Breaking News >> News >> Azzaman


حميد المطبعي.. نتذكرك بمحبة – زيد الحلّي


Link [2022-04-17 01:52:43]



فم مفتوح .. فم مغلق

حميد المطبعي.. نتذكرك بمحبة – زيد الحلّي

كلما تمر ذكرى وفاة الموسوعي حميد المطبعي ، تتجول عيني على مواقع التواصل الاجتماعي ، والصحف في مسعى مني  لقراءة موضوعات واستذكار عنه ، ولاسيما من  الذين  قدم لهم الكثير ، فأصبحوا اسماء “كبيرة” بينما هم صغار، والفضل كله للمطبعي الذي دبج لهم الكتابات والاشعار والمحاور والقصص .. و يا رب ، امنع عني السرد، حتى لا اقع في مصيدة ذكر الاسماء ، فدائما ، لا اجد من يذكره ، إلا القليل ، القليل .. لعن الله ناكري الجميل ، وهم كُثر في عالم اليوم !

فمثل يوم امس من عام  2018   ودعنا حميد المطبعي  في فوضى الحياة التي تدور بنا  ، ولا نعرف لها مستقراً .. ان صديقي ابا الخنساء ، مدين في شخصيته  الى مزاجه الغريب ، والى احساسه المتردد بين العنف والرقة ، والصحة والمرض ، والى كبريائه مثل جبل أشم  ، امام عواصف البؤس والشقاء .

غادرنا حميد المطبعي ، الى دنيا الخلود ، حاملا معه ارثاً عظيما من الوعي الانساني ، والثقافة العميقة ، ومعرفة شاسعة المدى بسيرورة الحياة ، .. ودعنا ضاحكا ، على دنيا اتسعت فيها رقعة النفاق ، وتقلصت مساحة الوفاء .. حميد المطبعي ، صديقي  الأثير طوال اربعة عقود ونيف ، لم ار منه ما عكر مودتي له ، ومن خلال هذه الصداقة والصحبة الجميلة ، وجدت  أن  كتاباته المهمة والهامة  ، هي  مثل الحياة … فيها المطر والرعد والبرد والشمس والدفء ،  وفي تربتها تنبت فاكهة تزهقك حلاوتها وكثرة فوائدها ،وحنظل ، له مرارة لا يمكن  قهرها حتى أذا أغمستها بقوارير من العسل !

 لو أودعت قلبك لديه ، لخرج فرحانا.. ومسرورا  ولو أقنعته بأن  يودع لديك قليلا من سريرته ، لشهقت.. أليس الحياة هكذا : تجربة تضع الناس في الغربال ؟ قراءاتي لكتابات المطبعي ، مسودات  ومنشورة ، وجدتُ فيها حبه للتوثيق.. والتوثيق لديه , جزء من  جمالية الحياة ، ولم أجده يوماً مغرماً بالحديث عن المال وطرق جنيه .. فالمال في حياته , شيء ثانوي . وعندما يتحدث عن المال, تشعر انك أمام رجل بدوي من القرون الوسطى .. لم أجده يوماً على كثرة زيارتي له وزيارته لي , انه مسك قلماً وورقة , دّون فيها ملحوظة ما تخص قضيه ماليه , تخصه أو تخص عائلته الكريمة , التي كثيراً ما عانت من زهده وعدم اكتراثه لعاديات الزمن .

هو لم يقرأ عنكبوتية الحياة بمنظور واقعي في ما يخص ظروف التحسب للقادم  ، مثلما قرأ واقع الصحافة الادبية في العراق .. ومثالي هنا ، مجلته الشهيرة ( الكلمة ) التي انطلقت بإرادته الصلدة مثل الشهب في نهاية ستينيات القرن المنصرم ، وانتهت بإرادة الخبثاء الذين وضعوا العصي في طريق مواصلتها ، فماتت ، لكن مؤسسها المطبعي بقيّ طودا شامخا في خارطة الثقافة العراقية ، ونجما ساطعا في سماء الوعي والسمو والاخوانيات ..

 مرة سألته مازحاً ، مستفزاً ، وكنتُ أظن إنني سأحرجه وأناكده : أراك  فوضوياً ، تائهاً في هذه الدنيا يا حميد ؟ ففاجأتني إجابته التي أصر على كتابتها على ورقة صغيرة كانت موجودة أمامه ، احتفظتُ بها ( لا.. لكني ابتليت بالكتابة ، وكلما تألق إيماني بالكتابة ، شبهتُ الوطن بالملائكة ، لا فرق بين الوطن وبين الملائكة ، فهما من جنس واحد اسمه : العراق ، وكلما كبر العراق في عيني رميت بسهم قوي ، وكلما ضعف العراق في عيني ، رميتُ بسهم أقوى ، لا فرق بين العراق وبين الإيمان ، فهما هذان الكوكبان : أنا الحرية ، لا فرق بيني وبين الحرية ، لأني الكاتب الذي يمجّد نفسه بإيمان الحرية ، إذن : أنا الوطن ، فهل يندحر الوطن ؟ إذن : حرام أن أصلي بلا وطن ، وحرام أن أمشي خلف نعش كاذب ..!

نم قرير العين ايها الباذخ حبا ..

Z_alhilly@yahoo.com



Most Read

2024-11-10 23:43:51