Breaking News >> News >> Azzaman


حرق المقار لغة الاقلية


Link [2022-03-30 05:32:53]



فاتح عبدالسلام

اللجوء‭ ‬الى‭ ‬حرق‭ ‬مقر‭ ‬حزب‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬مبنى‭ ‬قناة‭ ‬فضائية‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬إعلامية‭ ‬أو‭ ‬سفارة،‭ ‬بسبب‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬طارئ‭ ‬ومقحم،‭ ‬يجري‭ ‬تفسيره‭ ‬بشكل‭ ‬انفرادي‭ ‬كما‭ ‬يهوى‭ ‬ذوو‭ ‬الأغراض‭ ‬الخاصة،‭ ‬انما‭ ‬هي‭ ‬عمليات‭ ‬تقوض‭ ‬تدريجيا‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع‭ ‬والعلاقات‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬أيضاً‭.‬

الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الكردستاني،‭ ‬له‭ ‬مقر‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬لم‭ ‬تتحمل‭ ‬وجوده‭ ‬الرمزي‭ ‬أحزاب‭ ‬كثيرة‭ ‬قضت‭ ‬شطراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬النظام‭ ‬السابق،‭ ‬وكان‭ ‬السياسيون‭ ‬الكرد‭ ‬يعاونونها‭ ‬ويساندونها‭ ‬كون‭ ‬الإقليم‭ ‬الأرض‭ ‬العراقية‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬يقفون‭ ‬ويتحركون‭ ‬فوقها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ .‬

‭ ‬حرق‭ ‬مقر‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬الكردي‭ ‬وإلصاق‭ ‬تهمة‭ ‬الإساءة‭ ‬لمقامات‭ ‬دينية‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬بريء‭ ‬منها‭ ‬ومستنكر‭ ‬لها‭ ‬أصلاً‭ ‬وليست‭ ‬من‭ ‬ادبياته‭ ‬الفكرية‭ ‬او‭ ‬مواقفه‭ ‬العامة،‭ ‬عمل‭ ‬سياسي‭ ‬بامتياز،‭ ‬وعقاب‭ ‬افتراضي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تقترب‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬نهجها،‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬القصف‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬أربيل‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع‭.‬

لغة‭ ‬استباحة‭ ‬المقار‭ ‬والمباني‭ ‬وحرقها‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬اخلاق‭ ‬العراقيين‭ ‬ومسارات‭ ‬تفكيرهم،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬ماضية،‭ ‬ولم‭ ‬تحدث‭ ‬الا‭ ‬عند‭ ‬غياب‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬اعقاب‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الامريكية‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬العام‭ ‬١٩٩١‭.‬

الحرق‭ ‬والتدمير‭ ‬والاغتيال‭ ‬والتكسير‭ ‬والتفجير‭ ‬والقصف،‭ ‬لها‭ ‬اثار‭ ‬مدمرة‭ ‬لأنها‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬وتحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬الى‭ ‬ردود‭ ‬مماثلة،‭ ‬وعندها‭ ‬ينهار‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬لأحد‭ ‬مستقر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭.‬

هناك‭ ‬أزمات‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬العراقي،‭ ‬تلوح‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجنبها،‭ ‬اذا‭ ‬استمر‭ ‬التعاطي‭ ‬السياسي‭ ‬المتدني‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬دستورية‭ ‬تقتضي‭ ‬في‭ ‬الاصل‭ ‬الارتفاع‭ ‬والسمو‭ ‬ازاءها‭.‬

الحزب‭ ‬الكردي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬مقره‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬هدفا‭ ‬للحرق،‭ ‬السياسي،‭ ‬طبعا‭ ‬تحت‭ ‬حجج‭ ‬واهية،‭ ‬قام‭ ‬بهدم‭ ‬المقر،‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أيّ‭ ‬هدف‭ ‬بارز‭ ‬يجتمع‭ ‬أصحاب‭ ‬النيات‭ ‬السيئة‭ ‬للتنفيس‭ ‬عن‭ ‬أحقاد‭ ‬سياسية‭ ‬وربما‭ ‬شخصية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصرفات‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬إلا‭ ‬بالضعفاء‭.‬

اغلبية‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬حتى‭ ‬الحليفة‭ ‬منها‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الكردي،‭ ‬“غلّست”،‭ ‬ولم‭ ‬تقف‭ ‬وقفة‭ ‬تصدٍ‭ ‬حقيقية‭ ‬لمنع‭ ‬استهداف‭ ‬مقر‭ ‬حزبي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بما‭ ‬أرادوا‭ ‬عنوة‭ ‬الصاقه‭ ‬به‭.‬

ليسأل‭ ‬سدنة‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬والمدافعون‭ ‬عنها‭ ‬والرافلون‭ ‬في‭ ‬نعيم‭ ‬امتيازاتها‭ ‬الحصرية‭ ‬لهم،‭ ‬أنفسهم‭ ‬مرةً‭ ‬واحدةً‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬عجز‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬البائسة‭ ‬بعد‭ ‬تسع‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬قيامها‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مواثيق‭ ‬شرف‭ ‬تحفظ‭  ‬سياقات‭ ‬الحياة‭ ‬الحزبية‭ ‬بشخوصها‭ ‬ورموزها‭ ‬ومقارها‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬وتعدها‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الحُمر‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬العام‭ ‬للمجتمع؟

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-22 07:57:43