Breaking News >> News >> Azzaman


دراما رمضانية تثير جدلا حول مسألة تعدد الزوجات في تونس


Link [2022-04-14 09:17:56]



تونس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬أثار‭ ‬مسلسل‭ ‬تلفزيوني‭ ‬يُعرَض‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الجدل‭ ‬بتناوله‭ ‬مسألة‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الرائد‭ ‬عربياً‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭  ‬يمنع‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬اقتران‭ ‬الرجل‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭.‬

ونّاس،‭ ‬وهو‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬المسلسل،‭ ‬يطلب‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬الثالثة‭ ‬الارتباط‭ ‬بزوجة‭ ‬ثانية‭ “‬على‭ ‬سُنّة‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭” ‬ويؤكد‭ ‬أمام‭ ‬زوجته‭ ‬وأبنائه‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بحسب‭ ‬الشريعة‭ ‬الاسلامية،‭ ‬واصفاً‭ ‬إياها‭ ‬بأنها‭ ‬قانون‭ “‬فوق‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬الأخرى‭”.‬

يُبث‭ ‬المسلسل‭ ‬وعنوانه‭ “‬براءة‭” ‬على‭ ‬قناة‭ “‬الحوار‭ ‬التونسي‭” ‬الخاصة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬صيام‭ ‬المسلمين،‭ ‬عند‭ ‬وقت‭ ‬الافطار،‭ ‬وقد‭ ‬أثار‭ ‬جدلا‭ ‬بتناوله‭ ‬ممارستين‭ ‬ممنوعتين‭ ‬بالقانون‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وهما‭ “‬الزواج‭ ‬العرفي‭” ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭.‬

وشدّد‭ “‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحرّ‭” ‬المناهض‭ ‬للاسلاميين‭ ‬على‭ ‬أن‭ “‬هذه‭ ‬المواضيع‭ ‬تم‭ ‬حسمها‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1956‭ ‬ويدخل‭ ‬منع‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬ضمن‭ ‬الحقوق‭ ‬المكتسبة‭ ‬للمرأة‭ ‬التونسية‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬للتراجع‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬طرحها‭ ‬للنقاش‭ ‬مجددا‭”.‬

وكان‭ ‬أوّل‭ ‬رئيس‭ ‬لتونس‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬أقرّ‭ “‬مجلة‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭” ‬في‭ ‬13‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬1956‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬الثورية‭ ‬منحت‭ ‬التونسيات‭ ‬حقوقا‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومنعت‭ ‬بذلك‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬واعلان‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬وأرست‭ ‬حصوله‭ ‬بقرار‭ ‬قضائي‭.‬

ويعترف‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬بالزواج‭ ‬المدني‭ ‬فقط‭.‬

واعتبر‭ “‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحرّ‭” ‬ان‭ “‬هذه‭ ‬الجرائم‭” (‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬والزواج‭ ‬العرفي‭) ‬أصبح‭ “‬لها‭ ‬وجود‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬منذ‭ ‬تولي‭ ‬الإخوان‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬2011‭” ‬في‭ ‬اشارة‭ ‬إلى‭ ‬وصول‭ “‬حزب‭ ‬النهضة‭” ‬ذي‭ ‬المرجعية‭ ‬الاسلامية‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭.‬

وأكد‭ ‬الحزب‭ ‬المناهض‭ ‬لـ‭””‬النهضة‭” ‬أن‭ “‬المشاهد‭ ‬المعروضة‭ ‬في‭ ‬المسلسل‭ ‬تمثل‭ ‬صفارة‭ ‬انذار‭ ‬للمرأة‭ ‬التونسية‭ ‬لتنتبه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ينتظرها‭ ‬من‭ ‬إهانة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬استئثار‭ ‬قوى‭ ‬الظلام‭ ‬بمواقع‭ ‬القرار‭”.‬

واعتبرت‭ ‬منظمة‭ “‬أصوت‭ ‬نساء‭” ‬المدافعة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬صفحتها‭  ‬الرسمية‭ ‬ضمن‭ ‬شبكة‭ ‬فيسبوك‭ ‬أن‭ “‬الزواج‭ ‬العرفي‭” ‬و‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ “‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭”‬،‭ ‬ورأت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ “‬تطبيع‭ ‬مع‭ ‬ثقافة‭ ‬الافلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬و‭ ‬عدم‭ ‬علوية‭ ‬القانون‭”.‬

