Breaking News >> News >> Azzaman


غير دستوري


Link [2022-04-18 02:52:40]



فاتح عبدالسلام

من‭ ‬الأمور‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬انّ‭ ‬العراق‭ ‬بوضعه‭ ‬الحالي‭ ‬يتراجع‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬عن‭ ‬السكة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والحكم‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬وضع‭ ‬مركبته‭ ‬عليها‭ ‬أصلاً،‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭(‬غير‭ ‬دستوري‭) ‬الشائع‭ ‬لفظياً‭ ‬وعملياً‭ ‬الذي‭ ‬يستسهله‭ ‬السياسيون‭ ‬ويطلقونه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬وكأنهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬ثوب‭ ‬أو‭ ‬حاجة‭ ‬منزلية‭ ‬ليست‭ ‬قياساتها‭ ‬مضبوطة‭ ‬ويمكن‭ ‬تبديلها‭ ‬بالمادة‭ ‬ذات‭ ‬القياس‭ ‬الصحيح‭.‬

غير‭ ‬دستوري،‭ ‬معناه‭ ‬انّ‭ ‬كل‭ ‬البناء‭ ‬الإداري‭ ‬والسياسي‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬الهرم‭ ‬حتى‭ ‬السفوح‭ ‬والهضاب‭ ‬والوديان‭ ‬والمستنقعات‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالدولة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬انها‭ ‬قامت‭ ‬بوضعها‭ ‬الجديد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬وتفاصيلها،‭ ‬وفي‭ ‬التطلعات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬او‭ ‬توزيع‭ ‬الثروات‭ ‬او‭ ‬التعاقدات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬بمواعيد‭ ‬الفترات‭ ‬المخصصة‭ ‬للاستحقاقات‭ ‬في‭ ‬اعلان‭ ‬الحكومة‭ ‬والمناصب‭ ‬أوفي‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬أو‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المركز‭ ‬والاقليم‭ ‬الكردي‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬مليشيات‭ ‬خارج‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬مهاجمة‭ ‬السفارات‭ ‬الاجنبية‭ ‬،‭ ‬ترد‭ ‬جملة‭ ‬–‭ ‬غير‭ ‬دستوري‭- ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬اجتراح‭ ‬طرق‭ ‬أخرى‭ ‬منفصلة،‭ ‬تصل‭ ‬بأصحابها‭ ‬الى‭ ‬غاياتهم‭ ‬فرادى‭ ‬أو‭ ‬جماعات،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالدستور‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬البلد‭ ‬كله‭. ‬وبرغم‭ ‬ذلك‭ ‬يمضي‭ ‬الحال‭ ‬بالتراضي‭ ‬والتوافق‭ ‬والتغاضي،‭ ‬وكأنّ‭ ‬شيئاً‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وكأنّ‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬عادية‭.‬

هذا‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬التوصيف‭ ‬السياسي‭ ‬لبناء‭ ‬الدول‭ ‬ونشوئها‭ ‬وتطورها‭ ‬يمثل‭ ‬الخط‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬استمرارية‭ ‬الانحدار‭ ‬نحو‭ ‬اللادولة‭ ‬بمعناها‭ ‬الحديث،‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬النقطة‭ ‬الفاصلة‭ ‬والشروع‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بطريق‭ ‬يجلب‭ ‬معه‭ ‬دستوره‭ ‬وقوانينه‭ ‬وتشكيلاته‭ ‬السياسية‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬وعراً،‭ ‬وعدم‭ ‬الركون‭ ‬الى‭ ‬التغطية‭ ‬الشكلية‭ ‬بدستور‭ ‬يجري‭ ‬التجاوز‭ ‬اليومي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‭ ‬بوصفه‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬البلاد‭.‬

‭ ‬المخالفات‭ ‬الدستورية‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬مخالفات‭ ‬مرورية‭ ‬أو‭ ‬مخالفات‭ ‬التجاوز‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬تابعة‭ ‬للدولة‭ ‬أو‭ ‬خرق‭ ‬لقانون‭ ‬الكمارك‭ ‬والمنافذ‭ ‬الحدودية‭.‬

‭ ‬المسألة‭ ‬هي‭ ‬خيار‭ ‬بين‭ ‬اثنين،‭ ‬إمّا‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬وحكومة‭ ‬وقانون‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬استمرارية‭ ‬بقاء‭ ‬البلد،‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭ ‬للأبد‭ ‬لإقطاعيات‭ ‬مهيمنة‭ ‬وأمراء‭ ‬مال‭ ‬وسلاح‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-21 03:30:55