Breaking News >> News >> Azzaman


المسحراتي‭ ‬طقس‭ ‬رمضاني‭ ‬يقاوم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬


Link [2022-04-13 00:58:55]



مهنة‭ ‬متوارثة‭ ‬لا‭ ‬تعوقها‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬تفشي‭ ‬الامراض

دمشق‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬قُبيل‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أذان‭ ‬الجامع‭ ‬الأموي‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬القديمة،‭ ‬يصدح‭ ‬صوت‭ ‬المسحّراتي‭ ‬حسن‭ ‬الرشي‭ ‬وهو‭ ‬ينادي‭ “‬يا‭ ‬نايم‭ ‬وحّد‭ ‬الدايم‭” ‬ليوقظ‭ ‬الصائمين‭ ‬لتناول‭ ‬وجبة‭ ‬السحور،‭ ‬في‭ ‬موروث‭ ‬رمضاني‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬من‭ ‬ليالي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬يخرج‭ ‬حسن‭ (‬60‭ ‬عاماً‭) ‬مع‭ ‬صديقه‭ ‬شريف‭ ‬رشو‭ (‬51‭ ‬عاماً‭)‬،‭ ‬يجوبان‭ ‬الأزقة‭ ‬الضيقة‭ ‬مخترقين‭ ‬الهدوء‭ ‬السائد‭ ‬بقرعهما‭ ‬على‭ ‬طبلة‭ ‬لإيقاظ‭ ‬الصائمين‭. ‬وهما‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثين‭ ‬مسحرا‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التقليد‭ ‬في‭ ‬دمشق‭. ‬ويقول‭ ‬حسن‭ (‬60‭ ‬عاما‭) ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المختلفة،‭ ‬لكن‭ ‬الناس‭ ‬يحبّذون‭ ‬الاستيقاظ‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬المسحراتي‭”.‬

ويضيف‭ “‬أصبح‭ ‬المسحراتي‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬أهل‭ ‬الشام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وهذا‭ ‬تراث‭ ‬لن‭ ‬نتركه‭”.‬

بين‭ ‬أحياء‭ ‬مُنارة‭ ‬وأخرى‭ ‬يسودها‭ ‬ظلام‭ ‬دامس،‭ ‬ينتقل‭ ‬حسن‭ ‬مع‭ ‬صديقه‭. ‬يمسك‭ ‬بيده‭ ‬اليُمنى‭ ‬عصا‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الخيزران،‭ ‬وبيده‭ ‬الأخرى‭ ‬طبلة‭ ‬صغيرة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الفخار‭ ‬ومكسوة‭ ‬بجلد‭ ‬الماعز‭. ‬يسيرُ‭ ‬بخطوات‭ ‬مُتسارعة‭ ‬في‭ ‬الأزقة،‭ ‬ويطرق‭ ‬بعصاه‭ ‬على‭ ‬أبوابِ‭ ‬من‭ ‬يعرفهم‭ ‬وكلّفوه‭ ‬مُسبقاً‭ ‬بإيقاظهم‭. ‬ويتفنن‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬القرع‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬بطريقة‭ ‬إيقاعية‭.‬

ويشرح‭ “‬نشعر‭ ‬بالبهجة‭ ‬حين‭ ‬نخرج‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭. ‬أحياناً،‭ ‬يلحق‭ ‬بنا‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬ويطلبون‭ ‬القرع‭ ‬على‭ ‬الطبلة‭ ‬وترداد‭ ‬نداء‭ +‬قوموا‭ ‬على‭ ‬سحوركم‭.. ‬إجا‭ ‬رمضان‭ ‬يزوركم‭+”.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬الأذان‭ ‬بدقائق،‭ ‬يطرق‭ ‬شريف‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬أحد‭ ‬جيرانه‭ ‬ليشرب‭ ‬كوباً‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬مستبقاً‭ ‬بدء‭ ‬موعد‭ ‬الصيام‭ ‬ليوم‭ ‬جديد‭.‬

وقد‭ ‬يحملُ‭ ‬المسحراتي‭ ‬بيده‭ ‬أحياناً‭ ‬سلّة‭ ‬من‭ ‬القش‭ ‬أو‭ ‬حقيبة‭ ‬من‭ ‬القماش‭ ‬لوضع‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُقدم‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬طعام‭. ‬وهو‭ ‬إجمالاً‭ ‬لا‭ ‬يتقاضى‭ ‬أجراً‭ ‬مادياً‭.‬

ويقول‭ ‬شريف‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ “‬معدّاتي‭ ‬بسيطة،‭ ‬هي‭ ‬صوتي‭ ‬وطبلتي‭ ‬وعصاي‭ (…) ‬لم‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬الواجب‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬حتى‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬تفشي‭ ‬كورونا‭”. ‬

ويُضيف‭ ‬الرجلُ‭ ‬الذي‭ ‬غزا‭ ‬الشيب‭ ‬لحيته‭ ‬الخفيفة‭ “‬سأبقى‭ ‬أوقظ‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬السحور‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬حنجرتي‭ ‬صوتاً‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬الارتفاع‭ ‬والصراخ،‭ ‬إنها‭ ‬أمانة‭ ‬حملتها‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬وسأحمّلها‭ ‬لولدي‭”.‬



Most Read

2024-09-21 10:59:00