Breaking News >> News >> Azzaman


‏أبكاني هذا الدعاء-رباح آل جعفر


Link [2022-04-20 02:33:00]



‏هذه‭ ‬طائفة‭ ‬مختارة‭ ‬من‭ ‬الأدعية‭ ‬والمأثورات‭ ‬لكبار‭ ‬الزهاد‭ ‬والمتصوفة‭. ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أخفي‭ ‬شوقي‭ ‬القديم‭ ‬ولا‭ ‬حنيني‭ ‬المقيم‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬أدب‭ ‬المعاني‭ ‬الرقيقة‭ ‬والبلاغة‭ ‬الجميلة‭ ‬بدأتها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭. ‬إنها‭ ‬تجعلني‭ ‬أنفرد‭ ‬بنفسي،‭ ‬أو‭ ‬أنفر‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬كله‭ ‬صفاء‭ ‬ونقاء‭ ‬ومحبة‭. ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬الصحبة‭ ‬مع‭ ‬كتبهم‭ ‬كحامل‭ ‬المسك‭. ‬إمّا‭ ‬أن‭ ‬يعطيك‭ ‬مسكاً،‭ ‬أو‭ ‬طيباً،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬عنده‭ ‬رائحة‭ ‬طيبة‭. ‬

‏وابن‭ ‬الفارض‭ ‬أستاذ‭ ‬العشق‭ ‬وسلطان‭ ‬العاشقين‭ ‬يقول‭ ‬قريباً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭:‬

‏وإذا‭ ‬اكتفى‭ ‬غيري‭ ‬بطيف‭ ‬خيالهِ

‏فأنا‭ ‬الذي‭ ‬بوصالـه‭ ‬لا‭ ‬أكتفــــي

‏وكان‭ ‬أبو‭ ‬الحسن‭ ‬الشاذلي‭ ‬يدعو‭ ‬قائلاً‭: ‬اللهم‭ ‬اجعل‭ ‬الدنيا‭ ‬في‭ ‬أيدينا‭ ‬ولا‭ ‬تجعلها‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭.‬

‏ومن‭ ‬أدعيته‭ ‬المأثورة‭: ‬اللهم‭ ‬إنّا‭ ‬قد‭ ‬عجزنا‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬الضرّ‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نعلم‭ ‬بما‭ ‬نعلم،‭ ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬نعجز‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭.‬

‏والعارف‭ ‬بالله‭ ‬أبو‭ ‬أيوب‭ ‬المصري‭ ‬يبدأ‭ ‬دعاءه‭ ‬بهذه‭ ‬المناجاة‭: ‬اللهم‭ ‬يا‭ ‬حبيب‭ ‬التائبين،‭ ‬ويا‭ ‬سرور‭ ‬العابدين،‭ ‬ويا‭ ‬أنيس‭ ‬المنفردين،‭ ‬ويا‭ ‬حِرْزَ‭ ‬اللاجئين،‭ ‬ويا‭ ‬ظهر‭ ‬المنقطعين،‭ ‬إليك‭ ‬توجهنا،‭ ‬وبفنائك‭ ‬أنخنا،‭ ‬ولمعروفك‭ ‬تعرَّضنا،‭ ‬وبقربك‭ ‬نزلنا‭.‬

‏وقال‭ ‬أبو‭ ‬يزيد‭ ‬البسطامي‭:‬

‏الناسُ‭ ‬بحرٌ‭ ‬عميـقْ‭.. ‬والبُعدُ‭ ‬عنهم‭ ‬سفينة

‏وقد‭ ‬نصحتكَ‭ ‬فاخترْ‭.. ‬لنفسكَ‭ ‬المسكينــة‭!.‬

‏وعندما‭ ‬سُئِل‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬المبارك‭: ‬مَن‭ ‬الناس؟‭ ‬قال‭: ‬العلماء‭. ‬قيل‭: ‬فمَن‭ ‬الملوك؟‭ ‬قال‭: ‬الزهاد‭. ‬قيل‭: ‬فمَن‭ ‬السَفَلَة؟‭ ‬قال‭: ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬بدينهم‭!. ‬

