Breaking News >> News >> Azzaman


وخير جليس في الزمان كتاب


Link [2022-04-14 09:17:56]



وخير جليس في الزمان كتاب

محسن حسن الموسوي

الكتاب : رموز وكنوز

تأليف   : العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر  ، حفظه الله  .

الطبعة   : الأولى/ بغداد 1443هج _ 2022م

عدد الصفحات : 144 صفحة

في مثل هذه الساعات ، ومثل هذه الأيام  في سنة 1980م ، اختُطفَ مِن بين أضلعنا  ، رجلٌ لايتكرر أمثاله ، وعالِمٌ مُجدّدٌ قلَّ  نظيرهُ  ، وعبقريٌ لا يجود  الزمانُ بأمثاله ، فقيهٌ أعطى للفقه نضارةً وتجدّداً  وفيلسوفٌ قارع بفلسفته أكثر الفلسفات إنتشاراً وهيمنةً في الشرق والغرب ، وعالِمُ إقتصاد أعطى للإقتصاد الإسلامى بهاءهُ وعمقه  ، وسياسيٌّ سار على خُطى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله  وسلم وعلى خُطى أمير المؤمنين علي عليه السلام  ، وجهاديّ كربلائي حسينيّ أعطى للرجولة والشهامة حقّها  ، وفجّر في القلوب عزيمةً وإصراراً في مقارعة الطغاة  ، عاش لايداجي ولايُمالي الباطل  ، ولايخشى أعتى الطغاة  ، وأفتى بحرمة الإنتساب الى الحزب المنحرف عن الإسلام وعن الإنسانية  ، ذلك هو شهيد الإسلام  ، والإنسانية،  السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سرُّه  .

كان السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره  ، أمّةً في رجل ، عاش زاهداً ، ولو شاء لتكدّست الأموال تحت قدميه  ، وعاش متواضعاً كما عاش  أجداده الأئمة الطاهرون  ، وقد توسّل به الطغاة أن يسير في قافلتهم فتميل له الدنيا بكل مباهجها وملذّاتها  ، ولكنه أبى أن يكون تابعاً إلاّ لله رب العالمين.

السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره  ، مظلومٌ كجدّه أمير المؤمنين علي عليه السلام  ، وجدّه الإمام الشهيد الحسين عليه السلام  ، ولكنه بهذه المظلومية  ، أعاد للنفوس جوهرها الخالد  بالتحدي للظالمين مهما تكن التضحيات  .

وقد خلَّف لنا سيرةً جهادية سقاها بدمه الطاهر ، كما خلّفَ ثروة فكرية صاغها بفكره العبقري  ، وبذلك العمر القصير نسبياً  ، الذي لم يتجاوز السابعة والأربعين عاماً .

وأنشأ جيلاً رسالياً ليُكمل المسيرة من بعده ، فكانوا ذخيرة للإسلام والاوطان  ، وكان منهم سيدنا العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر  ، حفظه الله  ، الذي تربّى على يَدَيْ السيد  الشهيد  محمد باقر الصدر قدس سره  ، وكان وكيله في بغداد  ، وقد ناله قسط كبير من التعذيب في سجون الطاغية  ، وشاءت حكمة الله أن لاتناله آلة الموت الرهيبة في سجون الطاغية.

مواصلة المسيرة

لقد كان سيدنا الحجة الصدر،  حفظه الله،  معتمدا للسيد الشهيد  ، فأوفى بالعهد  ، وواصل المسيرة  ، فكان صوتاً عالياً في المعارضة ، وصاحب منبر ينطق بالحق  ، وقد أصدر في مغتربه الجهادي صحيفةً تنطق بالحق،  أسماها ( المنبر ) .

وقد واصل جهاده الفكري بعد عودته إلى عرينه العراق الحبيب  ، وكان نشاطه مستمراً على المنابر المتنوعة  ، فأصدر موسوعة العراق الجديد  ، حتى وصل عدد الأجزاء إلى( 77) ، وهو رقم ضخم  ، ويُعلّل سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، بمواصلته هذه الكتابات اليومية،  بقوله : ( إذا كان وضعي الصحي قد حال بيني وبين اعتلاء المنابر في المجالس والمحافل العامة  ، فإنه ليس بمانع من كتابة هذه المقالات الروحية والأخلاقية والاجتماعيــــة فضلاً عن الجوانب السياسية والثقافية ) .

( 41) مقالاً متنوعاً ضمَّ هذا الجزء من الموسوعة  ، وأنت تقرأ هذه المقالات  ، تشعر بمدى معايشة سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، لمعاناة الناس عن كثب ، ويجهر بما يعانية الناس من الناحية الاقتصادية  ، خصوصاً في الآونة الأخيرة  :

( إن الملايين من سكان بغداد يعيشون تحت خط الفقر  ، وناهبو الثروة الوطنية بشتى الطرق والوسائل الشيطانية يعيشون حالة الترف الباذخ هم وأولادهم وعوائلهم وأتباعهم  ، في عملية إثارة مرهقة لمشاعر واحاسيس المستضعفين من المواطنين) .

