العبور من السياسي الى الديني
يختلف المشتغل بالمعرفة المبنية على (خصوصية الحقل والموضوع) عن غيره ممن يتحدثون بأفكار وبيانات ومعلومات قد تضم معارف ، في طبيعة منهج البحث والاستدلالً، وخصوصية الخطوات التي يتخذها للوصول إلى الحقائق من غيره .
في معظم الحوادث السياسية الكبيرة وخصوصاً الحروب او متعلقاتها ، يتم الربط بأشكال مختلفة ما بين الحدث الواقعي وتصورات وافكار تتصل بالجانب الغيبي من الدين ، وهي خطوة تقتضي تجاوز عدة مراحل على نحو الدقة تتمثل في الآتي :
1 – الجزم بمقطوعية الخطاب المتعلق بالمؤدى الغيبي المقصود من خلال القواعد المتبعة في هذا الفن للوصــول الى درجة القطع .
2 – الخلوص الى المعنى الاكثر رجحاناً (ولو على اساس حساب الاحتمالات) من مؤدى النص الغيبي ، بناء على قواعد الفهم المعتبرة في الفن ، وعدم النزوع الى أي تأويل لا يجد تطابق مناسب بين رمزيته واشاراته المباشرة.
3- الجزم بوقوع الحدث المنظور بكل التفاصيل والجزئيات التي تجعله محلاً للإنطباق على الإشارة محل البحث .
هذه الخطوات الثلاثة كما يقال دونها خرط القتاد ، لذا فإن محاولة الخوض في هذا العبور من غير أهله ، لا يتجاوز كونه عبثاً بالعقول وتلاعباً بالأفكار .
هنا لا بد لنا أن نفرق بين الحديث من منطلق بعض القواعد الكلية المسلمة ، وبين تخصيص اللحظة بتصرف معين بعينه ، فمن القواعد العامة :
– كن في الفتنة كأبن اللبون لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب .
– إنما المؤمنون أخوة .
– دفع المفسدة مقدمة على جلب المنفعة .
– كلما أشتدت الظروف وكثرت الأخطار ، تزايد الإحساس العميق بنصر آل محمد صلوات الله عليهم ، وظهور حقهم وبطلان زيف أعدائهم على يدي صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه .
– على المؤمن أن يكون مستعداً (نفسياً وعملياً) للإلتحاق براية الحق البيضاء لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين في كل زمان ومكان ، بغض النظر عن طبيعة الاحداث الجارية .
– أن التذكير بهذه القواعد العامة هو امر هام وضروري ، ويمثل أولويات الدعوة الى الهدى ودين الحق ، لذا لا يحتاج لمن يريد تذكير عامة الناس وخاصة المؤمنين بها ، أن يتأول أموراً لا يؤهله فهمه ومحله العلمي والمعرفي من مقاربتها ، بل يمكنه الندب لها بوصفها أحدى أهم ركائز البعد العملي للإيمان ولحركة المؤمنين .
نعمة العبادي
2024-09-22 13:28:08