‏وابن‭ ‬المبارك‭ ‬هو‭ ‬القائل‭: ‬طلبنا‭ ‬الأدب‭ ‬حين‭ ‬فاتنا‭ ‬المؤدّبون‭.‬

‏وقيل‭ ‬لصوفي‭: ‬ما‭ ‬صناعتكم؟‭ ‬فقال‭: ‬حسن‭ ‬الظن‭ ‬بالله،‭ ‬وسوء‭ ‬الظن‭ ‬بالناس‭. ‬

‏وفي‭ “‬أدب‭ ‬الدنيا‭ ‬والدين‭” ‬أن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬سهل‭ ‬حين‭ ‬عاتبوه‭ ‬لكثرة‭ ‬ما‭ ‬يتصدَّق‭ ‬أجابهم‭: ‬لو‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬إلى‭ ‬دار،‭ ‬أكان‭ ‬يُبقي‭ ‬في‭ ‬الأولى‭ ‬شيئاً؟‭!.‬

‏وقيل‭ ‬لبعض‭ ‬الزهاد‭: ‬ما‭ ‬أبلغ‭ ‬العظات؟‭ ‬فقال‭: ‬محلة‭ ‬الأموات‭.‬

‏ولمّا‭ ‬سئل‭ ‬الحسن‭ ‬البصري‭: ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬الدنيا؟‭ ‬قال‭: ‬شغلني‭ ‬توقع‭ ‬بلائها‭ ‬عن‭ ‬الفرح‭ ‬برخائها‭.‬

‏وقيل‭ ‬لأحد‭ ‬المتصوفة‭: ‬ما‭ ‬لك‭ ‬كلما‭ ‬تكلمت‭ ‬بكى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يسمعك،‭ ‬ولا‭ ‬يبكي‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬واعظ‭ ‬المدينة‭ ‬أحد؟‭. ‬قال‭: ‬ليست‭ ‬النائحة‭ ‬الثكلى‭ ‬كالنائحة‭ ‬المستأجرة‭.‬

‏وفي‭ ‬كتابه‭ “‬الإشارات‭ ‬الإلهية‭” ‬نقرأ‭ ‬لمفكرنا‭ ‬الكبير‭ ‬أبي‭ ‬حيان‭ ‬التوحيدي‭ ‬دعاء‭ ‬مؤثراً‭: ‬اللهم‭ ‬إنّا‭ ‬نسألك‭ ‬ما‭ ‬نسأل‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬ثقة‭ ‬ببياض‭ ‬وجوهنا‭ ‬عندك،‭ ‬وأفعالنا‭ ‬معك،‭ ‬ولكن‭ ‬عن‭ ‬ثقة‭ ‬بكرمك‭ ‬الفائض،‭ ‬وطمعاً‭ ‬في‭ ‬رحمتك‭ ‬الواسعة‭. ‬

‏اللهم‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬أعمارنا‭ ‬قاصرة‭ ‬عن‭ ‬غايات‭ ‬حقائق‭ ‬التوحيد‭ ‬والمعرفة،‭ ‬نسألك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ترد‭ ‬علينا‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬بك‭ ‬فتشمت‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬إليك‭. ‬

‏وكان‭ ‬الفضيل‭ ‬بن‭ ‬عياض‭ “‬الصوفي‭ ‬من‭ ‬الرعيل‭ ‬الأول‭” ‬كما‭ ‬وصفه‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬محمود‭ ‬يردّد‭ ‬في‭ ‬دعائه‭ ‬طويلاً‭: ‬اللهم‭ ‬ارحمني‭ ‬فإنك‭ ‬بي‭ ‬عالم،‭ ‬ولا‭ ‬تعذّبني‭ ‬فإنك‭ ‬عليَّ‭ ‬قادر‭. ‬‏ومن‭ ‬دعاء‭ ‬الشيخ‭ ‬معروف‭ ‬الكرخي‭: ‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬لديني،‭ ‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬لدنياي،‭ ‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬الكريم‭ ‬لما‭ ‬أهمَّني،‭ ‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬القوي‭ ‬لمن‭ ‬بغى‭ ‬عليَّ،‭ ‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬الشديد‭ ‬لمن‭ ‬كادني‭ ‬بسوء‭.‬

‏لقد‭ ‬أبكاني‭ ‬هذا‭ ‬الدعاء‭!.‬



Most Read

2024-09-21 00:32:57