كان الأستاذ سقراط يقول: اعرف نفسك بنفسك. والمعلم الأول أرسطو يقول: الدهشة مفتاح المعرفة. وفيلسوف الإغريق أفلاطون كتب السطر الأول من كتابه “الجمهورية” خمسين مرة.
ومنذ ألوف السنين لم يعرف أحد منهم جواباً نهائياً لسؤال. ولا سؤالاً. ولا جواباً. ولا حلاً لمشكلة. ولا نتائج لمقدمات. ولا شيء أعجب ولا أغرب من هذا الإنسان العجيب الغريب.
والمسرحية التي كتبها توفيق الحكيم أعوام الستينات “يا طالع الشجرة” استوحى أحداثها من عالم الأحلام. من شخص رآه يركب القطار ويمدُّ يده في الهواء من النافذة فيأتي بالتذاكر ويعطيها لمن لا يملك تذكرة من ركاب القطار ثم يغيب. والركاب والحكيم وبائع التذاكر في دهشة وذهول مما يجري. إنها من أدب العبث ومن أدب اللا معقول.
وقال لي العالم اللغوي الدكتور فاضل السامرائي إنه مرَّت في حياته سنوات كان كثير الأحلام. وكان يرى في منامه كل يوم مرة أو مرتين من الرؤى والأحلام العجائب والغرائب. وكان حين يستيقظ من نومه يجد هذه الأحداث قد تحققت بالفعل. أو أنها ستحدث كما رآها في المنام بالتمام.
ويقال إن الرحالة الأشهر ابن بطوطة رأى في نومه طائراً أخضر يأخذه من بلدته طنجة ويحمله على جناحيه في رحلة حول الكرة الأرضية استغرقت ثلاثين عاماً طاف خلالها العالم.
وعندما استيقظ صباحاً راح يسأل في البلدة عن مفسِّر للأحلام. فلمّا رآه أخبره أنه سيطوف العالم من جنوب الهند إلى المالديف. ومن اليمن إلى مكة. وكانت البداية من الجزائر إحدى عجائب الدنيا.
ومرة سألت أستاذ علم النفس الدكتور عبد علي الجسماني عن هذه الأحلام فلم يقل لي أكثر مما قرأت للعالم النمساوي الشهير سيغموند فرويد في كتابه “تفسير الاحلام”.
وسمعت من الدكتور مصطفى محمود أن الرؤيا نفحة من نفحات الروح. وأنه في شبابه استيقظ من نومه على رؤيا انتقلت به من الشك إلى الإيمان.
وعندما صدر كتاب “أبي آدم” للدكتور عبد الصبور شاهين، وفي خلاصته يقول: إن آدم هو أبو الناس وليس أبا البشر أو هو ليس أوّلهم.. كنت في القاهرة، ووقفت على جانب من معارك كلامية وقضائية وصلت حد تكسير العظام.
وسمعت من شيخ أزهري أن وحياً شيطانياً ركب شاهين واستولى على عقله، وأن فضيلته جُنّ، وأنه شرب من نفس الكأس التي شرب منها طه حسين وتوفيق الحكيم ونصر حامد ابو زيد!.
وعندما عرف ذلك الشيخ أني ذاهب إلى لقاء شاهين أوصاني قائلاً: ستلاقي عنده أشباحاً وشياطين، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم!.
وذهبت وقابلته، وجلست عنده، وحاورته، وحمدت الله أني لم أجد أشباحاً ولا شياطين في منزل عبد الصبور شاهين!.
وفي مذكرات الفنان يوسف وهبي “عشت ألف عام” يقول كلاماً غريباً: إن الجن اتفقوا على تدمير حياته وتآمروا على إغلاق مسرحه!.
ومرة وجدت نفسي طرفاً في معركة صحفية بين الشيخ أحمد الكبيسي والشيخ جلال الحنفي.. وكان الكبيسي قال: إن الجن حين يتلبّس بالإنسان يُصاب بالسرطان. وردَّ الحنفي بقوة ينفي تلبَّسه، ووصف هذا الرأي بالخرافات!.
وجرَّبت أن أصلح بينهما.. لكن الصلح كان معجزة لا تتحقق إلا بلقاء الجن نفسه، أو العثور على خاتم سليمان!.
2024-09-22 15:35:03