فاتح عبدالسلام
اللاعب الإنكليزي السابق ديفيد بيكهام يقول ان لديه مائة وخمسين مليون متابع على مواقعه في التواصل الاجتماعي، وهناك مشاهير بعدد أصابع اليدين لديهم اعداد مماثلة وقد يبلغ مجموعها الى ملياري متابع في الاقل. وجميعهم من خارج عالم السياسة والزعامات التي تحكم العالم. ثمة سلطات أخرى لها إمكانات السيطرة والتوجيه والتأثير لاسيما في فئات عمرية ووظيفية متعددة وليست متجانسة، وهو ما لم يستطع أي سياسي تحقيقه. فمتابعو ديفيد بيكهام قد يكونون اصحاب شهادات عليا من المهووسين بكرة القدم واخبارها، وقد يكون بينهم من الذين بالكاد يقرأون ويكتبون، وهي فئات تتفوق عددا في تشكيلات القطعان الالكترونية بفعل تأثرها السريع بكلمات أو صور أو مواقف المشاهير بوصفها مُثلاً عليا في التقليد والاقتداء أو المتابعة الحثيثة في اقل تقدير.
ديفيد بيكهام كان يتحدث عن تجربته مع العدد المليوني من المتابعين شاعرا بثقل المسؤولية، لأنّ هذا القطيع الذي يتبعه من الممكن ان يتحول الى كتل بشرية رقمية عمياء تسير خلفه اينما ذهب، وقد يكون في يديه فرصة اخذها الى بر الأمان والعمل والتفاؤل أو يطيح بها في أقرب وادٍ مظلم .
في بلد مثل العراق عدد سكانه أربعون مليون نسمة، ونسبة الامية عالية جدا، نجد ان نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي باللغات الأخرى منخفضة جدا، وانّ الفيسبوك هو الأكثر شيوعا، مع انستغرام بنسبة اقل، ونسبة تكاد تكون رمزية على تويتر. غير انه الى جانب ذلك هناك مفردات وبنود في التواصل الاجتماعي خاضعة للتحشيد المنحرف عن القيم الوطنية لصالح الاستغلال السياسي والحزبي للدين فضلا عن وجود مساحات مهيئة للشحن الطائفي والعنصري، حتى لو جرت ملاحقة العلامات المؤذية الظاهرة فيها .
اننا أمام مسؤولية لا أحد يوليها الاهتمام العلمي والتربوي الصحيح، ويتم تجاهلها في مناهج التعليم والتربية او التعامل معها بوصفها من الظواهر التي تخرج عن اختصاصات جهات كبيرة لحساب جهة ثانوية ليس إلا.
المسألة لا يمكن حصرها في قسم للجرائم الالكترونية في وزارة الداخلية مثلا، انها حالة وظيفية عظيمة المسؤولية لابدّ من الاضطلاع بها في سياقات منظمة لتوعية النشء الجديد في كيفية التعامل الصحيح مع مواقع التواصل الاجتماعي. ولن يكون الحل دائما بحجب مواقع مضرة، ذلك انّ الوعي الراسخ هو اهم حماية للتعامل مع النوافذ المفتوحة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-22 09:44:20