Breaking News >> News >> Azzaman


القطيع البشري الرقمي


Link [2022-03-28 05:13:57]



فاتح عبدالسلام

اللاعب‭ ‬الإنكليزي‭ ‬السابق‭ ‬ديفيد‭ ‬بيكهام‭ ‬يقول‭ ‬ان‭ ‬لديه‭ ‬مائة‭ ‬وخمسين‭ ‬مليون‭ ‬متابع‭ ‬على‭ ‬مواقعه‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهناك‭ ‬مشاهير‭ ‬بعدد‭ ‬أصابع‭ ‬اليدين‭ ‬لديهم‭ ‬اعداد‭ ‬مماثلة‭ ‬وقد‭ ‬يبلغ‭ ‬مجموعها‭ ‬الى‭ ‬ملياري‭ ‬متابع‭ ‬في‭ ‬الاقل‭. ‬وجميعهم‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬والزعامات‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬العالم‭. ‬ثمة‭ ‬سلطات‭ ‬أخرى‭ ‬لها‭ ‬إمكانات‭ ‬السيطرة‭ ‬والتوجيه‭ ‬والتأثير‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬فئات‭ ‬عمرية‭ ‬ووظيفية‭ ‬متعددة‭ ‬وليست‭ ‬متجانسة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أي‭ ‬سياسي‭ ‬تحقيقه‭. ‬فمتابعو‭ ‬ديفيد‭ ‬بيكهام‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬اصحاب‭ ‬شهادات‭ ‬عليا‭ ‬من‭ ‬المهووسين‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭ ‬واخبارها،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬بالكاد‭ ‬يقرأون‭ ‬ويكتبون،‭ ‬وهي‭ ‬فئات‭ ‬تتفوق‭ ‬عددا‭ ‬في‭ ‬تشكيلات‭ ‬القطعان‭ ‬الالكترونية‭ ‬بفعل‭ ‬تأثرها‭ ‬السريع‭ ‬بكلمات‭ ‬أو‭ ‬صور‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬المشاهير‭ ‬بوصفها‭ ‬مُثلاً‭ ‬عليا‭ ‬في‭ ‬التقليد‭ ‬والاقتداء‭ ‬أو‭ ‬المتابعة‭ ‬الحثيثة‭ ‬في‭ ‬اقل‭ ‬تقدير‭.‬

ديفيد‭ ‬بيكهام‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬تجربته‭ ‬مع‭ ‬العدد‭ ‬المليوني‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬شاعرا‭ ‬بثقل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬لأنّ‭ ‬هذا‭ ‬القطيع‭ ‬الذي‭ ‬يتبعه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭ ‬كتل‭ ‬بشرية‭ ‬رقمية‭ ‬عمياء‭ ‬تسير‭ ‬خلفه‭ ‬اينما‭ ‬ذهب،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬يديه‭ ‬فرصة‭ ‬اخذها‭ ‬الى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬والعمل‭ ‬والتفاؤل‭ ‬أو‭ ‬يطيح‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وادٍ‭ ‬مظلم‭ .‬

في‭ ‬بلد‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬أربعون‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬ونسبة‭ ‬الامية‭ ‬عالية‭ ‬جدا،‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬نسبة‭ ‬استخدام‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬باللغات‭ ‬الأخرى‭ ‬منخفضة‭ ‬جدا،‭ ‬وانّ‭ ‬الفيسبوك‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعا،‭ ‬مع‭ ‬انستغرام‭ ‬بنسبة‭ ‬اقل،‭ ‬ونسبة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬رمزية‭ ‬على‭ ‬تويتر‭. ‬غير‭ ‬انه‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬مفردات‭ ‬وبنود‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬خاضعة‭ ‬للتحشيد‭ ‬المنحرف‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬لصالح‭ ‬الاستغلال‭ ‬السياسي‭ ‬والحزبي‭ ‬للدين‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬مساحات‭ ‬مهيئة‭ ‬للشحن‭ ‬الطائفي‭ ‬والعنصري،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬جرت‭ ‬ملاحقة‭ ‬العلامات‭ ‬المؤذية‭ ‬الظاهرة‭ ‬فيها‭ .‬

اننا‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولية‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يوليها‭ ‬الاهتمام‭ ‬العلمي‭ ‬والتربوي‭ ‬الصحيح،‭ ‬ويتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬في‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬والتربية‭ ‬او‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بوصفها‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬التي‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬اختصاصات‭ ‬جهات‭ ‬كبيرة‭ ‬لحساب‭ ‬جهة‭ ‬ثانوية‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭.‬

المسألة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصرها‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬للجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬مثلا،‭ ‬انها‭ ‬حالة‭ ‬وظيفية‭ ‬عظيمة‭ ‬المسؤولية‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬منظمة‭ ‬لتوعية‭ ‬النشء‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬الصحيح‭ ‬مع‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬الحل‭ ‬دائما‭ ‬بحجب‭ ‬مواقع‭ ‬مضرة،‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬الوعي‭ ‬الراسخ‭ ‬هو‭ ‬اهم‭ ‬حماية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬النوافذ‭ ‬المفتوحة‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-22 09:44:20