فاتح عبدالسلام
نقطة الخلاف الرئيسة المعلن عنها بلسان أصحابها، هي رفض الانتقال من المحاصصة الطائفية بامتيازات حصرية متناسلة ضمن التقسيم الثلاثي المستنفد، الى حكومة تحمل عنوان الأغلبية وتتسع للمفهوم الوطني الأكبر. حجة الفريق الأول بغض النظر عن عجزهم في مغادرة زواياهم الضيقة في التفكير والمصلحة، فهم يرون انّ العراق لايزال بحاجة الى البقاء تحت خيمة التوافقات لكي لا تميل كفة على كفة وانه لم يصل الى مرحلة اعلى في النضج السياسي، ولا يقدمون توقيتات تقريبية لزمن الارتقاء الى تلك المرحلة ذات يوم، وفي هذا تفاسير شتى يمكن استخلاص إيجابيات مرحلية وسلبيات استراتيجية منها.
أمّا حكومة الأغلبية الوطنية، فهي عنوان الطريق الصعب والمستحق بعد انتكاس التجارب السابقة. غير انه لا يمكن أن تقوم هذه الحكومة لوحدها من دون استكمال مشهد العلاقات البنائية في الحياة الديمقراطية المفترضة، بقيام معارضة سياسية داخل البرلمان ومحيطه، قد تذهب الى تشكيل حكومة ظل بنّاءة، كما في الديمقراطيات العريقة، وهذا حلم في الأفق، لا يمكن تحقيقه، كما لا يمكن لأحد تجاوزه الى حد الإلغاء.
الطريقان ليسا مستقيمين نحو اهدافهما في المرحلة الحالية ذات السمة الانتقالية من حال الى اخر، وهذه السمة الأساس التي ولدت وتشكلت، كاملة او ناقصة، لكن لا أرى علامات تدل على إمكانية التراجع عنها، لذلك لابدّ لقوى المحاصصة والتوافقات من قراءة هذا المتغير الكبير الذي حصل وانتهى، وليس سيحصل ويمكن الاخذ والرد بشأنه.
من خلال هذا التعاطي السياسي وحده مع الخارطة الماثلة اليوم يمكن التوصل الى نقاط التقاء من اجل عدم تعريض البلد لأزمات أكبر مما يعانيه منذ تسع عشرة سنة تعيسة.
ثمة، توجهات واضحة، تغذيها بعض العقائديات السياسية المنغلقة والصدئة والملوثة، تذهب الى الدفع باتجاه صراع الارادات، وليس المنافسة السياسية التي لها عمر زمني دستوري في حدود أربع سنوات تحت خيمة التداول السلمي للسلطة. صراع الارادات طريق طويل نهايته المجهول المرعب، ولا رجوعَ متاحاً فيه.
هنا تكمن الخطورة التي قد يتجاهلها بعضهم اليوم عن علم أو جهل، في سياق معتاد، من غلق العيون والآذان عمّا يحدث في مكان آخر بعيد جداً عن أروقة الأحزاب وقوى النفوذ ودهاليزها وأقبيتها، حيث يعيش هناك الشعب العراقي وحيداً مكشوف الصدر في مواجهة التحديات.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-22 04:53:31