فاتح عبدالسلام
أسمع دائماً من الادباء والفنانين، لاسيما في مجالات المسرح والتشكيل والسينما والموسيقى عن حكايات ومواقف عن غياب الدعم الحكومي، لاسيما في المحافظات العراقية التي يمكن أن تكون عيناً لا تنضب في توريد المواهب الى الساحة الثقافية. كما تصلني احاديث عن استحواذات حزبية اقطاعية لحصص الادب والفن والثقافة في بغداد.
ويقولون انَّ كثيراً من المواهب تبددت حين اصيبت بالإحباط. وبالرغم من انني اعلم عن يقين أنّ المواهب الاصيلة تشق الحجر وتخرج للنور مهما كانت الظروف ولا تنتظر دعما من أحد، إلا انّ هناك من زاوية أخرى، حاجة لتوفير حد مقبول من الدعم المادي لبناء أساسات في الحياة العراقية الاجتماعية منها البناء الثقافي الذي يحفظ المجتمع من التطرف والانهيارات العميقة ويمنحه غنى وروحا وهّاجة.
مجالس المحافظات، تبدو غير معنية بالجانب الثقافي والفني وكأنّها كماليات، والسبب يعود الى هزال الشخصيات في بنائها التعليمي والثقافي في معظم المجالس، ونادراً نجدُ هناك مَن يشذ عن هذه الحالة العامة، لكنه غائب وغير مؤثر أيضاً.
في موازنات المحافظات السنوية، هناك بنود للصرف في المجالات الثقافية والفنية، لكنّني سمعت من أكثر من طرف في المحافظات انّها بنود يتم تحويلها الى مشاريع خدمية وبلدية لا ترى النور أصلاً، وتلك مجالات لها بنود مختلفة وخاصة بها في الصرف.
أحياناً، يستعرض بعض المحافظين كرمهم في التبرع لجانب ثقافي في مناسبة معينة، وقد لا يكون ذلك إلا بعد مطالبات ومقابلات عديدة.
أمّا المحافظون الآخرون فقد أدمنوا الوعود أو بالأحرى الأكاذيب، وانشغلوا في تسوية أمورهم مع مجالس المحافظات ومراكز القوى للحفاظ على مناصبهم.
أكثر من مرّة، في هذا المكان تحدثت عن التطرف ووسائل مواجهته الاستراتيجية، وليست الآنية عبر الخيار الأمني، وأنجع وسيلة هي توسيع قاعدة الأنشطة والفعاليات الأدبية والفنية والجامعية والعلمية، على طريق فرز مواهب متفوقة من تلك القاعدة الواسعة. لا توجد عقليات تستوعب التفكير الاستراتيجي في المجالات التنفيذية الحكومية لأنها كلها تعمل يوماً بيوم حتى انقضاء فترة المنصب وهي بنظرهم فترة الغنائم والامتيازات.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-22 00:31:13