وأطلّ الأمام الحسن (ع) في أفضل الشهور – حسين الصدر
-1-
كانت اطلالة الامام الحسن الزكيّ عليه السلام ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة وقيل سنة اثنين للهجرة .
-2-
وابتهجت بميلاده دنيا الاسلام، وسمّاه جده المصطفى (ص) الحسن، وقد جمع المجد من أطرافه حتى لُقّب بكريم أهل البيت .
-3-
وجاء في الروايات :
انّ النبي (ص) وضعه على عاتقه وقال :
(من اَحبَّني فليحبّه)
وكان (ص) يقول :
( اللهم إني أُحبُّه ، وأُحبُ من يُحبُّه)
كررها ثلاث مرات .
-4-
وجاء في بعض الروايات
ان النبي (ص) كان يصلي فاذا سجد يجيء الحسن (ع) وهو صبي حتى يصير على ظهره او رقبته فيرفعه رفعاً رفيقاً .
قالوا :
يا رسول الله :
انك تصنع بهذا الصبي شيئا لم تصنعه بأحد ؟
فقال :
انّ هذا ريحانتي …”
وهكذا أعلن النبي (ص) للأمة عن حبه العميق وتعلقه الوثيق بسبطه المجتبى ، وهي دعوة عملية للأمة أن تحيط الحسن بما هو أهله من المودة والولاء .
-5-
وحاء في سيرته المباركة
انه كان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل :
” يا ايها الذين آمنوا ” الاّ قال :
لبيك لبيك
وهو بهذا يدلنا على الطريق الأمثل للتفاعل مع كتاب الله، حيث لا خير في قراءة باهتة تُعنى بالألفاظ وتفرّط بالمعاني …
وكان (ع) عظيم الطاعة والخشوع لله، حتى انه كان اذا ذَكَرَ الممر على الصراط بكى،
واذا ذكر العرض على الله تعالى شهق شهقه يغشى عليه منها .
وكان اذا توضأ ارتعدت مفاصله واصفر لونه .
أقول :
هكذا كان يصنع وهو يعلم بأنه سيد شباب أهل الجنة ، ونحن لاهون غافلون مقصرون ، مفتونون بالدنيا واغراءاتها، فأين نحن من منهج ذلك الطود الشامخ والامام الخاشع العابد ؟
-6-
وجاء في التاريخ :
ان رجلاً استنجد بالامام الحسن لِيُنْصْفَه من خَصْمٍ غشوم ظلوم ،
لا يوقر الشيخَ الكبير ،
ولا يرحم الطفلَ الصغير ،
فما كان من الامام الحسن (ع) الا ان استوى جالسا بعد أنْ كان نتكئاً وقال له:
مَنْ خصمُك حتى انتصفَ لك منه ؟
فقال له :
الفقر .
فأطرق عليه السلام ساعة ،
ثم رفع رأسه وقال لخادمه :
أَحْضِرْ ما عندك ،
فأحضر خمسة آلاف درهم ، فقال :
ادفعها اليه ،
ثم قال له ما مؤداه :
متى ما أتاك خَصْمُك جائراً جئني مُتَظَلِماً .
هكذا كان (ع) يغيث اللهفان، ويقضي حاجة المحتاج ، ويكشف الغمة عن المكروبين من الفقراء والمستضعفين .
ونحن اليوم نعيش وبيننا الملايين من اعزائنا وهم تحت خط الفقر ولكن أين هي المبادرات المنعشة لمن يلجأ الينا مستنجدا ولا يؤوب الا وهو في خَيْبَة مرّة ؟
-7-
ومن أعظم كلماته الخالدة قوله :
” اذا أردت عزاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان ، فأخرج مِنْ ذُلِّ معصية الله الى عزّ طاعة الله عز وجل “
فالمعصية هي الذل والطاعة هي العز
ولكنْ أين هم المطيعون ؟
ومن كلماته الخالدة أيضا قوله (ع) :
” اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا “
نعم
لابد من التوازن ولا خير في التفريط .
وكما ينشط المرء لتلبية حاجاته الدنيوية ، عليه أنْ ينشط في كل ما يزين به صحيفته من الاعمال الصالحة ومن ألوان البر والاحسان ليلقى الله حين يلقاه أبيض الوجه مزدانة سيرتُه بالحسنات .
2024-09-21 06:06:04