Breaking News >> News >> Azzaman


صنع السجاد من الملابس المعاد تدويرها حرفة صديقة للبيئة


Link [2022-04-18 02:52:40]



نفطة‭ (‬تونس‭) (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬تمزّق‭ ‬نجاة‭ ‬سروال‭ ‬جينز‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬صغيرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحوّله‭ ‬إلى‭ ‬سجاد،‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬عشرات‭ ‬الأمهات‭ ‬التونسيات‭ ‬اللاتي‭ ‬يشاركن‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬اجتماعي‭ ‬تعاضدي‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الملابس‭ ‬حقق‭ ‬انتشارا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

انطلقت‭ ‬مبادرة‭ “‬المنسج‭” (‬آلة‭ ‬قديمة‭ ‬للنسج‭) ‬مع‭ ‬الفرنسي‭ ‬التونسي‭ ‬مهدي‭ ‬البكوش‭ (‬33‭ ‬عاما‭) ‬سنة‭ ‬2014‭ ‬عندما‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬عمّته‭ ‬نجاة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬نفطة‭ ‬بالجنوب‭ ‬التونسي‭ ‬أن‭ ‬تنسج‭ ‬له‭ ‬سجادا‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬أصدقائه‭.‬وشرع‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬المنسوجات‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬فيسبوك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نشر‭ ‬صور‭ ‬للمنتوجات،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تطوّر‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رأت‭ ‬جمعية‭ “‬الشانطي‭” ‬النور‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬وهي‭ ‬باتت‭ ‬تشغّل‭ ‬12‭ ‬حرفية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتضمن‭ ‬عائدات‭ ‬مالية‭ ‬شهرية‭ ‬لهنّ‭.‬وتقول‭ ‬نجاة‭ (‬53‭ ‬عاما‭) ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬وهي‭ ‬أولى‭ ‬المبادرات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ “‬تعلمتُ‭ ‬النسج‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬مع‭ ‬أمّي‭ ‬وكنت‭ ‬أنسج‭ ‬معها‭ ‬الأغطية‭ ‬والقشابية‭ (‬لباس‭ ‬صوفي‭ ‬للرجال‭ ‬خلال‭ ‬الشتاء‭)”.‬واليوم‭ ‬تغيّرت‭ ‬الأمور‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تنسج‭ ‬سوى‭ “‬الكليم‭ (‬السجاد‭)”. ‬وتفصح‭ ‬متبسمة‭ “‬أكسب‭ ‬منه‭ ‬رزقا‭ ‬وأعمل‭ ‬من‭ ‬بيتي‭ ‬وفي‭ ‬سكينتي‭”.‬

تمرّر‭ ‬نجاة‭ ‬أناملها‭ ‬بين‭ ‬خيوط‭ ‬المنسج‭ ‬وتستذكر‭ ‬إبداعاتها‭ ‬وتصاميمها‭ ‬قائلة‭ “‬كلّها‭ ‬ابتكاراتي‭ ‬ومن‭ ‬صنع‭ ‬مخيلتي،‭ ‬رتبتُ‭ ‬موضع‭ ‬الخيوط‭ ‬بكل‭ ‬الألوان‭ ‬وقبلوها‭ ‬مني‭ (‬جمعية‭ ‬الشانطي‭)”.‬

وهي‭ ‬تجمع‭ ‬من‭ ‬أسواق‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬القريبة‭ ‬الطرابيش‭ ‬القديمة‭ ‬والقمصان‭ ‬والجوارب‭ ‬الصوفية‭ ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬كمواد‭ ‬أولوية‭ ‬لتصميم‭ ‬زرابي‭ ‬وسجاد‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬العصري‭.‬

ولا‭ ‬خشية‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الاولية،‭ ‬فتونس‭ ‬بلد‭ ‬تستوطنه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬النسيج‭ ‬المحلية‭ ‬والأجنبية‭. ‬ويُعتبر‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلاد‭ ‬إذ‭ ‬تنشط‭ ‬فيه‭ ‬1600‭ ‬شركة‭ ‬لصالح‭ ‬علامات‭ ‬تجارية‭ ‬عالمية‭ ‬وتوظف‭ ‬160‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭.‬

‭ ‬نظرة‭ ‬مختلفة‭ ‬

وتقول‭ ‬الناشطة‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ “‬الشانطي‭” ‬فاطمة‭ ‬الهامل‭ (‬25‭ ‬عاما‭) ‬إن‭ ‬مشغل‭ ‬الخياطة‭ ‬الذي‭ ‬أنشأته‭ ‬الجمعية‭ “‬يصنع‭ ‬فرقاً‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الحرفيات‭ ‬اللاتي‭ ‬كان‭ ‬عليهن‭ ‬التنقل‭ ‬وشراء‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬لتحقيق‭ ‬ربح‭ ‬مالي‭ ‬بأربعين‭ ‬أو‭ ‬خمسين‭ ‬دينارا‭” (‬13‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬دولارا‭).‬

وبفضل‭ ‬جمعية‭ “‬الشانطي‭” ‬التي‭ ‬تشتري‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬ثم‭ ‬تتكفل‭ ‬بعملية‭ ‬بيع‭ ‬المنسوج،‭ ‬أصبحت‭ ‬السجادة‭ ‬بالمقاسات‭ ‬المعيارية‭ (‬1,8‭ ‬متر‭ ‬على‭ ‬مترين‭) ‬تؤمّن‭ ‬مدخولا‭ ‬بـ120‭ ‬دينارا‭ (‬40‭ ‬دولارا‭).‬