ويحث سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله،  إلى تفعيل الرحمة بين الناس  ، ( إن الرحمة هي السمة التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان المتوحش  ، فإنْ فُقدتْ فَقَدَ الإنسانُ معناه واتجه إلى البهيمية ) .

ويلتقط سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، بعض لقطات انعدام الرحمة من قلوب كان من الجدير بها أن تكون منبعاً للرحمة ؛ وهما الأم والأب  : ( أين الرحمة حين تُلقي الأم  بولدها في النهر انتقاماً من أبيه  ؟  ، وأين هي الرحمة مِمَنْ يُذيق أولاده الموت الزؤام زاعماً أنه يريد تأديبهم؟  ، وأين هي الرحمة  ، والغش والاحتيال يسودان التعاملات الجارية بيننا كل يوم  ؟ ) .

ويضع سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، يده على أكبر فضائح هذا الجيل ؛ وهو مسألة شراء المناصب  ، ولا شكّ أن هذا العمل لايقوم به إلاّ الذين لبوا الشيطان وأطاعوه ، وكانوا من أعوانه،    وجعلوه قائداً لهم إلى جهنم  ؛

( المطروح في الساحة الإعلامية اليوم أن هناك حقائبَ ومناصبَ تُشترى بالملايين من الدولارات  ، وهذا الأمر لم يكن معهوداً في العراق ، لا في أيام العهد الملكي ولا في أيام العهد الجمهوري قبل 9 / 4 / 2003  .

وتخصيص الملايين من الدولارات للاستحواذ على المنصب  ، يعقبه _ وبكل تأكيد _ مشاريع استنزاف للثروة الوطنية تُعيد للباذل ما  أنفقه للحصول على المنصب مُضاعَفاً  ، وكبش الفداء في الصفقات المواطنون العراقيون..!! ) .

ولسيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، في كتاباته المباركة ، حصة مهمة في الحديث عن أهل البيت عليهم السلام  ، ذاكراً ومذكّراً بأيام ولاداتهم  ، وأيام استشهادهم  ، طبقاً للحديث  الوارد عن الإمام الرضا عليه السلام  ؛ رحم الله مَن  أحيا أمرنا  .

ففي ولادة الإمام المهدي عليه السلام  ، يورد سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، بعض الأحاديث النبوية في هذا الشأن  : قال رسول الله صلى الله عليه وآله  وسلم  :

ابشركم بالمهدي  ، رجل من قريش  ، من عترتي يُبعث في امتي على اختلاف من زلازل فيملأ الأرض قسطاً كما ملئت جوراً وظلماً  ، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ويقسم المال صحاحاً  ، فقال له رجل  : ما صحاحاً ؟ قال : بالسوية بين الناس  ، ويملأ قلوب أمة محمد غنى ويسعهم عدله حتى أنه ينادي مَن له حاجة الي  ؟ فما يأتيه أحد إلاّ فيسأله ويقول : ائت السادن حتى يعطيك فيأتيه فيقول : أنا رسول المهدي إليك لتعطيني مالاً فيقول : احثُ فيحثي ولا يستطيع أن يحمله فيلقى من يكون قدر ما يستطيع أن يحمله فيخرج به فيندم فيقول : أنا كنت اجشع أمة محمد نفسا  كلهم دُعي إلى هذا المال فتركه غيري فيرده عليه فيقول : إنا لا نقبل  شيئا اعطيناه  ) .ويحدثنا سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ، عن الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى ميلاده :

جاء رجل من الأنصار يُريد أن يسأله حاجة فقال له : يا أخا الأنصار  : صُنْ وجهك عن ذُلّ المسألة  ، وأرفع إليَّ حاجتَك في رقعة  ، فإني آتٍ فيها ما يسرّك إن شاء الله  ) .

ونختم جولتنا السريعة هذه مع مقالة( الشعر والفقه القضائي  ).

يقول سيدنا الحجة الصدر  ، حفظه الله  ؛

(.جاء في ديوان (( خواطر وسوانح شعرية))  لسيدنا الوالد المرحوم العلاّمة السيد محمد هادي الصدر  _ وهو من أشهر القضاة الشرعيين في العراق _ قوله  : في سنة 1950 سافر الأخ العلامة أبو جعفر السيد محمد صادق الصدر إلى لبنان  ، فأرسلت له الرباعية التالية :

رحلتَ ومُذْ غبتَ عن ناظري

         دهاني الجوى والهوى المُتْلفُ

وعانيتُ بَعْدَكَ مِن لوعةٍ

        أُصيبَ بها قلبيَ المُدنفُ

إليكَ شكاتي أبا جعفرٍ

          وأنتَ ( بتمييزها ) أعرَفُ

فَعُدْ ( لتصدّقَ) دعوى الهوى

وإلاّ فإنيَ ( أستأنفُ )

حفظ الله سيدنا الحجة الصدر وبارك فيه وعليه وله.



Most Read

2024-09-21 10:49:17