Breaking News >> News >> Azzaman


مصنع انتاج الحكومات


Link [2022-04-09 03:13:36]



فاتح عبدالسلام

كل‭ ‬محنة‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬البلد،‭ ‬لها‭ ‬فوائد،‭ ‬لمَن‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يبني‭ ‬ويتقدم‭. ‬أمّا‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يأخذون‭ ‬عبرة‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬صعب‭ ‬أو‭ ‬فترة‭ ‬عصيبة‭ ‬ويمضون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اكتراث،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يستحقون‭ ‬تسلم‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬لأنّ‭ ‬الملايين‭ ‬البشرية‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أيد‭ ‬أمينة‭ ‬معهم‭.‬

‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تضيء‭ ‬للعراقي‭ ‬جانباً‭ ‬من‭ ‬المسارات‭ ‬لكي‭ ‬يرى‭ ‬المشهد‭ ‬واضحا‭ ‬أمامه،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬مستقبل‭ ‬اطفاله،‭ ‬هي‭ ‬طريقة‭ ‬تعاطي‭ ‬السياسيين‭ ‬الفجّة‭ ‬مع‭ ‬مسألة‭ ‬السلطة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توحي‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬بأنَّ‭ ‬هناك‭ ‬استشعاراً‭ ‬بالمسؤوليات‭ ‬الجسام‭ ‬موضوعاً‭ ‬إزاء‭ ‬الملايين‭.‬

‭ ‬اليوم،‭ ‬العراقيون‭ ‬يرون‭ ‬مصالح‭ ‬تتصارع‭ ‬ومقولات‭ ‬بائدة‭ ‬متعفنة‭ ‬يُعاد‭ ‬تلميعها‭ ‬وضخّها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬المنابر‭ ‬السياسية‭ ‬والوجاهية‭ ‬الى‭ ‬الشارع،‭ ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬الصورة‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬البلد‭ ‬وبيد‭ ‬مَن‭ ‬أصبح‭ ‬أو‭ ‬سيصبح‭ ‬لاحقاً‭.‬

المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬الى‭ ‬قوته‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬القناني‭ ‬الفارغة‭ ‬في‭ ‬حاويات‭ ‬المزابل،‭ ‬ليس‭ ‬حالة‭ ‬فردية‭ ‬هنا‭ ‬او‭ ‬هناك‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬تفاصيل‭ ‬الاعمال‭ ‬المشابهة‭ ‬الاخرى‭ ‬غير‭ ‬اللائقة‭ ‬والمحظورة‭ ‬صحياً‭ ‬وبيئياً‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬بالعالم‭. ‬والمواطن‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬الخمسين‭ ‬أو‭ ‬الستين‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬بيت‭ ‬يأويه،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بدلات‭ ‬ايجار‭ ‬لا‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬دفعها،‭ ‬انما‭ ‬حاله‭ ‬حال‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬النفطي‭ ‬الغني‭. ‬

هذا‭ ‬المواطن‭ ‬سيعيد‭ ‬عبر‭ ‬تصرف‭ ‬او‭ ‬موقف‭ ‬او‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬او‭ ‬توجه‭ ‬او‭ ‬مسار‭ ‬أو‭ ‬صرخة،‭ ‬قراءة‭ ‬الوضع‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬المعمعة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬امامه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ويخرج‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬خاسراً‭ ‬منها‭ ‬مع‭ ‬الملايين‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬اليها‭.‬

هناك‭ ‬فقط،‭ ‬استقتال‭ ‬نحو‭ ‬المناصب‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬اختبرهم‭ ‬الشعب‭ ‬سنوات‭ ‬وعجزوا‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬خدمة‭ ‬حقيقية‭ ‬له،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬عن‭ ‬البرنامج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لنهضة‭ ‬البلدان‭ ‬المدمرة‭ ‬شيئا،‭ ‬ولم‭ ‬يقفوا‭ ‬يوما‭ ‬لتدارس‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬المنكوبة‭ ‬بالحروب‭ ‬وكيف‭ ‬نهضت،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مؤهلات‭ ‬علمية‭ ‬متصلة‭ ‬بخبرات‭ ‬متراكمة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬معاً‭ ‬بالداخل‭ ‬والخارج‭. ‬

الخلل‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬عقلية‭ ‬الساعين‭ ‬للسلطة‭ ‬وهم‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬للمهمة‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬عراة‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬نيل‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬العامل‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬بهم‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭.‬

‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬سيظل‭ ‬البلد‭ ‬ينتج‭ ‬حكومات‭ ‬تمثل‭ ‬اغطية‭ ‬سميكة‭ ‬فوق‭ ‬الواقع‭ ‬التعيس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تغييره‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-21 14:38:05