Breaking News >> News >> Azzaman


المسؤول والحرس والحمايات  – حاكم محسن محمد الربيعي


Link [2022-03-26 01:39:09]



المسؤول والحرس والحمايات  – حاكم محسن محمد الربيعي

تختلف الدول في نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،  ولكل منها عادات وتقاليد تختلف عن غيرها من الدول الاخرى وذلك باختلاف طبيعة واصول هذه المجتمعات ،   وتنعكس هذه التقاليد والعادات  على سلوكيات الناس في كل المجالات ومهما علت سلطة او مسئولية الفرد يجب ان  لا يسلك الا سلوكا مقبولا ومرحب به من قبل المجتمع  ،  وفي حالات السلوك غير المقبول  فللمجتمع كلمته وقراره ازاء ما يراه غبر مقبول وفي قصة رئيس دولة النمسا التي صنفت عاصمتها فيينا افضل مدن العالم للعيش توماس استيل الذي تراس بلاده للفترة من (1992 – 2004) والذي تُوفي في آخر يوم من فترة ولايته الثانية والأخيرة وكان يسكن منذ اربعين  عاما في  شقة من عمارة تقع في الحي الرابع من فيينا،  روى قصة تعامل اهل العمارة معه بعد ان اصبح رئيس للدولة اذ قال كانت تجمعني وزوجتي علاقة حميمة مع كل جيراني في العمارةوكنا نتبادل الزيارات والتحية .

كلما نتقابل على المصعد،  أو في مدخل العمارة،  ونتحدث عن الأولاد والسياسة والحالة الاجتماعية،  وخبر الساعة تمامًا كما يفعل الجيران،  ولكن بعد أن أصبحت رئيسًا للنمسا وجدت تغييرًا في علاقة جيراني بي حيث اصبحت فاترة ،  وعندما يلقي احدهم التحية يلقيها وهو لا ينظر الي وكانه مجبر على السلام ،  واذا انا القيت التحية اكاد اسمع الرد همسا واستمر الحال هكذا لمدة شهرين  ومن كل السكان و جيراني بلا استثناء انتابتني الحيرةُ ،  وسألتُ زوجتي هل هناك ما يستدعي هذا التجاهل  وهل فعلنا شيئا يغضب جيراننا ولكن لم نجد جوابا لسؤالي والكلام للسيد رئيس دولة النمسا الراحل فقررتُ أن آخذ المبادرة،  وطرقتُ باب جاري ،  ولم يعطِ جوابًا ،  وطرقتُ باب الثاني فكانت ذات النتيجة،  ما بال الناس تغيرت نفوسهم من ناحيتي رجعت الى شقتي وانا في حيرة من امري،  طرق بابي في اليوم الثالث المسؤولُ عن العمارة يدعوني إلى اجتماع للسكان كلهم لأمر هام وجدتُ الدعوةَ فرصة لفتح الموضوع مع الجميع ،  لماذا يعاملوني بهذا الجفاء  واذا بجارتي الارملة  تقول انا اقول لك بصراحة ،  كنا قبل ان تصبح رئيسا  للدولة نعيش في هدوء لا سيارات ولا حرس ولا اصوات سيارات الامن،   ولا تفتيش ولا غلق للشارع كانت حياتنا سهلة والان نحن نعيش معك المأساة هذا ما يجعلنا لا نريد أن نتعامل معك ،  لأنك تسببتَ لنا في مضايقات ، واليوم قررنا أن نرفع ضدك قضية بالطرد من السكن في العمارة  إن لم تعد حياتنا كسابقتها ،  يقول الرئيس وكان ذلك  في حوار تليفزيوني خرجت وانا كلي اسف واعتذرت لهم لعدم اهتمامي بجيراني ووعدتهم  ان اكون محل ثقتهم ،  وان اكون جارا حقيقيا  وعلى الفور اتصلت ُ برئيس حراستي وأمرته أن يخلي الشارع من الحراسة ،  وأن لا تصحبني إلاَّ سيارتي وحارسٌ واحد بلا أضواء أو أصوات لهم وعلى  الفور اتصلت برئيس  حراسي وامرته بان يخلي الشارع من الحراسة وان لا تصحبني الا سيارتي وحارس واحد بلا اضواء او اصوات  وان يسحب الحارس المتواجد في مدخل العمارة  وتعهدتُ له أني مسؤول مسؤولية شخصية عن سلامتي لو حدث مكروه .

وبعد يومين عادت الابتسامة  الى جيراني وعادت معهم المودة. هؤلاء هم من انتخبهم الشعب فهم افراد منه ،  عملهم خدمة الشعب وتسهيل حياته لا التضييق عليه . هذا في النمسا وهي دولة معروفة بهدوئها وثقافتها ،  في حين في دول اخرى ،  يتعدد المسؤولين وتتعدد الحمايات والحرس والاليات والاسلحة المتنوعة لحماية مسؤول يفترض هو منتخب والمنتخب لا يخاف لا نه انتخب من قبل الشعب ،  هذا ما يفترض فلم الخوف اذا ،  الخوف في حالات فقدان الامن ولفقدان الامن اسباب وبالتالي علاج اسبابه ضمان في الامن وعدم الحاجة الى الحمايات والحرس التي تزعج الناس وتكلف الدولة أموالا طائلة دون نفع من ذلك المسؤول الذي كلف الدولة وازعج الناس  ،  فهل نستفيد من تجارب الاخرين في بناء بلادنا ونحسن التعامل دون حمايات وحرس وازعاج وصخب ،  ام ان البعض لا يحقق ذاته الا بالمشاهد الصاخبة والات التصوير وتعدد سيارات الحماية التي كانت ومازالت تثقل كاهل الموازنة العامة . نتمنى ان يكون هذا الكلام مفيدا وندعو الله ان يصلحنا جميعا لما فيه مرضاة الله والعود على البلاد بالأمن والامان والبناء والاعمار ،  ان في الاطلاع على تجارب الاخرين منفعة.



Most Read

2024-09-22 13:32:00