Breaking News >> News >> Azzaman


لابد من تصحيح المسار – حسين الصدر


Link [2022-04-04 21:53:35]



لابد من تصحيح المسار – حسين الصدر

-1-

هناك بعض الحكايات التي تسربت الى بعض المصادر الأدبية تنطوي على دلالات مهمة،

 وتسليط الأضواء عليها لا يخلو من فوائد جمة .

-2-

ومن تلك الحكايات حكايةٌ أوردها الزمخشري في ربيع الابرار ج1 ص107 جاء فيها :

انّ عشرة فتيان اجتمعوا في بغداد على اللهو وبعثوا أَحَدَهُم في حاجة ،

فرجع وفي يده بطيخةٌ يشمها ويقبلها ، فقال :

جئتكم بفائدة :

وَضَعَ (بِشْر الحافي) يَدَه على هذه البطيخة

 فاشتريتُها بعشرين درهماً تبركاً بموضع يده ،

فأخذها كلُّ واحدٍ منهم يقبلها ويضعها على عَيْنِهِ

فقال بعضهم :

ما الذي بلّغ (بِشْراً)  ما أرى ؟

قالوا :

تقوى الله والعمل الصالح .

قال :

فاني أشهدكم أني تائب الى الله،

واني داخلٌ في طريقةِ بِشْرٍ ، فوافقوه على ذلك ،

وكانت نهاية المطاف شهادتُهم جميعا دفاعاً عن دينهم .

وهنا نلاحظ :

انّ الفتيان الذين اجتمعوا ببغداد للهو ، لم يكونوا بعيدين عن إكبار الزهّاد المخلصين ، وكانت مشاعرهم نحوهم تحفل بالكثير الكثير مِنَ الاحترام القريب من التقديس، والاّ فما معنى شراء بطيخة بعشرين درهماً لا لشيء الاّ لان بِشْرَاً كان قد وَضَعَ يده عليها ؟

ولقد تناوبوا على تقبيل البطيخه وشمّها وضمّها لأن يد (بِشْر الحافي) كانت قد لامستها .

وهذا منتهى التقدير والتبجيل …

وفتيان اللهو اليوم في واد ، والزهاد والوّعاظ المخلصون في وادٍ آخر .

وثمة فجوة كبيرة بين الجانبيْن ،

وهذا التراجع مؤسف للغاية،

 ومن هنا فلا يوفق الذين عزلوا أنفسهم عن الصالحين الى ما انتهى اليه الفتيان الذي اجتمعوا على شيء وضم وتقبيل البطيخة التي لامستها يَدُ بِشْر الحافي  .

والمهم انَّ واحداً مِنْ اولئك الفِتيان أدرك أن ( بِشراً ) نال ما نال من المكانة بسبب سيرته النظيفة الطاهرة العابقة بشذا التقوى والطاعة لله ، وبمقدورهم أنْ يكونوا مثله ،

وهكذا تحوّل الاجتماع على اللهو الى اجتماع على انتهاج الطريق الحافل بالطاعة وصالح الاعمال، وكانت الشهادة النهاية السعيدة لثلة الفتيان الذين سرعان ما عادوا الى رحاب الطاعة والاستقامة، وكما عادت تلك الثلة الواعية من الفتيان الى رحاب الطاعة والاستقامة يمكن للمجاميع الشبابية التي اغواها الشيطان أنْ تنطلق الى مبادرة مماثلة، لاسيما ونحن في شهر الغفران، وفي موسم العتق الالهي من النار .

وليس الامر محصوراً بالفتيان بل هو يمتد ليشتمل كل اللاهين الذين افترسهم الشيطان وصدّهم عن الطاعة وَزَيّنَ لهم السير في درب اللهو الذي لا يقود الاّ الى الندم والخسران  .



Most Read

2024-09-21 22:59:09