فاتح عبدالسلام
لم يكن مصطلح الانسداد السياسي مستخدماً في العراق قبل أن يبرز الخلاف حول الكتلة الأكبر التي ستسمي رئيس الحكومة المقبلة، في حين انّ هناك انسدادات أكبر بكثير لم يكن لها حلول وازدادت مع الزمن، حتى انّ قضية المحاصصة الطائفية في التشكيلات الحكومية التي يتمسك بها فريق سياسي او اكثر الان كانت ابرز الانسدادات التي أعاقت الانتقال الى الدولة المدنية الحضارية المتمثلة بشكل صحيح للخيار الديمقراطي.
ألم يكن الإفلات من العقاب على جرائم الاغتيال والتغييب والتعذيب والتهجير ونهب المال العام وتقاسم الجزء المخفي من مداخيل النقاط الجمركية الحدودية في قلب الانسداد السياسي الذي لا يرى العراقيون حتى اليوم أملا في حلّه؟
هكذا ببساطة، جرى استيلاد مصطلح الانسداد السياسي على افواه سياسيين متضررين، عندما أصبحت بعض الطروحات تعارض مصالح جهات وأحزاب وشخصيات ظلّت تنعم في امتيازات المناصب سنوات طويلة.
البلد كله يواجه انسداداً كبيراً في حل مشكلات أساسية تخص انتاج النفط والغاز بأيدٍ عراقية ومن دون تحويل الاستعانة بالآخرين الى عملية رهن لثروات البلاد، لاسيما انّ العراق من أقدم بلدان أوبك ويمتلك خزيناً متراكماً من الخبرات، بالرغم من تبدد بعضها.
الانسداد السياسي حاصل لأنّ الدستور العراقي لم تتم مراجعته وتعديله وربما كتابته من جديد، بعد سنوات عديدة من استمراء السياسيين لعبة تجاهل الدستور، وهو في وضعه الحالي، واللعب عليه وتوظيفه بحسب مقتضى المصالح والجهات المتنفذة.
التوافقات التي منعت محاسبة الفاسدين واغرقت البلاد بالرواتب الفضائية، تقع في جوهر الانسداد السياسي.
كان للعراق، برغم الاحتلال الأمريكي، فرصة كبيرة حين توجه العالم كله بالأنظار لنهضة البلد كونه في بداية سياسية جديدة، لكن ضاعت الفرصة لعدم قيام طاقم سياسي وطني مؤهل لقيادة البلد، وما كان موجودا هو نتاج التقاسمات الطائفية في الحكم والسلطة، لذلك لم تتم الإفادة من الدعم الدولي والعمل على زيادته اضعافا من اجل بناء كل حجر هدمته نيران الحرب او سنوات الحصار التي سبقتها أيضا وأوقفت نمو البلد منذ ذلك الحين بقرارات الدول النافذة ، فضلا عن الدول عزفت عن البلد وهو يغرق في بحيرات فساد المتنفذين.
مضى ما يقرب من عقدين من الزمن، والعراق في وضع الدولة المشلولة، ولا أقول الفاشلة لأن لا تزال البذرة الطيبة من البلد تعمل وتضحي.
وعوامل الشلل كثيرة ومعروفة ومعاشة
يومياً، وهي عناوين قديمة ومزمنة للانسداد السياسي بمعناه الوطني.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-22 01:05:13