فاتح عبدالسلام
الفقراء في العراق، وهم الأغلبية الساحقة من عدد السكان، غارقون في اليأس، لذلك يصبحون صيدا سهلا في يد عصابات وهمية للتوظيف في الوزارات ودوائر الحكومة.
التعيين بالواسطة هو الأساس العام في جميع وزارات الدولة ولا استثناء. وهناك في جميع الوزارات سماسرة للتعيين بدرجة ثابتة بمبالغ خيالية، استغرب كيف يدفعها المتطلع للوظيفة وهو لا يستطيع جمعها في عشرين سنة من الخدمة والعلاوات.
وهناك أيضاً، كما يجري الآن التعيين بعقود، وهذا طريق آخر لسماسرة يقف خلفهم أحيانا نواب او أعضاء في مجالس المحافظات او سياسيون، يخدعون الفقراء على سبيل الاغراء بالحصول على وظيفة، ويُجبون منهم أموالا طائلة وبالدولار، ومن ثمّ قد يحصل أحدهم على عقد سنوي او يكون ضحية منسية كغيره، ويكون باب الفساد مشرعا على مصراعيه عند التعيين وبعده ويغرس النبتة الفاسدة حتى في النفوس غير الملوثة.
هذا الفساد كان يوما طريقا لتسلل الارهاب، وسيكون كذلك اليوم أيضا اذا لم تعلن الحكومة سياسة توظيف شفافة مبنية على الكفاءة والحاجة المجتمعية وإعادة توجيه الأيدي العاملة من القطاعات الخاملة الى الإنتاجية.
كما ان مكافحة هذا النوع من الفساد تكاد تكون شبه معدومة، والسبب بسيط هو ان حلقات سياسية وإدارية في الدولة ترعى هذا القطيع من الفاسدين الصغار الذين يمثلون فرشة الانتشار لهم بين المواطنين وفي دوائر الدولة.
هل تستطيع حكومة الأغلبية المعترض على قيامها مواجهة هذا الفساد الذي اساء لسمعة الدولة وزرع في نفوس جيل جديد الرشوة سبيلاً للوصول الى أي هدف؟ اذا لم تكن حكومات اغلبية او توافقية إعادة تنظيف القطاع المؤسساتي و الإداري في البلد، فعلى ماذا يتقاتلون؟ أهو قتال من اجل الاستمرار في الخوض في نفس المستنقعات؟
أعود الى التأكيد، كما كنت اقولها منذ عقد ونصف العقد في هذه الزاوية، انّ الفساد والإرهاب متلازمان، وضحيتهما المشتركة الانسان العراقي الذي تجري عمليات منظمة ومستمرة لمسخ شخصيته.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-21 03:35:54