ودعت‭ ‬المنظمة‭ “‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬المستقلة‭ ‬للإتصال‭ ‬السمعي‭ ‬البصري‭” ‬المكلفة‭ ‬مراقبة‭ ‬محتوى‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭.‬

وقال‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬محمد‭ ‬الجويلي‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬المسلسل‭ “‬عمل‭ ‬فنّي‭ ‬درامي‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬صورة‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭”.‬

وطمأنَ‭ ‬الجويلي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬العرفي‭ ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭…‬لا‭ ‬يهدد‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬مكتسبات‭ ‬المرأة‭”‬،‭ ‬بل‭ ‬يتيح‭ ‬مناقشة‭ ‬مسائل‭ ‬اجتماعية‭.‬

ورأى‭ ‬الجويلي‭ ‬الجدل‭ ‬المُثار‭ ‬يمثل‭ “‬نفاقا‭ ‬اجتماعيا‭”. ‬واضاف‭ “‬نحن‭ ‬نقبل‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬على‭ ‬انفراد‭ ‬وبين‭ ‬الاصدقاء،‭ ‬ولكن‭ ‬نشعر‭ ‬بالغضب‭ ‬حين‭ ‬تثار‭ ‬علنا‭”.‬

وانتقد‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ “‬تسييس‭” ‬الموضوع‭ “‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحصيل‭ ‬نقاط‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭”.‬

واعتبرت‭ ‬الموظفة‭ ‬الحكومية‭ ‬نادية‭ ‬عبد‭ ‬الحق‭ (‬28‭ ‬عاما‭) ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ “‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬مسلسل،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الإيحاء‭ ‬بان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالدين‭ ‬رجعي‭”.‬

ولاحظ‭  ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬فؤاد‭ ‬غربالي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬قلّما‭ ‬تُثار‭ ‬للنقاش‭ ‬عادة،‭ ‬تبقى‭ ‬محرّمات‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬ظواهر‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬

وشدّد‭ ‬غربالي‭ ‬على‭ ‬أن‭ “‬دور‭ ‬الفن‭ ‬الدرامي‭ ‬لا‭ ‬يتمثل‭  ‬إطلاقاً‭ ‬في‭ ‬اعطاء‭ ‬صورة‭ ‬جيّدة‭ ‬للمجتمع،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يطرح‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أو‭ ‬أسئلة‭ ‬حول‭ ‬المجتمع‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬موضوعا‭ ‬للنقاش‭”.‬

وتابع‭ ‬الباحث‭ ‬قائلاً‭ “‬البعض‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يدعم‭ ‬العلاقات‭ ‬خارج‭ ‬اطار‭ ‬الزواج‭ ‬وآخرون‭ ‬يقرون‭ ‬بالزواج‭ ‬العرفي‭” ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬الجدل‭ ‬الذي‭ ‬تمت‭ ‬اثارته‭ ‬يعكس‭ “‬صراعا‭ ‬عقيدياً‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يقدمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬تقدميين‭”.‬

مع‭ ‬وصول‭ ‬الاسلاميين‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬على‭ ‬اثر‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ “‬انتشر‭ ‬الزواج‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الجامعية‭” ‬وخصوصاً‭ ‬بين‭ ‬الطلّاب‭ ‬الذين‭ ‬يوظفونه‭ ‬كترخيص‭ ‬ديني‭ ‬للعيش‭ ‬مع‭ ‬شريكة‭”‬،‭ ‬بحسب‭ ‬غربالي‭.‬

وتمثل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬اثر‭ ‬ثورة‭ ‬2011‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بالبعض‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬باعادة‭ ‬حق‭ ‬السماح‭ ‬بتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬وقد‭ ‬نظم‭ ‬ائتلاف‭ ‬نسوي‭ ‬تظاهرة‭ ‬احتجاجية‭ ‬للمطالبة‭ ‬بذلك‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬2018‭.‬

وأظهرت‭ ‬احصاءات‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬التونسية‭ ‬أن‭ ‬مختلف‭ ‬المحاكم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬نظرت‭ ‬في‭ ‬1718‭ ‬ملفاً‭ ‬قضائياً‭ ‬يتعلق‭ “‬بالزواج‭ ‬العرفي‭” ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬2015‭ ‬وو2020‭.‬



Most Read

2024-09-21 08:39:36