باريس (أ ف ب) – تمكن برنامج الذكاء الاصطناعي “نوك” الذي صممته شركة NukkAI الفرنسية الناشئة من التغلب على ثمانية أبطال دوليين في البريدج مع أن لعبة الورق الشهيرة هذه كانت لا تزال إلى الأمس القريب معقدة جداً بالنسبة إلى برامج الكمبيوتر.
وأوضح رئيس NukkAI التنفيذي جان باتيست فانتان، أنّ أداء برنامج “نوك” كان يوم الجمعة، أي في نهاية دورة نظمت الشركة مدى يومين، أفضل من أداء اللاعبين البشريين في 83,7 في المئة من 80 مباراة أُجريت.
وفي تصريح أدلت به الخميس، أكّدت البطلة نيفينا سينيور، وهي واحدة من مجموعة لاعبين حضروا إلى باريس للمشاركة في هذه الدورة التي نقلت مباشرةً عبر يوتيوب، أنّ “نوك” هو “الروبوت الوحيد الذي يمكنه التغلب على أبطال” لعبة البريدج.
وأشار براد موس، وهو أحد اللاعبين أيضاً، بعد يوم أمضاه أمام حاسوبه الصغير في مقر شركة NukkAI إلى أنّ “نوك” أكثر تقدّماً من الروبوتات الأخرى التي تلعب البريدج و”يتقن اكتشاف نقاط ضعف خصومه”. ولم يقدّم “نوك” أداءً مثالياً في البريدج لأنّه لم يلعب إلّا جولة واحدة من “العقود” اللازمة في اللعبة.
ولم يلعب البرنامج حتى الجولة الأولى التي تسمى الرهان ويحدد فيها اللاعبون الأربعة العقد المقبل من خلال إعلانات متتالية ومتصاعدة.
واعتبر النائب وعالم الرياضيات الفرنسي سيدريك فيلاني الذي أتى لحضور الدورة أنّ مطوّري “نوك” أثبتوا منذ الآن أنّهم صمموا برنامجاً ”مميزاً ومبتكراً جداً”. وقال فيلاني الذي أعدّ عام 2018 تقريراً برلمانياً استندت عليه استراتيجية الحكومة الفرنسية بشأن الذكاء الاصطناعي “من المذهل رؤية اللاعبين يحللون أداء الكمبيوتر بعد انتهاء المباريات ويحاولون تحسين أدائهم”.
ويكمن السر وراء “نوك” في طابعه “المختلط”، أي قدرته على الجمع بين نوعين من الذكاء الاصطناعي وهما الذكاء “الرمزي” المبني على تراكم القواعد المنطقية، والذكاء “الرقمي” المبني على التلقي المسبق لكميات هائلة من البيانات من خلال شبكات عصبية. ويمنح الطابع المختلط الذي يتسم به البرنامج إمكانية تقديم شروح عن اختياراته، ما يشكّل تحدياً للشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي، إذ هي عالية الأداء لكنها غالباً ما تبقى غامضة في طريقة اتخاذها قرارات غير مفهومة حتى من مصمميها أنفسهم.
وبفضل قدرة البرنامج على تقديم شروح، تفتح NukkAI طريقاً يمكن أن يتيح التوصل إلى “ما يشبه الذكاء أكثر مما رأينا خلال السنوات الفائتة”، بحسب فيلاني.ورأى جان باتيست فانتان أنّ “القدرة على التفسير” أساسية ليبقى البشر مسيطرين على البرنامج، ولكي لا يتفوق عليهم.
وأضاف “لا نطمح للوصول إلى ذكاء اصطناعي يحل مكان البشر، ولكن إلى ذكاء يتعاون بطريقة يحافظ فيها البشر دائماً على السيطرة”.
وقالت الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي والمشاركة في تأسيس NukkAI فيرونيك فنتوس إنّ الهدف في لعبة البريدج هو الوصول إلى ذكاء اصطناعي “يتعاون مع البشر، ويقول لهم+ سألعب هذه الورقة، لكن ما رأيك في ذلك لأنّك قد تملك معلومات لا أعرفها+” كالمعطيات النفسية.
واعتبر المتخصص في قضايا الدفاع النائب فابيان غوتفارد الذي حضر هو الآخر المباراة أنّ تقديم برامج الذكاء الاصطناعي تفسيرات “أمر ضروري جداً” في مجال الدفاع.
وقال غوتفارد الذي أعدّ قبل عامين تقريراً عن أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة “عند الاستعانة بالأسلحة الفتاكة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، من الضروري معرفة كيفية توصلها إلى قراراتها” ،
وتعتزم الشركة الناشئة التي جمعت مليوني يورو في أربع سنوات تكثيف العمل على مشروعها، وتتطلع إلى جمع أكثر من عشرة ملايين يورو لتوسيع نطاق استخدام Nook إلى مجالات متنوعة كالأمن السيبراني أو التعليم أو النقل ، وفقًا لجان باتيست فانتان.
2024-09-21 10:18:09