فاتح عبدالسلام
المتضرر الوحيد من عدم قيام حكومة جديدة بحسب التوقيتات الدستورية هو البلد وأهله، وليس الطبقة السياسية، ذلك ان الاقطاعيات السياسية قائمة ولها كياناتها وأموالها وسلاحها ونفوذها ومساراتها، ومن الممكن ان تمضي بوضعها على هذا الحال الى دورة انتخابية أخرى من دون ان ينقص منها شيء.
أمام ذلك، يظهر النقص الشديد في تغطية الدستور والقوانين لهذه المآزق السياسية التي يجب أن يتوقع المُشرّعون حدوثها في العراق، لعقود طويلة حتى يستقر على صيغة من تداول السلطة بشكل سلمي وسلس، وبحسب مواسم انتخابية لها توقيتات ومخرجات ثابتة ومستقرة، تبدأ وتنتهي، ليشرع البلد بعدها بمشاريع التنمية والبناء وإعادة ترميم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع المحيط الإقليمي والعالمي مادام هناك بقية من عصر النفط لدينا، وهذه حاجات أساسية لكي يستمر البلد مواكبا حال الدول القائمة وليست السائبة والمتذبذبة والمتأثرة بردود الأفعال في كل قرار وخطوة وموقف.
ما يقال عن انتخابات مبكرة تلوح في الأفق المسدود اليوم، أمر وارد، ويعلق كل طرف الآمال عليه، لكن الانتخابات المبكرة لن تكون مختلفة في سياقاتها عن تلك المبكرة الأخيرة التي لا نزال في احابيلها ومشاكلها، ليس من حيث عدد أصوات الكتل ولكن من حيث مساراتها بعد النتائج وآليات التعاطي مع استحقاقاتها الدستورية.
أقول دائما، انّ الازمات السياسية يجب ان تبقى في مجالس ومقار الأحزاب، وانّ انتقالها الى الشارع سيؤدي الى خلط جديد في الأوراق وانتهاز فرص قوى على حساب أخرى، لنعود في نفس الدوامة.
ما داموا مقتنعين بصواب العملية السياسية على وفق هذا التعاطي الثلاثي، فإن عليهم جميعاً أن يتحملوا نتائج الطريق الذي يصرون على انه آمن لحفظ مصالحهم. غير انّ بعض القوى اعتادت التنصل عند الازمات، ومحاولاتها واضحة في فرز نفسها جانباً بوصفها غير معنية بالصراع او انها تمتلك موقعاً حيادياً، وهذه أوهام في حقيقة الامر، قد يمارسها طرف فقد بعض عناصر قوته إزاء اطراف استقوت في ليلة وضحاها.
هناك اسبوعان، يمنحهما الشهر الفضيل لمَن يريد ان يتأمل مصير البلد، وبعد ذلك لابدّ من الاتجاه الى القرار الذي يحفظ البلد أولاً وآخراً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-21 08:55:15