ،

فسألهم الحسن فقالوا :

أتينا خير مأتي ،

وحكوْا له قوله فقال :

ما كنتم فاعلين اذا جلد صاحبكم فاصنعوه ،

فأخرجه علي (ع) فحدّه قال :

هذا لله لست أملكه .

انّ بني اسد كانوا مدفوعين بعقلية عشائرية لتخليص أحدهم مِنْ أنْ يُقام عليه الحد، يسعون لذلك كما يسعون لحل اية مشكلة أخرى ، ولم يكونوا يملكون من الوعي ما يميّزون بين أحكام الدين التي لا تقبل الوساطة والتسوية وبين المسائل الشخصية التي يمكن التنازل عنها .

-3-

انّ المساواة في العطاء بين شيخ العشيرة وبين أصغر أبنائها – وهو مقتضى العدل الذي سار عليه امير المؤمنين (ع) – جعل الكثيرين يتجهون صوب معاوية الذي كان يغدق الأموال على رؤساء العشائر وأعيان الرجال لصدهم عن الولاء لامير المؤمنين (ع) .

والخلاصة :

ان الدين حَقٌّ ، وطعم الحق مُرٌّ في الأفواه

فطوبى لعشّاق عليّ رائد الحق الذي دار معه حيثما دار

وداروا بحبهم له حيثما دار .



Most Read

2024-09-21 00:43:20