كما‭ ‬عملت‭ ‬الجمعية‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬ظروف‭ ‬ومكان‭ ‬عمل‭ ‬الحرفيات،‭ ‬مع‭ ‬تجهيز‭ ‬الموقع‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬بمكيفات‭ ‬لمواجهة‭ ‬حرّ‭ ‬الصيف‭.‬

وتغيرت‭ ‬نظرة‭ ‬النساء‭ ‬لأنفسهن‭ ‬بفضل‭ ‬عملهنّ،‭ “‬وأصبح‭ ‬الرجال‭ ‬ينظرون‭ ‬إلينا‭ ‬بنظرة‭ ‬جد‭ ‬مختلفة‭”‬،‭ ‬وفق‭ ‬فاطمة‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تدريبات‭ ‬مع‭ ‬مصممين‭ ‬توفّر‭ ‬لهؤلاء‭ ‬النسوة‭ ‬انفتاحا‭ ‬على‭ ‬الخارج‭.‬

فقد‭ ‬شاركت‭ ‬نحو‭ ‬عشر‭ ‬نساء‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ “‬لمزاوجة‭ ‬الألوان‭” ‬مع‭ ‬طلبة‭ ‬يدرسون‭ ‬الموضة‭ ‬ومصمّمين‭ ‬من‭ ‬الدنمارك،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لتحصيل‭ ‬خبرات‭ ‬وتحسين‭ ‬المهارات‭ ‬في‭ ‬التصميم‭.‬

يستذكر‭ ‬مهدي‭ ‬البكوش‭ ‬أن‭ ‬كثيرين‭ ‬سخروا‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬المشروع،‭ ‬لأنّ‭ “‬هذا‭ ‬الفنّ‭ ‬الشعبي‭” ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬كان‭ ‬يوصف‭ ‬بـ‭”‬مهنة‭ ‬المُسّنات‭”.‬

ويقول‭ ‬البكوش‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نظهر‭ ‬أن‭ ‬امرأة‭ ‬لم‭ ‬تدرس‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬استعمال‭ ‬الانترنت‭ ‬يمكنها‭ ‬العمل‭ ‬وإعالة‭ ‬نفسها‭”.‬

وتنتج‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬أربع‭ ‬سجادات‭ ‬شهريا،‭ ‬لأن‭ “‬الهدف‭ ‬ليس‭ ‬تشغيل‭ ‬النساء‭ ‬مثل‭ ‬الدواب،‭ ‬يجب‭ ‬عليهن‭ ‬الاعتناء‭ ‬بعائلاتهن‭”.‬

‭”‬100‭ ‬‭%‬‭ ‬تونسي‭” ‬

تباع‭ ‬منسوجات‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬محلّ‭ ‬عرض‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ “‬لارتيزانري‭” ‬بالعاصمة‭ ‬تونس،‭ ‬وهو‭ ‬مكان‭ ‬يجتمع‭ ‬فيه‭ ‬سبعة‭ ‬مصمّمين‭ ‬ويواكبون‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وبخاصة‭ ‬منهن‭ ‬الناشطات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الخزف‭ ‬وتصميم‭ ‬خشب‭ ‬القصب‭ ‬في‭ ‬منطقتي‭ ‬عين‭ ‬دراهم‭ ‬وطبرقة‭ (‬شمال‭ ‬غرب‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬تقنيات‭ ‬فنّ‭ ‬الحياكة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬المهدية‭ (‬شرق‭).‬

وعرض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئتي‭ ‬حرفية‭ ‬أعمالهن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يعج‭ ‬بالألوان‭ ‬والديكورات‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الفائتة‭.‬ويقول‭ ‬البكوش‭ “‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نقدّم‭ ‬إنتاجاً‭ ‬تونسيا‭ ‬مئة‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬بمواد‭ ‬أولية‭ ‬وخبرات‭ ‬تونسية‭ ‬وبتصاميم‭ ‬تواكب‭ ‬العصر‭”.‬

وتباع‭ ‬المنتوجات‭ ‬المصمّمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ “‬الشانطي‭” ‬إلى‭ “‬التونسيات‭ ‬الشغوفات‭ ‬بالتصميم‭”‬،‭ ‬أو‭ ‬تُصدّر‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭.‬كما‭ ‬تشتري‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬بعض‭ ‬السجادات،‭ ‬وقد‭ ‬اقتنت‭ ‬إحداها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الفائت‭ ‬164‭ ‬سجادة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬سراويل‭ ‬الجينز‭ ‬وبأيادي‭ ‬نساء‭ ‬نفطة‭.‬

لكنّ‭ ‬أرقام‭ ‬المبيعات‭ ‬وما‭ ‬يُجمع‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬لا‭ ‬تغطي‭ ‬النفقات،‭ ‬لذلك‭ ‬تلجأ‭ ‬جمعية‭ “‬شانطي‭” ‬لإقامة‭ ‬شراكات‭ ‬وتبحث‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬ودول‭ ‬أجنبية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ “‬أوكسفام‭”.‬



Most Read

2024-09-21 06:05:41