Muristek
النعومة والخشونة في صناعة المشكلات – جواد الكعبي
في مقالي “إلى البرلمان الخامس..”، أكدت أن ربط فقدان الأمن الغذائي بالتطورات العالمية الطارئة ما هو إلا محاولة تضليل كبيرة يتبناها مشروع قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، لأن فقدان الأمن الغذائي كان صناعة عراقية بامتياز منذ عشرين عاما.
وقد وجد هذا التأكيد صداه ومصداقيته في خطاب لأحد أكثر السياسيين حضورا واطلاعا وتأثيرا في المشهد السياسي منذ عقدين من الزمن، ألقاه في مؤتمر “القوة الناعمة وتأثيرها على العراق”، المُنعقد في بغداد مؤخرا (“صوت العراق”، 3 نيسان 2022) عندما قال: “اجتهدنا فأخطأنا، وهذا يكفي، إذ تسبب خطأنا في مشاكل كثيرة من بينها الأمن الغذائي وتحول اقتصادنا إلى ريعي.. وعلينا أن نلجأ إلى المنهج العلمي البحثي لحلها”. اللافت في هذا الاعتراف الجريء ليس شجاعة صاحبه وحسب، وإنما في:
-1 اعترافه بعدم استخدامه “المنهج العلمي البحثي” لحل المشكلات، وأظن أنه يعني به عدم توظيف أدوات المنهج العلمي بمثابة “قوة ناعمة”!
-2 إعلانه بأنه يُحرم على نفسه “الاجتهاد” في قادم الأيام، وأظن أنه يُطابق ما بين الاجتهاد الشخصي و”القوة الخشنة” كأدوات لصناعة المشكلات!
… وعلى الرغم من أن الخطاب قد أخفق منهجيا وعمليا في الجمع ما بين النقيضين “النعومة والخشونة” في صناعة الخراب الشامل، لكن يتوجب عليّ الإقرار بثقة عالية بأنه كان خطابا ناجحا، على الأقل في مفصلين أساسيين: ملامسته الصريحة للقوى المُنتجة لمشكلات بلادنا، وتوافقه المنهجي مع … عنوان المؤتمر!
موسكو