فاتح عبدالسلام
كل محنة يمر بها البلد، لها فوائد، لمَن يريد ان يبني ويتقدم. أمّا الذين لا يأخذون عبرة من موقف صعب أو فترة عصيبة ويمضون من دون اكتراث، فهؤلاء لا يستحقون تسلم مناصب قيادية في السلطة أو المجتمع لأنّ الملايين البشرية لن تكون في أيد أمينة معهم.
من الأمور التي تضيء للعراقي جانباً من المسارات لكي يرى المشهد واضحا أمامه، بما فيه مستقبل اطفاله، هي طريقة تعاطي السياسيين الفجّة مع مسألة السلطة، التي لا توحي حتى الان بأنَّ هناك استشعاراً بالمسؤوليات الجسام موضوعاً إزاء الملايين.
اليوم، العراقيون يرون مصالح تتصارع ومقولات بائدة متعفنة يُعاد تلميعها وضخّها من على المنابر السياسية والوجاهية الى الشارع، وهذا يجعل الصورة أكثر وضوحاً بشأن مستقبل البلد وبيد مَن أصبح أو سيصبح لاحقاً.
المواطن العراقي الذي يسعى الى قوته اليومي من جمع القناني الفارغة في حاويات المزابل، ليس حالة فردية هنا او هناك وانما هي ظاهرة مع اختلاف تفاصيل الاعمال المشابهة الاخرى غير اللائقة والمحظورة صحياً وبيئياً في أي دولة بالعالم. والمواطن الذي تجاوز الخمسين أو الستين من عمره، وليس له بيت يأويه، من دون بدلات ايجار لا يقوى على دفعها، انما حاله حال الأغلبية في البلد النفطي الغني.
هذا المواطن سيعيد عبر تصرف او موقف او وجهة نظر او توجه او مسار أو صرخة، قراءة الوضع العراقي في ضوء هذه المعمعة السياسية التي تمر امامه في كل مرة ويخرج هو الوحيد خاسراً منها مع الملايين التي ينتمي اليها.
هناك فقط، استقتال نحو المناصب من الذين اختبرهم الشعب سنوات وعجزوا عن تقديم خدمة حقيقية له، وهم لا يعرفون عن البرنامج الاقتصادي لنهضة البلدان المدمرة شيئا، ولم يقفوا يوما لتدارس تجارب الدول المنكوبة بالحروب وكيف نهضت، وقبل ذلك معظمهم من دون مؤهلات علمية متصلة بخبرات متراكمة في زمن الخير والشر معاً بالداخل والخارج.
الخلل أساس في بناء عقلية الساعين للسلطة وهم غير مؤهلين للمهمة بكل المقاييس، عراة من أسباب نيل الاستحقاق الا من العامل الطائفي الذي يدفع بهم الى ذلك.
من هنا سيظل البلد ينتج حكومات تمثل اغطية سميكة فوق الواقع التعيس من دون ان تكون قادرة على تغييره.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-21 14:38:05