Breaking News >> News >> Azzaman


قراءة الطالع والكف.. تجارة الوهم- قيس الدباغ


Link [2022-03-28 19:13:06]



قيس الدباغ قيس الدباغ

 

إن الذين يمتهنون هذه الحرفة ليس لديهم أدوات للإطلاع على الغيب المستور، ولكنهم يتحركون ضمن إطار ودائرة الغيب الظاهر، فهم يركزون على قراءة الطبائع والعادات ضمن تراتبية المنطق وما ستؤول اليه الأمور المحكومة بالمنطق فمثلا لو سار رجل لوحده وهو مغمض العينين قرب نهر النتيجة المعروفة انه سيسقط في النهر لامحالة وخصوصا اذا تعثرت بقية الحواس مثل السمع والشم بحكم ظاهرة الخوف والإرتياب وعلى هذه القاعدة يبني العرافون تنبؤوهم بما سوف تؤل اليه الأمور فهم يركزون على طبائع البشر وهذه الخاصية تتمتع بها النساء ممن يزاولون هذه المهنه فلو كان المقابل شره في نظراته جشع في مأكله متطلع إلى مافي يد غيره النتيجة المنطقية للقراءة سوف يصاب بأمراض المعدة والقولون وهذا ما سيقوله العراف وبتفحص بقية الظواهر يستطيع العراف أن يخبر المقابل بأنه واقع في حب امرأة أخرى وهذا امر اعتيادي وحتى يضيف للموضوع بهجة يقول العراف وأن المرأة تبادلك الحب ولكن ظروفها الصعبة تمنعها من التصريح بذلك والتلميح وارد وهنا يهز المتابع رأسه بالإيجاب وتلمع عيناه بالدهشة لأن الكلام المسموع يصدق ظنونه البائسة ثم يتبع ذلك كلام مكرر عن حبس الرزق الوفير وأن أسنانك تضحك وقلبك متعب ولاننسى العين الحاسدة التي تتربص به.

وهنا يكاد البائس يطير فرحا لأن العراف وضع يده على كل الجروح التي يعاني منها ولا نستغرب من أن حتى الافراد الذين من نسل احدب نوتردام معجبين بأنفسهم ولايستبعدون احتمال وقوع الشقراوات والغيد الملاح في شباك حبهم وحتى البخيل جدا يرى في نفسه كرم ومروءة لا تتوفر بغيره وهكذا العراف بعد قراءة المقدمة التمهيدية المعسولة التي يلهي بها الزبون وبنفس الوقت يدرس ويتفحص الطبائع التي منها يدخل الى بواطن الأمور هذا في مجتمعنا ولكل مجتمع عادات وتقاليد ومفاتيح يدخل منها العرافون ويبيعون الأحلام مقابل أموال تقل احيانا أو تزيد ولا يقتصر الأمر على الجهلة والسوقه بل أن الموضوع يشمل كل المجتمع طوليا وعرضيا وتزدهر هذه البضاعة عند النساء اكثر لأن الرجل الشرقي بحكم اختلاطه قد تعرض الى ضربات عديدة من بواري مختلفة القياسات وتركت على رأسه علامات فارقة ولكن لايمنع ذلك من تكرار التجربه المشكلة تكمن في أن العراف يسمعك ما انت بحاجة اليه بعد ان يتفرس في طبيعتك والمحاور التي يدغدغ بها مشاعرنا هي أولا الحب من طرف واحد وهي مشكلة عالمية تكثر في البلاد النامية ثانيا المحور الثاني غدر وخيانة المقربين وهي مسألة طبيعية فمن منا لايعاني من هذه المعضلة رغم انها مسألة نسبية وتخضع لوجهات نظر مختلفة وكل ينظر من زاويته المحور العام قلة الموارد وضعفها ونقصد الرزق وعلى هذا المحور يلعب العراف بسهولة لأن طبيعة البشر تحب بشغف شديد الزيادة الوفيرة مهما كان لديه من سعة ووفرة بالأموال، ثم يعرج العراف على مرتكز الصحة والعافية وهو مرتكز يداعب عواطف الزبائن وخصوصا ممن تزيد أعمارهم عن الخمسين.

الإنسان لدى قارئ البخت أو الكف عبارة عن لوحة يقرأ بها العراف ما يريده الزبون أما عن الجن والتابعة والرصد والسحر فحدث ولا حرج فهذه التكتيكات فعالة حتى لدى أساتذة الجامعات ممن يمنحون شهادات الدكتوراه ولقد شاهدت بأم عيني طابور من المثقفين يقفون بأصطفاف أمام حانوت لدجال يبيعهم الوهم مع العسل وحبة البركة ويطرد الجان من أجسادهم ولايأخذ نقود بل يبيعهم عسلا اغلى من المتوفر في الأسواق بعشرة أضعاف ويزيد، وشراء العسل إجباري مع كل جلسة، والعجيب انهم يحملون بأيديهم قوارير الماء لكي يبصق بها الشيخ ثم يعيدها لهم.

في النهاية تجارة الوهم تدر إيرادات مهولة من شمال الوطن حتى جنوبه ولله في خلقه شؤون.



Most Read

2024-09-22 09:30:08